عادت فظائع تنظيم «داعش» إلى الواجهة مجدداً، مع إقدامه على ذبح المدير السابق لآثار مدينة تدمر السورية، العالم خالد الأسعد، المعروف بنشاطه المتكاتف لسنوات مع بعثات غربية قامت تحت إشرافه بعمليات حفر وبحوث في أطلال وآثار عمرها 2000 عام.

Ad

بعد اعتقال دام قرابة الشهر، أعدم تنظيم "داعش" المدير السابق لآثار تدمر التاريخية السورية، الدكتور خالد الأسعد، عبر قطع رأسه وسط حشود من الأهالي في مسقط رأسه بالمدينة الواقعة بريف حمص الشرقي.

وقال مدير عام الآثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم، لوكالة فرانس برس، أمس، إن عالم الآثار والتاريخ "خالد الأسعد أعدم على أيدي جهاديي التنظيم بعد ظهر الثلاثاء"، مؤكدا أنه "أحد أهم الخبراء في عالم الآثار، وكان يتحدث ويقرأ اللغة التدمرية، وكنا نستعين به لدى استعادة التماثيل المسروقة لمعرفة ما إذا كانت أصلية أم مزورة".

وأوضح عبدالكريم أن الضحية خضع لاستجواب مع ابنه وليد، المدير الحالي لآثار تدمر، والذي أفرج عنه بسبب معاناته من آلام في الظهر، لمعرفة مكان وجود كنوز الذهب "غير الموجودة".

ونشرت مواقع جهادية صورا تظهر جثة الأسعد معلقة على عمود أثري، وعليها لافتة تحمل اسمه عنوانها: "المرتد خالد محمد الأسعد... موال للنظام النصيري"، وتحتها دوّن الجهاديون في حقه 5 اتهامات الأولى: "ممثل عن سورية في المؤتمرات الكفرية"، والثانية: "مدير لأصنام تدمر"، والثالثة: "زيارته إلى إيران وحضور حفلة انتصار ثورة الخميني"، والرابعة "تواصله مع العميد عيسى رئيس فرع فلسطين"، والخامسة: "تواصله مع العميد حسام سكر بالقصر الجمهوري"، وهي التي من أجلها ذبحوه.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أيضا إعدام الأسعد، الذي مثّل بلاده في مؤتمرات في الخارج، واستقبل شخصيات دولية ووفود عالمية رفيعة، مشيرا إلى أن الجهاديين قطعوا رأسه "أمام العشرات في ساحة متحف تدمر"، التي سيطر عليها في 21 مايو بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام استمرت 9 أيام.

أهمية الأسعد

وسبق الأسعد أن قام بدراسات علمية عدة نشرت مترجمة إلى معظم اللغات الحية في عدد من الدوريات الأثرية العالمية عن تدمر، وحصل في 1956 على إجازة بالتاريخ من جامعة دمشق، وبعدها دبلوم في التربية.

وفي اصطفاف نادر، نعت أطياف من المعارضة والنظام على حد سواء عالم الآثار والتاريخ السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، منددة بوحشية "داعش" وطريقة تنفيذه عملية الإعدام، وتعليقه على عمود أثري أشرف هو بنفسه على ترميمه، وفقا لموقع "اكتشف سورية" المختص بالتراث والآثار، الذي وصف الفقيد بأنه "من أعيان تدمر، وعرف باعتداله الفكري والديني".

ضرب «الأسايش»

في السياق، استهدف انتحاري "داعشي" بسيارة مفخخة، أمس، مقر قوات الأمن الداخلي (الأسايش) في قامشلو (القامشلي) التابعة لمحافظة الحسكة، ما أسفر عن مقتل 40 مقاتلا كرديا مدنيا، وإصابة أكثر من 50 شخصا.

