وصلت حماسة المخرج حسين فوزي لنعيمة عاكف، إلى حد أنه قرر أن يقدمها إلى السينما، مهما كلفه الأمر. غير أنه لم يكن يملك المال الكافي لإنتاج فيلمه الذي كتبه من أجلها، بعدما استطاع خلال وقت قصير، أن يعرف كل شيء عنها. ليس هذا فحسب، بل عرف طبيعتها، ومما تشكل منه فكرها، وما الذي ينفعها ويناسب هذه التوليفة البشرية؟ وما الذي لا يكون مناسباً لها. كتب لها موضوعاً سينمائياً وضع فيه الكثير من تفاصيل تكوين وطبيعة نعيمة، ووضع له عنوان «العيش والملح». وما إن انتهى من كتابته حتى راح يعرضه على شركات الإنتاج البارزة على الساحة، سواء القديمة، أو حديثة العهد بالإنتاج، غير أنها كلها رفضت إنتاج الفيلم، إما لموضوعه، لأنه يتناول أجواء شعبية في حارة في حي شعبي اسمها «حارة العيش والملح»، وهي أجواء يرى المنتجون، أنها لن تناسب أبناء الطبقة التي يضعونها نصب أعينهم، ويراهنون عليها في «شباك التذاكر» عندما ينتجون فيلماً جديداً، أضف إلى ذلك أن بطلة الفيلم وجه جديد، لم يسبق لها العمل في السينما، ناهيك عن إصرار المخرج على أن يكون البطل أمامها وجهاً جديداً أيضاً، ما ضاعف من حجم المغامرة، وحولها في نظرها إلى «مخاطرة» وخيمة العواقب.

Ad

كان الرفض هو الرد الوحيد من جهات الإنتاج كافة التي عرض عليها حسين فوزي فيلمه الجديد، ولم يبق أمامه سوى الشركة الجديدة «نحاس فيلم».

انتهى الأشقاء الثلاثة غبريـال، أدمون، وشارل نحاس مع شريكهم أنطوان خوري من تأسيس شركة «نحاس فيلم»، ثم بناء الاستوديو الخاص بهم بالمشاركة مع الفنان الكبير يوسف وهبي، وراحوا يستعدون لتقديم أول إنتاج للشركة، ولهذا قرر المخرج حسين فوزي أن يعرض عليهم فيلمه الجديد «العيش والملح»، الذي وضع فيه عصارة خبرته ككاتب سيناريو ومخرج، مستمداً أحداثه من وحي عشقه الأجواء الشعبية، وأهل «الحارة» المصرية، وعلاقاتهم الحميمة، ظناً منه أنه سيفتح آفاقاً جديدة في السينما المصرية:

 

= أنا اللي كاتب السيناريو وهاخرجه. وعامل فيه مفاجأة هاتقلب موازين السينما المصرية.

- رائع أستاذ حسين... رائع. وشو هي المفاجأة هذه؟ ولا مفاجأة علينا أيضاً؟

= لا لا أبداً... بنت جديدة اكتشفتها. بس إيه لهلوبة!

- شو لهلوبة وما لهلوبة؟

= أنا قصدي حاجة جنان...تهوس.. ترقص وتغني وتتنطط وتتكلم وتعمل كل حاجة في وقت واحد.

- وشو اسمها ها البنت اللهلوبة؟

= نعيمة عاكف. 

- نعيمة عاكف!! شو قدمت نعيمة هادي من قبل.. ماني سامع فيها.

= أيوا ماحدش يسمع بيها خالص... بقولك اكتشافي يا خواجة شارل.

- وجه جديد يعني؟

= بالظبط.. وجه جديد.

- لكن لا تواخذني.. هذه مغامرة غير محسوبة.

= اسمي الضامن

- اسمك ع العين والراس.. لكن نحن بنريد للشركة تقدم نفسها للسوق السينمائي العربي

= وفيلم «العيش والملح» هايكون أفضل تقديم لشركة «نحاس فيلم». 

- شو «العيش والملح»... الفيلم اسمه العيش والملح؟

=  أيوا توليفة شعبية ما حصلتش قبل كدا... وهاتشوف النتيجة.

