فرضت تداعيات الأزمة المالية واقعاً جديداً، وأوجدت تحولات استراتيجية في قرارات كثير من المستثمرين، ومن أبرز التداعيات تلك التحولات الرامية إلى إلغاء رخص نشاط الأوراق المالية،  وهو نتاج طبيعي في ظل الأزمة.

Ad

15 شركة استثمار، جملة الضحايا الجدد لاستمرار تعثر السوق المالي وتراجع "بزنس" ادارة الأصول، وضيق ومحدودية الفرص الاستثمارية عموما.  

فوفقا للطلبات الرسمية التي تم تقديمها رسميا الى هيئة اسواق المال من شركات مالية واستثمارية فقد تمت الموافقة على الغاء تراخيص 10 شركات مالية او الغاء نشاط الأوراق المالية لديها، فيما يتم النظر في موقف 5 شركات اخرى على طاولة المناقشة والبحث في طلب الإلغاء.

هدف الغاء تراخيص شركات الاستثمار او شطب نشاط الأوراق المالية ، يأتي  بالدرجة الأولى بهدف الخروج من تحت رقابة ومظلة هيئة اسواق المال.

وتقول مصادر الشركات المالية ان البقاء تحت مظلة هيئة اسواق المال يتطلب بنية قوية من جهة وبيئة اقتصادية صحية وشركات ايضا اكثر قوة مالية قادرة على تحقيق الربح ولديها مصادر دخل متنوعة.

واضافت ان القانون الحالي وجملة التعليمات والقرارات الأخرى المنظمة لطبيعة عمل الشركات المالية، باتت صعبة وتحتاج الى كيانات قوية ونوعية محددة، مشيرا في ذات الوقت الى ان ما يحدث من تغيير في خريطة الشركات المالية حاليا هو عملية اعادة ترتيب وتبويب للسوق من جديد واعادة تصنيف ليبقى الأصلح والقادر على ادارة وحماية حقوق المساهمين والمستثمرين.

وبالنظر في خريطة ادارة الأصول يتضح ان حجم الأصول المدارة تحت شركات القطاع الاستثماري بلغت العام الماضي 12 مليار دينار منها 83 في المئة اي ما يعادل 9.9 مليارات دينار لدى 5 شركات فقط، ما يعني ان باقي الشركات الـ95 المتبقية في السوق المالي عموما المدرة وغير المدرجة تتشارك في 17 في المئة فقط وتكاد تكون نسب بعض الشركات معدومة جدا ولا تذكر واخرى لا يوجد لديها دينار واحد لعملاء تحت الإدارة.

كما ان ظروف البورصة التي لاتزال ترزح تحت تداعيات الأزمة وتفتقد للثقة تنفر المستثمرين واصحاب السيولة من اللجوء الى اللسوق او الى الشركات المالية لفتح محافظ او الشراكة في انظمة الاستثمار الجماعي كون العائد لا يضاهي المخاطر، وفرص الخسائر اكبر من الربح.

مصادر مالية متابعة اشارت الى ان ترخيص شركة الاستثمار بات عبئا كبيرا على المساهمين والإدارة التنفيذية في آن واحد، وتحديدا بالنسبة للشركات الحديثة او التي ليس لديها رصيد وباع طويل في ادارة الأصول ولديها من الأرباح والفرص البديلة التي يمكنها ان تتكئ عليها لفترة اخرى حتى تتحسن ظروف وأوضاع السوق.

على الجانب الآخر، ماذا يفيد الغاء ترخيص شركة استثمار او نشاط الأوراق المالية؟

1- رأسمال شركة الاستثمار يتطلب 15 مليون دينار، بينما يمكن لاي ترخيص آخر، وفق التعديلات الأخيرة التي ادخلتها وزارة التجارة والصناعة على قوانينها، تأسيس كيان ابتداء من الف دينار.

2 - اللجوء اكثر نحو الشركات القابضة بعيدا عن عبء التعليمات الرقابية وتحديات تعليمات الحوكمة وغيرها.

3 - مرونة اكبر في العمل والمتاجرة في انشطة روتينية مختلفة كالمضاربات في العقار وغيرها من الأنشطة باستثناء ادارة الاصول للغير، حيث يمكن الحصول على حساب تداول للشركة فقط  كما هو قائم حاليا.

4 - خفض كبير للمصاريف التشغيلية المتعلقة بتعيينات مراقبي حسابات وجهات استشارية وقانونية وغيرها من الهياكل التنفيذية وادارات المخاطر التي تتطلبها الجهات الرقابية.

5 - اخيرا، يقول مصدر انه لا جدوى كبيرة تذكر في الأفق القريب، حيث ستبقى الشركات الخمس المهيمنة على "بزنس" ادارة الأصول كما هي خصوصا وانها تمثل كبار المجاميع المالية وهي بمثابة شركات عائلية تدير غالبية اصول الملاك، بينما "البلوكات" المالية التي كانت تتكون من صغار المساهمين تلاشت بسبب الخسائر الباهظة التي لحقت بها.

جدير ذكره ان هناك بنوكا كانت بين الجهات التي الغت وصفت بالكامل شركات استثمارية تابعة لها، بعد ان تيقنت ولمست صعوبات في استمرارها، والأكثر من ذلك هو تحمل مصاريف عالية في ظل انعدام الجدوى والفائدة المرجوة كما كان متوقعا قبل الأزمة.

وقد تراجعت ارباح الشركات المدرجة حاليا، خصوصا بعض الشركات العريقة والكبيرة، بشكل كبير وباتت لا تتجاوز 5 ملايين في افضل الأحوال، فضلا عن تحقيق اخرى لخسائر مستمرة للعام السادس على التوالي.

يذكر ان خروج شركات الاستثمار من تحت مظلة جهات الرقابية اخذ اكثر من خطوة حيث تعثرت شركات ثم خرجت من البورصة ثم انتهى بها المطاف الى الغاء نشاط الأوراق المالية بعد ارتفاع الأكلاف ونضوب مصادر الإيراد.