وثيقة لها تاريخ : بيت «الأدلم» اشتراه «المديرس» عام 1864 ثم «العدواني» وثمنته الدولة في الخمسينيات
من الوثائق المهمة التي توضح لنا تسلسل الملكيات القديمة للمنازل في مدينة الكويت وثيقة أطلقت عليها عنوان وثيقة "المديرس والعدواني"، وهي وثيقة كتبها القاضي محمد بن عبدالله العدساني بتاريخ 23 ربيع أول سنة 1281هـ الموافق عام 1864م، أي أن عمرها حالياً أكثر من 150 عاماً.تنص الوثيقة التي كتبت في عهد الشيخ صباح الثاني بن جابر (العيش) الأول على أن كويتياً انتقل إلى رحمة الله تعالى في ذلك العام أو قبله بقليل، وانتقلت ملكية منزله إلى الشيخ صباح بن جابر كون المتوفى لا ذرية له وليس له وريث، وباع الشيخ صباح المنزل لكويتي آخر وهو محمد بن عبدالله المديرس، ابن تاجر الخيل المعروف وصاحب مسجد المديرس الموجود إلى اليوم في الحي القبلي والذي بني في عام 1810م.
ولا تقف الوثيقة عند هذا الحد، بل تشير معلومات كتبت خلفها إلى أن ملكية المنزل انتقلت إلى المرحوم أحمد عبدالعزيز العدواني بعد نحو شهرين من شراء محمد المديرس للمنزل بنفس القيمة التي اشتراها بها من الشيخ صباح بن جابر وهي ألف "قران".وقد ظل البيت في ملك أسرة العدواني إلى حين تثمينه في الخمسينيات من القرن الماضي، توارثه أبناء وأحفاد أحمد عبدالعزيز العدواني، أي أن أسرة العدواني سكنت في هذا المنزل من عام 1864 إلى خمسينيات القرن العشرين أي حوالي تسعين عاما. واليكم نص الوثيقة:"الباعث لتحرير هذه الأحرف هو انه قد باع الشيخ صباح ابن جابر من حامل هذا الكتاب محمد ابن عبدالله ابن امديرس وهو أيضاً قد اشترى منه ما هو له ومنتقل له من عبدالله بن ابراهيم الادلم بانقطاعه (بانقطاعه) من العصبة وذوي الارحام، وذلك البيت المحدود قبلتا بيت عبدالله ابن سيف لعتيقي (العتيقي)، وشمالاً الطريق النافذ، وشرقا بيت المشتري، وجنوبا البدن، بثمن قدره وعدده ألف قران، سلّم الثمن بتمامه وكماله المشتري لمذكور بيد البايع المزبور، فبموجب ما ذكر صار البيت المذكور مالا وملكا لمحمد المذكور من سائر املاكه يتصرف فيه كيفما يشا (يشاء) ويختار، حتى لا يخفى جرا وحرر في 23 ربيع اول سنة 1281".وفي خلف الوثيقة وردت العبارة التالية: "ليعلم به من يراه بان (بأن) البيت المذكور انتقل من ملكي انا يا محمد المديرس وصار في ملك احمد ابن عبدالعزيز العدواني وقبضت الثمن الف قران، حتى لا يخفى في 24 جماد اخر سنة 1281 اقرار محمد ابن عبدالله المديرس".من هذه الوثيقة يمكننا أن نستنبط الأمور التالية: • ملكية المنزل المذكور قبل عام 1281هـ (1864م) كانت لشخص اسمه عبدالله بن إبراهيم الأدلم، انقطعت ذريته وليس له عقب من ذلك العام.• تنتقل ملكية المنازل التي لا يوجد لها ورثة شرعيون إلى أمير البلاد، الذي يحق له أن يتصرف في العقار بما يراه مناسبا، كأن يبيعه أو يستخدمه لأي غرض كان، او يقوم بتأجيره للآخرين.• البيت المذكور يقع داخل السور الثاني والذي عبّرت عنه الوثيقة بكلمة (البِدَنْ) حيث ورد بالوثيقة أن جنوب البيت يقع البدن.• أسرة المديرس سكنت الحي القبلي قبل عام 1864م حسب وثيقة اليوم، ومما هو معلوم أن عبدالله المديرس بنى مسجد المديرس في عام 1810م أي أن أسرة المديرس استوطنت الكويت قبل عام 1810م بفترة غير قصيرة لا نستطيع تحديدها.• أسرة العدواني سكنت الحي القبلي قبل عام 1864م.• المرحوم عبدالله بن سيف العتيقي سكن الحي القبلي قبل عام 1864م حيث انه سكن بجوار المنزل المذكور من ناحية الغرب كما ذكر بالوثيقة.وفي ختام هذا المقال، لا بد أن أشكر الصديق الكريم يوسف بن خالد بن عبدالعزيز بن احمد بن عبدالعزيز العدواني على إهدائي هذه الوثيقة المهمة.