- النتيجة باينة أستاذ حسين. عيش وملح وتوليفة شعبية ووجه جديد.

= مش فاهم تقصد إيه؟

- لا تواخذني أستاذ حسين... نحن بنريد الشركة تنجح بفيلم ثقيل وأسماء رنانة لها وزنها... مو وجه جديد وعيش وملح.

= صدقني لما تشوف نعيمة هاتقتنع بيها جداً.

- طب أنا عندي اقتراح تاني بيعجبك. شو رأيك أنا بوافق على رواية «العيش والملح» بشرط نغير البطلة... وأنا عندي لك هدية بتطير العقل. مطربة لبنانية جديدة اسمها نجاح سلام... صوتها ولا أروع...بضمان الموسيقار محمد عبدالوهاب. وهيك بنضرب عصفورين بحجر... بنقدم الرواية بتاعتك... وبنضمن نجاح الفيلم. غير هيك أنا ما بقدر أغامر بمصرياتي.  

= أستاذ شارل. إذا كنت أنت هاتغامر بكام ألف جنيه ممكن يتعوضوا. أنا بغامر باسمي وتاريخي اللي مش ممكن حاجة تعوضهم. أنا براهن على الفيلم وبنعيمة عاكف بكل تاريخي.ودلوقت لك حرية القرار، يا تعمل الفيلم وتجني ثمار المغامرة... يا إما ترفض وتبدأ بالفيلم المضمون اللي أنت شايف أنه ممكن يرفع اسم الشركة للسما.

- قوللي أستاذ حسين شو هي ميزانية العيش والملح؟

= الميزانية أهي جاهزة... بالكتير عشرين ألف.    

- أنا موافق... إحنا ها نعمل الفيلم جنب فيلم كبير... من شان تكون المغامرة محسوبة... والمخاطر قليلة. 

قررت شركة «نحاس فيلم» أن تنتج «العيش والملح» إلى جانب فيلم آخر، قد تتجاوز ميزانيته مئة ألف جنيه، وهو إنتاج ضخم، حشدوا له عوامل النجاح كافة: القصة والسيناريو والحوار، كتبها الفنان الكبير يوسف بك وهبي، الذي يعد بلغة التجارة «ماركة مسجلة» أي أن عملاً يتصدى له كمؤلف أو مخرج، أو ممثل، مضمون النتيجة، ولا بد من أن يكون إيراده ضعف ما وضع فيه من ميزانية، ويضاعف من فرصة النجاح أن تكون البطلة أمامه الفنانة ليلى مراد، أهم بطلة سينمائية على الشاشة، سواء كممثلة أو مطربة، وصاحبة أهم وأنجح أفلام استعراضية غنائية في الأعوام الخمسة الأخيرة. لذا فالنتيجة مضمونة سلفاً.

كتب يوسف وهبي قصة وسيناريو وحوار فيلم «شادية الوادي» الذي لم تختلف أحداثه عما يدور في الكثير من الأفلام السائدة في تلك الفترة، وهي تحكي قصة الفنان «وحيد فخري» الذي يسافر إلى باريس مع اثنين من أصدقائه، وبعد سنوات طويلة في أوروبا، يتخطى خلالها عمره الخامسة والأربعين، يعود إلى مصر، يبحث عن صوت جديد، فيذهب إلى الريف ليشاهد احتفالاً في أحد الموالد، حيث يعثر على فتاة ريفية تدعى «عيوشة» تغني بصوت ساحر لم ير له مثيلاً، فيعرض عليها السفر معه من أجل الشهرة والمجد، فترفض وتطلب مهلة للتفكير. يعود إلى القاهرة حزيناً. ثم تهرب الفتاة من جحيم أهلها، لكنها لا تعرف مكان «وحيد» لتذهب إليه، فتقودها الصدفة للوصول إليه، فيأخذها ويصنع منها نجمة لامعة في الغناء. إلا أنها تقع في غرامه، لكنه يعرف أن أيامه في الحياة معدودة، فيحاول أن يدفعها إلى حب مطرب الفرقة، ويستمر في التضحية بحبه حتى يمرض ويشرف على الموت، لكن محبوبته تنهار على المسرح، فيتحامل على نفسه ويذهب إلى المسرح ليقود الأوركسترا كي تنجح، ويموت وهو يؤدي رسالته الخالدة نحو صنيعته ومحبوبته. أخرج يوسف وهبي الفيلم وتولى بطولته أمام كل من ليلى مراد وأحمد علام، وحسن فايق، وكارم محمود، وعبد السلام النابلسي. 

