في إطار تفعيل الدور الثقافي للكتاب المترجم، أطلق المركز القومي المصري للترجمة، خطة ربع سنوية لإصدار 125 عنواناَ في التاريخ والفكر والنقد الأدبي، وتوقيع بروتوكول تعاون مع الجامعات لطباعة أمهات الكتب العلمية، وإقامة معارض وندوات تثقيفي للطلاب بحضور المترجمين وهيئات التدريس.

Ad

لفت د. شكري مجاهد، مدير المركز القومي المصري للترجمة، إلى إعادة تصميم وهيكلة دورة الكتاب داخل المركز، بداية من تلقي الاقتراحات حتى مرحلة التسويق، ومعرفة موقع كل كتاب في أية مرحلة من مراحل النشر، ومدى جاهزيته للمرحلة التالية، وفق خطة ربع سنوية للإصدارات، تضم نحو 125 عنواناً خلال الشهرين المقبلين.

أوضح مجاهد أن الفترة المقبلة ستشهد بروتوكولات تعاون مع الجامعات، لترجمة كتب الأصول العلمية، والاتفاق حالياً مع الكليات المختلفة على تنظيم رحلات للطلاب ولأعضاء هيئة التدريس لزيارة المركز ومنفذ البيع، وتخصيص يوم لطلاب كليات العلوم وآخر لطلاب كليات الآداب، وإقامة معارض وندوات تثقيفية داخل الحرم الجامعي.

عاصفة السويس

في سياق متصل، أصدر المركز كتاب «عاصفة على السويس 1956... إيزنهاور يأخذ أميركا إلى الشرق الأوسط» للمؤلف دونالد ديف، ترجمة وتعليق وتقديم عبد الرؤوف أحمد عمرو، ويتناول تداعيات ونتائج أزمة تأميم قناة السويس، باعتبارها الحد الفاصل في التاريخ المعاصر، وعندها انتهى عصر الاستعمار الأوروبي، ومنها بدأت مرحلة جديدة، نالت من خلالها شعوب العالم الثالث حريتها واستقلالها. أشار المترجم إلى أنه رغم مضي نحو نصف قرن على «عاصفة السويس 1956» فإن هذا الحدث ما زال محل اهتمام المؤرخين والباحثين، نظراً إلى ما ترتب عليه من انفراط عقد الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية، إثر القرار التاريخي بتأميم شركة قناة السويس، والذي أعلنه جمال عبد الناصر يوم 26 يوليو 1956، واسترداد الحق الشرعي للقناة، التي اغتصبها الاستعمار من الشعب المصري. صدر {عاصفة السويس} عام 1980، أي بعد مرور المدة القانونية للاطلاع على الوثائق والمستندات، ومن مصادر عدة منها، الوثائق الخاصة بالرئيس إيزنهاور ومذكراته الشخصية، وأرشيف الأمم المتحدة، ويشمل الكثير من المصادر والمذكرات والرسائل والمكالمات الهاتفية والمؤتمرات الصحافية، وحسب المؤلف أنه تمكن من الاطلاع على كل الوثائق التي لم يسبقه أحد إليها.

جاءت أهمية الكتاب، لاعتبارات عدة أولها أنه يتسم بالصدق والموضوعية، ويستهدف الوصول إلى الحقيقة التاريخية، ومؤلفه دونالد نيف يعتبر شاهد عيان بحكم معايشته الأحداث، بالإضافة إلى كونه صحافياً، وعمل مراسلاً لمدة 11 عاماً، وشغل منصب رئيس تحرير صحيفة {التايمز} في عام 1979.

الأندلس والهوية

عن «المركز القومي للترجمة» صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب «الأندلس... بحثاً عن الهوية الغائبة» لمؤلفه خوليو رييس روبيو «المجريطي» ترجمة وتقديم غادة عمر طوسون ورنا أبو الفضل، ومراجعة سري عبد اللطيف، ويتكون من عشرة فصول، ويلقي الضوء على فترة مهمة من تاريخ إسبانيا وتاريخ العالم.

