يتعين أن ننسب الى شركة فايزر إنجازاً، لم يكن أحد يظن أن بالإمكان القيام به، فقد وحدت المشهد المشتت للسياسات الأميركية، إذ لم يكن هناك أي خلاف بين مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة، الذين ما كانوا ليتفقوا على أي شيء آخر، في الموقف من قرار الشركة نقل نشاطها الخاضع للضريبة الى ايرلندا.

Ad

ووصف دونالد ترامب تلك الخطوة بأنها «مثيرة للاشمئزاز». واعتبرها بيرني ساندرز «كارثية»، بينما قالت هيلاري كلينتون، إن تلك الخطوة تشجع «دافعي الضرائب الأميركيين على مغادرة البلاد».

وتشعر بأسف لحال الرئيس التنفيذي لشركة فايزر ايان ريد– فبعد كل شيء كان قراره منطقياً نتيجة لقوانين الضرائب غير المحتملة التي فرضها السياسيون على نشاطه.

ودافع عنه زميلي جيوف كولفن بالقول إنه ببساطة ينفذ «واجبه المؤتمن عليه من أجل خدمة مصالح المساهمين». ويصح هذا الجدل إذا كنت تنظر الى الأجل القصير فقط.

ولكن المشكلة تكمن هنا، في أن «فايزر» موجودة في خضم نوعين من فوضى السياسة العامة الأميركية، النظام الضريبي المتعلق بالشركات، والنظام الخاص بتسعير العقاقير.

ويلحق النوع الأول الضرر بالشركة من خلال جباية واحد من أعلى معدلات الضرائب على الشركات في العالم (35 في المئة) مع حد عالمي يجعل الشركات الأميركية في وضع غير مؤات بصورة خطيرة أمام منافساتها الأجنبيات، مما يدفع تلك الشركات إلى وضع مليارات الدولارات من الأرباح خارج الولايات المتحدة، بغية التهرب من الضرائب القاسية.

ويعمل النوع الثاني بشكل رائع لمنفعة «فايزر»، فالولايات المتحدة وحدها بين الدول الكبرى تمنع الحكومة من تنظيم أسعار الأدوية، وبذلك فهي تسمح للشركات بجني أكبر أرباحها في الأسواق الأميركية.

ويتعين إصلاح السياستين معاً. ومهما بدا ذلك غير محتمل في الوقت الراهن فلابد أن يتم إصلاحهما في نهاية المطاف. والوضع الراهن، مع هروب المزيد من الشركات من البلاد في كل سنة فيما تقوم شركات الأدوية مثل تيورنغ Turing وفاليانت Valeant برفع أسعار العقاقير الى مستويات فاحشة- هو وضع لا يمكن أن يدوم.

والسؤال الحقيقي هو كيف سيتم الإصلاح؟ هل يحاول الكونغرس بناء جدار برلين حول الشركات الأميركية من أجل فرض أنظمة قاسية على أسعار الأدوية؟ أم هل يعثر على طريقة تسمح لشركات الأدوية الأميركية للتنافس بصورة عادلة في العالم وتحقق أرباحاً كافية في الولايات المتحدة لتحفيز البحث؟ ذلك في مصلحة فايزر والصناعة والأمة. ولكن فرار فايزر -ولا توجد كلمة أخرى لوصف قرار الشركة التي تأسست قبل 160 سنة في تغيير مقرها الضريبي- سيشعل الخلافات المتنامية بشأن التجارة في الحزبين السياسيين، وزيادة احتمال اتباع المسار الأول العكسي الحصيلة.

وفي ذلك الخصوص تبيع الشركة مستقبلها. إنه قرار سيئ وستستمر عواقبه فترة طويلة.