 

الرهان

 

في مقابل ذلك، أراد المخرج حسين فوزي، بعد موافقة الشركاء الثلاثة في «نحاس فيلم» أن يخوض المغامرة إلى النهاية، فكما بطلته وجه جديد، وقع اختياره على شاب جديد أيضاً، لم يسبق له الوقوف أمام كاميرات السينما أو المسرح، بل لم يسبق له التمثيل على الإطلاق، إلا أنه يتمتع بصوت مميز ارتبط به حسين من خلال الميكرفون، فبطله الجديد مذيع في الإذاعة المصرية منذ تخرجه في الجامعة.

اختار سعد حسن عبدالوهاب، ابن شقيق الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، شاب يكبر نعيمة بعام، فهو من مواليد عام 1929، عاش طفولته وشبابه في كنف عمه، ورغم التحاقه بكلية الزراعة، فإنه قرر دراسة الموسيقى والغناء في معهد الموسيقى، لعشقه لهما بسبب عمه، غير أنه فور تخرجه التحق بالإذاعة المصرية ليعمل في تقديم البرامج، ورغم براعته كموسيقي، ولمعان صوته، فإن عمه الموسيقار محمد عبد الوهاب لم يمنحه الفرصة للظهور كمطرب، مثلما منحها لغيره، ليس كرها فيه، لكن حباً في أن يعتمد على نفسه، ويشق طريقه اعتماداً على موهبته فقط، ليقتنع به حسين فوزي كمطرب وملحن، ويقرر أن يمنحه الفرصة أيضاً كممثل يقوم بدور البطل في أول تجربة له على الشاشة.   

لم يراهن حسين فوزي على نعيمة عاكف وسعد عبد الوهاب فحسب لإنجاح الفيلم، بل إن رهانه الأول كان على موهبته هو كمؤلف ومخرج. راهن على نفسه قبلهما، إذ اعتبر موهبته كمخرج والموضوع الذي يدور حوله الفيلم، بطلين آخرين إلى جانب الأعجوبة نعيمة، والصوت الواعد سعد.

 

رهبة النجاح

 

انتهى حسين فوزي من وضع كل الترتيبات النهائية لبدء تصوير الفيلم، وبقي أن تتدرب بطلته عليه من خلال التمرينات:

 

= إيه قريت السيناريو يا نعيمة. متهيألي أنت دلوقت بقيتي لبلب في القراية والكتابة.

* أيوا قريت بس ما فهمتش أنا هأعمل إيه في الفيلم؟

= يا خبر زي بعضه... بقى أنا عمال أحارب كل ده علشانك... وأنت مش عارفة هاتعملي إيه؟ أنت هاتعملي دور بثينة... بوسبوس.

* إيه؟ أنت بتقول إيه يا أستاذ؟ دي بوسبوس البطلة.

= والله!! ما كنتش أعرف؟ ما أنا عارف يا نعيمة... مش برضه أنا اللي كاتب الرواية دي ولا إيه؟

* أيوا يا أستاذ بس أنا.. أنا.. أنا...

= أنت إيه؟ أنت مش كنت عايزة فرصة... آهي الفرصة جت لحد عندك أهو.. ورينا بقى.

* أنا مش مصدقة نفسي يا أستاذ. أنا هأموت من الفرح يا أستاذ. أنا حاسة أن قلبي هايقف يا أستاذ.. أنت أعظم أستاذ في الدنيا يا أستاذ.   

= بس بس.. مافيش داعي للكلام ده كله.. وكمان ماعندناش وقت نضيعه.

* وأنا جاهزة يا أستاذ.  

= شوفي يا نعيمة... وجودك في الفيلم تحدي للعالم كله... وتحدي لنفسي قبل العالم. يا نعيمة أنا كأني قاعد على ترابيزة قمار. وحطيت كل اللي ورايا واللي قدامي... وحياتي ومستقبلي عليك. ويا إما خسرت أنا وأنت كل حاجة... وإما كسبت أنا وأنت كل حاجة.

