لنستعد وجهنا الحضاري
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
تغيرنا كثيراً، وربما لا يشعر المواطن المقيم بهذا التغير، وربما ينكر عليّ نظرتي لهذا الوضع الثقافي المزري الذي نعيشه، ومعه الحق في ذلك، لأنه لا يشعر بهذا التغير مادام جزءاً منه ولا يستطيع أن ينظر إليه من الداخل. يذكرني ذلك بتجربة الضفدع في الماء الذي ترتفع حرارته تدريجياً، فلا يشعر بها ويتأقلم معها حتى تصل إلى درجة حرارة معينة يستكين فيها، ولكن إسقاطه مباشرة في نفس هذه الدرجة يجعله يقفز من الماء.الذين يصرخون اليوم من تردي الوضع، ورغم أنهم لم يشعروا به إلا بعد أن طال ثيابهم، لهم الحق في فتح بوابة الأسئلة الملحة، ليس على الوضع الرقابي المتزمت حالياً، لكن أيضاً على الوضع الثقافي في البلد. ومن يبحثون اليوم عن سبيل لرفع هذه الوصاية، ولا أقول الرقابة الإدارية على المنتج الثقافي عليهم أن يهتموا بما هو أبعد من ذلك. عليهم أن يهتموا بالوجه الثقافي الذي بدأ يفقد أهم ملامحه، الوجه الذي تنتابه عوامل التعرية والتجهيل وتكريس التافه مقابل الجيد. عليهم أن يثوروا، ليس لأن رواية لهم منعت هنا أو هناك، لكن حفاظاً على الإرث الثقافي الكبير الذي تركه جيل التنوير السابق.الصراع الفكري اليوم ليس نزوة مؤقتة لمنع رواية إنما محاولة جادة لإعادة الأمور إلى سابق عهدها على الأقل، إن لم نطمح إلى التطور الطبيعي الذي تمليه سنة العصر. ما نطمح إليه هو عودة كل مكونات ومقومات الحياة الثقافية ابتداء من المسرح المنتهب إلى المقالة اليومية. ما نطمح إليه هو التغير نحو صنع الإنسان الذي يرى إنسانيته في التعامل مع الآخر والتعاطي معه بمساواة حقيقية. ما نطمح إليه هو المطالبة بحرية فكر الآخر لنشعر بحريتنا، أما الاحتجاج اللحظي فسينتهي إلى شيء.