تطرق الكتاب إلى فترة الوجود الإسلامي في الأندلس، وامتدادها إلى قرابة الثمانية قرون، وسعي الغرب إلى طمس ملامح تلك الهوية، ويأتي المؤلف بعد مرور أكثر من خمسة قرون أخرى، ليزيل الغبار عن هذه الحقبة، ويؤكد للعالم أن الفضل يرجع إلى العرب والحضارة الإسلامية في نهضة إسبانيا وأوروبا كلها.

يذكر أن المؤلف خوليو رييس روبيو (71 عاماً) عاشق للتاريخ بوجه عام، وله عدد كبير من الأعمال التاريخية المهمة، منها «عبد الرحمن الثاني، أمير قرطبة وعهده»، «وادي الحجارة ومدنها الزراعية: تاريخ وفن وعادات» و{أفراح وأحزان سلالة البصري أوالأندلسي التائه».

بؤس البنيوية

صدر عن {المركز المصري القومي للترجمة} كتاب {بؤس البنيوية... الأدب  والنظرية البنيوية}، الجزء الأول من سلسلة أسس النظرية الأدبية الحديثة، للمؤلف البريطاني ليونارد جاكسون، وترجمة ثائر ديب. ترتكز فصوله على نقد أعمال ماركس وسوسور وفرويد، والعودة إلى أسس النظريات التاريخية والمنطقية.

لفت المؤلف إلى أن {بؤس البنيوية} يشكل مدخلاً نقدياً إلى الأسس البنيوية، والجزء الثاني يتناول الماركسية، ويتحدث الكتاب الثالث عن الأسس الفرويدية، وتفسر هذه الكتب النموذج النظري الأساسي، وطريقة تطويره وتحريفه، ليصبح جزءاً من اللغة التي يستخدمها منظرو الأدب والثقافة المعاصرون . أوضح المؤلف أن {بؤس البنيوية} لا يفترض مسبقاً أن شيئاً من تلك النظريات صائب أو خاطئ، وأنه توجه بكتابه لنوعين من الجمهور أولهما الطالب الجامعي والقارئ العام اللذان يرغبان بمعرفة المزاعم التي أطلقتها النظريات البنيوية وبعض نظريات ما بعد البنيوية، والثاني هو الاختصاصي المهيأ لتقديم بعض السجالات ضد تلك المزاعم.

موت الناقد

كذلك صدرت النسخة العربية من كتاب {موت الناقد} للباحث رونان ماكدونالد، وترجمة فخري صالح، وتتناول فصوله ظاهرة غياب الناقد الأكاديمي عن الحياة الثقافية، وانسحابه إلى صومعته، وحضور نظيره الانطباعي، وتراجع دور الفكر التنويري ودوره في تشكيل ذائقة ووعي القارئ. اعتبر ماكدونالد أن {موت الناقد} وثيق الصلة بالتحولات الثقافية والمعرفية، واتساع دائرة النشر عبر الإنترنت، وتزايد سطوة النقد الانطباعي، وتراجع الدراسات النقدية، المتخصصة في مجال النقد الأدبي والفني في الحياة الثقافية، والحضور الشاحب للناقد الأكاديمي. لفت ماكدونالد إلى تحول جذري في دراسة الآداب والفنون، بحيث حل القارئ غير المتخصص محل القارئ المتخصص، الذي يعمل في المؤسسة الأكاديمية، أو حتى في الصحافة السيارة التي أتاحت في عقود سابقة تأثيراً واسعاً للنقاد، ونشر مقالاتهم وتعليقاتهم في المجلات المتخصصة والملاحق الثقافية التي تصدرها الصحف الغربية الكبرى.

يذكر أن رونان ماكدونالد أكاديمي بريطاني، تخرج في جامعة ريدنغ، ويعمل الآن أستاذاً بجامعة نيو ساوث ويلز بسيدني في أستراليا، وهو مدير لمركز الدراسات الإيرلندية في ذات الجامعة.  أما المترجم فخري صالح، فكاتب وناقد أردني من أصل فلسطيني، ويحمل درجة الماجستير في الأدب الإنكليزي، ومن ترجماته، {النقد والإيدولوجية}، و{المبدأ الحواري} و{الاستشراق}، وله عدد كبير من المؤلفات منها، {دفاعاً عن إدوارد سعيد} و{قبل نجيب محفوظ وبعده}.