* ما تخافش يا أستاذ أنا هأرفع راسك لفوق... لفوق أوي لحد ما تطول السما... بس الله يخليك بلاش سيرة القمار دي اللي بتخرب البيوت.

 

انتهت التدريبات، وبدأ حسين فوزي تصوير الفيلم، الذي ضم إليه إلى جانب نعيمة وسعد عبدالوهاب، كلاً من عباس فارس، لولا صدقي، سعيد خليل، حسن فايق، عبد المنعم إسماعيل، مختار حسين، حسن كامل، وداد حمدي، وسعاد أحمد. كتب الحوار بديع خيري، الأغاني أشعار حسن توفيق، وحسين السيد، ووضع الألحان علي فراج، فيما أهداهم الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب لحن أغنية «أحبك».

لم يشأ حسين فوزي أن يبدأ مع نعيمة بمشاهد تحتاج إلى تمثيل قوي، خشية أن يحولها الخوف من الوقوف أمام ممثلين متمكنين من قدراتهم، قدموا عشرات الأفلام، إلى فشل لن يستطيع حسين أن يستعيدها منه، فقرر أن يبدأ بما هو أقرب إليها، حتى تعيش في البداية أجواء العمل الفني، وتحدث الألفة بينها وبين الممثلين، ثم يدخل إلى عالم الشخصية الحقيقي. 

قرر حسين فوزي أن يبدأ في اليوم الأول للتصوير بمشهد استعراضي غنائي راقص طويل، تؤديه الشخصية «بوسبوس» في قصر «بهجت بك»، ويتناول خلاله الحفل الذي يستعين فيه «المعلم عقلة» بثلاثة من أهل الحارة لمساعدته في تقديم المشروبات والمأكولات. ويوافق الثلاثة الذين يؤدون شخصياتهم حسن فايق ومختار حسين، وحسن كامل، على اصطحاب نعيمة معهم إلى الحفل، غير أنهم يفشلون في إدخالها، فتدبر هي حيلة، وتستطيع الدخول بصحبة أحد المدعوين، الذي يصادف أنه صاحب مسرح استعراضي كبير، غير أنه يندهش من تلك الجرأة التي تتعامل بها تلك الفتاة التي تذوب وتختفي بمجرد دخولهما الحفل، لتقودها الصدفة إلى صاحب الحفل والقصر، بهجت بك، لتطلب منه أن يقوم على خدمتها، فهي ظنت أنه أحد الخدم الذين يقومون بالخدمة في الحفل، لأنه يرتدي سترة بيضاء، بعدما أفهمها الثلاثة من أهالي الحارة، كيفية التفريق بين الخدم والباكوات بمجرد النظر، فالباكوات يرتدون ملابس السهرة السوداء، في حين أن الخدم يرتدون السترة البيضاء. وبعد التعرف إليه تخبره بأنها فنانة تجيد الرقص والغناء والاستعراض، فيسخر منها. ورغبة منه في توريطها، يزف للمدعوين خبر تقديم «بوسبوس» استعراض راقص غنائي، فيضج الجميع بالضحك والسخرية منها، خصوصاً أن شكلها وملابسها لا يوحيان بأنها فنانة قادرة على ذلك. 

في صباح يوم التصوير، دخلت نعيمة الأستوديو، أسلمت نفسها أولا إلى أنامل خبير الماكياج وبعده مصفف الشعر، ليضعا عليها تفاصيل وشكل شخصية «بوسبوس» التي ستجسدها، ثم ارتدت ملابسها، لتتجه بعدها إلى بلاتوه التصوير. وقفت دون أن تتحدث إلى أحد، كما لم تذهب إلى حسين فوزي حتى لتلقي عليه التحية، بل ظلت صامتة تلقي التحية على الجميع بهز رأسها ومجرد ابتسامة يملأها الرعب، تتحرك بين الديكور وأجهزة الإضاءة، وهي في دهشة من أمرها، تسيطر عليها مشاعر عدة متناقضة، بين الخوف من الفشل، والفرح إذا ما نجحت، بين الرهبة والقلق، تشعر بأنها انتقلت إلى عالم آخر ساحر، تمنته طويلاً. غير أنها لم تدرك أنه يمكن أن يكون مخيفاً إلى هذه الدرجة، فالتجربتان اللتان خاضتهما في السينما من قبل، لم تقدم فيهما أكثر مما تقدمه كل ليلة على خشبة ملهى «الكيت كات» كراقصة ومطربة. لكنها هنا ستكون الأولى، في كل شيء، ستمثل أولا، وترقص وتغني ثانيا، ستسلط عليها كل الأضواء، وتتجه إليها كل الأعين، سيكون كل شيء محسوبا عليها، أو لها.

