جددت أزمة ارتفاع أسعار السمك التأكيد على ضعف الحكومة وعدم قدرتها على تفعيل وتطبيق القوانين الرقابية، لا سيما الهيئات والأجهزة التي تحمل نوعاً من الاستقلال الإداري، وهو ما يدفع المواطنين إلى التحرك عبر حملات شعبية، على مواقع التواصل الاجتماعي، للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم بعد عجز الحكومة عن القيام بدورها.

Ad

ورغم دخول حملة «#خلوها_تخيس» يومها الثالث، لا تزال الأجهزة الحكومية المعنية ملتزمة الصمت دون اعتبار لمصلحة المواطن والمقيم المتضرر من ارتفاع الأسعار، ودون اكتراث لبحث الأسباب التي دعت أصحاب البسطات إلى رفع الأسعار بهذه الصورة المبالغ فيها، وهو ما يعكس حالة التخبط التي تعيشها الأجهزة الحكومية في التعامل مع مثل تلك الحالات، رغم ما لديها من أجهزة وقوانين تساعدها على القيام بدورها.

ومن أهم هذه القوانين التي أُقرت ولم ترَ أعمالُها النور، قانون اللجنة الوطنية لحماية المستهلك المقر في أبريل 2014 وصدرت لائحته الداخلية في فبراير 2015، بل واستكملت لجانه الداخلية في مارس من العام نفسه، وهو ما ينتفي معه أي عذر لعدم تفعيل دوره من ذلك الحين.

إلا أن السبب الحقيقي الذي يعطل أعمال قانون «حماية المستهلك»، وهو ما لا تستطيع الحكومة إعلانه، تهالك أجهزتها وضعفها في أعمال التأسيس واختيار الكفاءات الوظيفية، ومن ثم التطبيق والتنفيذ والمتابعة والرقابة، والأمر لا يتوقف عند حدود قانون «حماية المستهلك» فقط، بل يمتد إلى الكثير من الهيئات المتخصصة، والقوانين التي أُقرت خلال الفترة الماضية، ولا تزال تبحث عن وزير يتحمل مسؤولياته التنفيذية في متابعة ما سعى إلى إقراره من قوانين.

وإن كان الوزير المختص يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تنفيذ القوانين، التي تقع تحت اختصاصات أعماله، فإن هناك جزءاً آخر لا يقل أهمية يتحمله مجلس الوزراء المعني بمتابعة أعمال وزرائه وبسط رقابته التنفيذية على الأجهزة الحكومية.

«#خلوها_تخيس» أعادت الحياة إلى أفكار جديدة للحملات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونجاحها اليوم قد يساعد في إطلاق حملات شعبوية في مجالات أخرى، وهو حق دستوري لا يُنازَع عليه المواطنون، بعدما خذلتهم الحكومة في الدفاع عن مصالحهم وحمايتها، فهل تسارع الحكومة في تفعيل وتطبيق القوانين قبل أن تتعرض لأزمة أخرى تدفع ثمناً باهظاً لها كما فعلت في حملة إسقاط القروض ومطالبات الكوادر؟ أم تستبق الأمور وتتحرك كما فعلت في القضية الإسكانية؟