وإذ أكد مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن "الانفجار كان ضخماً جداً والقوات الأمنية الكردية طوقت المنطقة"، أوضح الناشط والصحافي آرين شيخموس أن السيارة المفخخة استهدف المنطقة الصناعية شرقي القامشلي بالقرب من أحد مراكز قوات "الأسايش" الكردية، مشيرا إلى أن مباني كبيرة دمرت في شارعين بالمدينة، التي يتقاسم الأكراد والنظام السوري السيطرة عليها.

«داعش» يتبنى

وفي بيان على الإنترنت، تبنى "داعش" العملية الانتحارية، موضحا أن أحد عناصره قاد صهريجا مفخخا عند مقر القيادة العامة لقوات "الأسايش" وقتل أكثر من 40 بينهم قياديون من الأسايش، إضافة إلى إصابة العشرات.

دوما المنكوبة

إلى ذلك، أصدر المجلس المحلي لدوما بياناً أعلن فيه المدينة الواقعة في غوطة دمشق الشرقية منكوبة وفق كل المعايير الدولية والإنسانية والأممية.

ووثق البيان حادثتين خلال شهر أغسطس الجاري قام فيها طيران النظام باستهداف المدنيين العزل في السوق الشعبي والتجمعات السكنية والمؤسسات المدنية، موضحا أن المجزرة الأولى سقط فيها نحو 30 مدنيا وأصيب أكثر من 150، في حين تسببت الثانية بسقوط أكثر من 150 قتيلا وجرح أكثر من 500 مدني منهم العشرات من الأطفال.

المعلم

سياسياً، ووسط مواقف متحفظة لدمشق والمعارضة السورية من الخطة السياسية التي أقرتها الأمم المتحدة للوصول الى انتقال سياسي في سورية لحل الأزمة التي تعيشها البلاد،  قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إنه لا توجد مبادرة مكتملة حتى الساعة لحل الأزمة في سورية، "بل أفكار حملها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وتمت مناقشتها مع الجانب السوري الذي سبق له أن ناقش مع الجانب الروسي أفكارا مشابهة".

ورفض المعلم تأكيد حصول لقاءات بين رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو نفيها، مبينا أن "اشتراط البعض تخلي سورية عن حزب الله وإيران لن يقبل مطلقا".

كما أعرب المعلم عن تفاؤله بالاتفاق النووي الإيراني، "الذي سيكون من نتائجه بدء الحوار الخليجي - الإيراني الشهر المقبل، على أن يزخم بعد توقيع الكونغرس الأميركي الاتفاق".

بوغدانوف

من جهته، كشف نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن "موسكو بدأت التحضيرات العملية لمؤتمر جنيف 3"، مشيرا الى أن "نتائج مشاورات المعارضة السورية في موسكو والقاهرة يجب أن تشكل قاعدة للمفاوضات مع دمشق".

ولفت بوغدانوف الى أن مبادرة روسيا لتشكيل تحالف ميداني يجمع بين السعودية وتركيا وإيران والنظام السوري لمكافحة "داعش" حظيت بـ "تأييد واسع في الغرب والشرق الأوسط".

(دمشق- أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)

صد تسلل إلى الزبداني والنظام يتقدم بسهل الغاب

جددت قوات النظام السوري القصف المدفعي والصاروخي على مدينة الزبداني من نقطتي الأتاسي والمعسكر وسط تواصل عملياتها الجوية على مختلف الأحياء، في حين أسرت فصائل معارضة عددا من الجنود وعناصر "حزب الله" اللبناني، على أطراف المدينة بريف دمشق خلال محاولة توغل فاشلة.

وفي حماة، واصلت قوات النظام هجوما مضادا بدأته أمس الأول من قرية ‏جورين بسهل الغاب تحت غطاء بري وجوي مكثف، ‏لاستعادة قرى عديدة خسرها في معاركه أمام "جيش الفتح"، الذي أوقف هجومه مؤقتا على ما تبقى من القسم الغربي للسهل، بعد استهداف انتحاري من "‏‏داعش" اجتماعا لحركة "أحرار الشام" الإسلامية، قضى فيه أهم قادتها العسكريين.