 

البقية الحلقة المقبلة 

فيلم «العيش والملح»

وضع حسين فوزي في أحداث الفيلم توليفة سينمائية لم تكن مألوفة في السينما المصرية في ذلك الوقت، أحداث بعيدة عن حياة القصور والفيلات، بعيداً عن حياة الباشوات والعزب والأطيان، والميلودراما التي تصل إلى حد المبالغة الفجة. اختار أن تكون بطلته بثينة أو «بوسبوس»، الفتاة الشابة التي لم تبلغ العشرين من عمرها، والتي ولدت وعاشت طفولتها في «حارة العيش والملح» الشعبية، غير أنها تركتها في طفولتها مع والدها الذي انتقل بحثاً عن الرزق، والذي أوصاها قبل أن يموت، بأن تعود إلى حارة «العيش والملح» مؤكداً لها أن أهلها سيكرمونها. تلجأ بثينة إليهم بالفعل، ويتسابق أهل الحارة على أن تعيش في بيت كل منهم، «الفكهاني، والعجلاتي، وصاحب المطعم، وشيخ المسجد» ليفوز بكفالتها «الحاج بهنسي» صاحب المطعم.

تصل «بثينة» الحارة، فيما أهلها ينتظرون نتيجة ابن الحارة «صابر» في امتحان دبلوم التجارة، وخلال رحلة ذهابه لمعرفة النتيجة، يصطدم ببثينة وهو يقود دراجته، ويحدث بينهما شجار كبير. غير أنه ما إن يعود حاملاً شهادته، ويحتفل به أهالي الحارة، حتى تقترب منه بثينة فتتولد بينهما مشاعر ود تتحوَّل إلى حب.  

يساعد أهل الحارة صابر ويفتحون له مكتباً للمحاسبة. يعرض المعلم «عقلة» صاحب محل العصير، على ثلاثة من أهالي الحارة الذهاب معه لمساعدته في العمل بحفل كبير لدى أحد البكوات، فتذهب معهم بثينة متنكرة، وفي الحفل تدعي أنها مطربة وراقصة، فترقص وتغني، ويعجب بها كل من في الحفل، وعلى رأسهم «بهجت بك» فتنتهز الفرصة وتطلب عملاً لديه لصابر، حيث تقنع بهجت بأنه زوجها، فيوافق على أمل أن تدفع الثمن. ويظن أهالي الحارة، وعلى رأسهم صابر أنها سلكت طريقاً شائكاً لا يتفق مع طبائع «حارة العيش والملح». يبدأ صابر في الهجوم عليها منتقداً تصرفاتها ثم يساعد الثلاثة الذين ذهبوا معها من الحارة لإثبات براءتها. غير أن أهل الحارة يقررون طردها منها، فتهرب بثينة وتعمل في ملهى ليلي، في الوقت الذي يتعرض فيه صابر لضغوط من شلة الفاسدين الذين يعملون لدى «بهجت بك» حتى لا يكشفهم، ويحاولون الإيقاع بينه وبين صاحب الشركة، ويتضامن أهل الحارة ثانية لإثبات نزاهة صابر، ويستطيع صابر كشف الفاسدين، في الوقت الذي يكتشف بهجت بك نزاهته، وحب بثينة له، وحبه لها، فيقرر بهجت الإبقاء عليه في عمله وترقيته، وتعود بثينة ابنة «العيش والملح» إلى الحارة، وإلى حبيبها صابر.