أكدت محكمة الجنايات في حكم بارز لها أن النائب  العام ليس المقصود بالحماية الجزائية في  المادة 147 من قانون الجزاء وإنما القضاة الذين يصدرون الأحكام القضائية وبالتالي  تعاقب المادة على من يشكك في تلك الأحكام.

Ad

في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة الجنايات براءة النائب السابق عبدالرحمن العنجري وأحد المذيعين في إحدى القنوات القضائية في القضية المرفوعة من النيابة العامة بناء على البلاغ المرفوع من وزارة الإعلام ضد النائب السابق والقناة، على خلفية انتقاد النائب العام والنيابة العامة في المقابلة التلفزيونية، لعدم انطباق النص التجريمي الذي يجرم المساس بالقضاء على النائب العام والنيابة العامة.

ورأت المحكمة أن النص التجريمي ينطبق على القضاة الذين يتولون الفصل في الدعاوى القضائية، وبالتالي فهو يجرم المساس والتشكيك فيهم، ولا ينصرف إلى النائب العام أو النيابة العامة.

وقالت إنها تشير تمهيداً لقضائها إلى أنه من المقرر بنص المادة 167 من الدستور أن (تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها، ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها، ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء ووفقاً للأوضاع التي يبينها القانون).

وقالت المحكمة في حيثياتها، إنه من المقرر بنص المادة 57 من قانون تنظيم القضاء أنه (يقوم بأداء وظيفة النيابة العامة النائب العام وعدد كاف من المحامين العامين الأول، والمحامين العامين، ورؤساء النيابة العامة ووكلائها، ويحل أقدم المحامين العامين الأول أو المحامين العامين محل النائب العام في جميع اختصاصاته عند غيابه أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه).

 كما أنه من المقرر بنص المادة 147 من قانون الجزاء أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وغرامة لا تجاوز 150 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص أخل بوسيلة من وسائل العلانية المبينة في المادة 101 بالاحترام الواجب لقاض، على نحو يشكك في نزاهته أو اهتمامه بعمله أو في التزامه لأحكام القانون، ولا جريمة إذا لم يجاوز فعل المتهم حدود النقد النزيه الصادر عن نية حسنة لحكم قضائي، سواء تعلق النقد باستخلاص الوقائع أو تعلق بكيفية تطبيق القانون عليها).

 إضفاء الحماية الجزائية

وأوضحت أنه «لما كان ذلك وكان البين مما سلف أن النيابة العامة هي الجهة التي أسند إليها الدستور تولي الدعوى العمومية باسم المجتمع، وكان النائب العام هو من يتولى وظيفة النيابة العامة، وكان يخرج عن نطاق وظيفة النيابة العامة وفقاً لنص المادة 167 من الدستور، والمادة 9 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والمادتين 53، و54 من قانون تنظيم القضاء إصدار الأحكام القضائية، فإن نص المادة 147 من قانون الجزء لا ينطبق على الواقعة محل الاتهام، لأنها تضفي الحماية الجزائية للقاضي بمناسبة أدائه لعمله في إصدار الأحكام القضائية على نحو يحميه من التشكيك في نزاهته أو اهتمامه بعمله، أو في التزامه لأحكام القانون، وهو ما تنتهي معه المحكمة إلى براءة المتهم النائب السابق من الاتهام المستند إلى نص المادة 147/1 من قانون الجزاء».

وقالت محكمة الجنايات «لما كان ذلك عن الاتهام المسند للنائب السابق على سند من نص المادة 13 من قانون الإعلام المرئي والمسموع، فإنه لما كان من المقرر بنص المادة سالفة البيان أنه (يعاقب كل من المدير العام للقناة ومعد ومقدم المادة الإعلامية وكل مسؤول عن بثها بالعقوبة المقررة بالمادة 29 فقرة أولى من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 في حالة مخالفة الحظر المنصوص عليه في المادة 11/2 من هذه القانون، ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر).

وأضافت أن النص في قانون المرئي قرر العقوبة الواردة به على كل من المدير العام للقناة ومعد ومقدم المادة الإعلامية وكل مسؤول عن بثها، وكانت الأوراق قد خلت من صلة المتهم النائب السابق بالقناة من حيث كونه أحد العاملين بها أو مسؤولا عن البث أو مديرا لها، ومن ثم فإنه لا يخضع لأحكام النص سالف البيان، ويكون حرياً القضاء ببراءته من الاتهام المسند إليه والمستند إلى نص المادة 13/1، 2 - بند 2 من قانون الإعلام المرئي والمسموع.

وبينت المحكمة أن الاتهام المسند للمتهم بوصفه الاشتراك مع باقي المتهمين، فإنه لما كانت النيابة العامة أسندت الاتهام إليه بوصف الاشتراك الوارد بنص المادة 48/2 من قانون الجزاء - فضلا عن مواد الاتهام الأخرى سالفة البيان-، وكانت المادة 48 من قانون الجزاء تنص على أنه (يعد شريكا في الجريمة قبل وقوعها: أولا-... ثانيا: من اتفق مع غيره على ارتكاب الفعل المكون للجريمة، فوقع بناء على هذا الاتفاق».

 براءة المتهمين

وتابعت «ولما كان ذلك وكان مؤدى الاتفاق كوسيلة من وسائل الاشتراك في الجريمة قبل وقوعها هو تقابل الإرادات على ارتكاب جريمة ما، وكان هذا الاتفاق لا يفترض إنما يجب أن يقوم الدليل عليه في التحقيقات على نحو يقطع باتجاه إرادة الفاعلين إلى ارتكاب الفعل الذي اتفقوا عليه، ولما كانت الأوراق قد خلت من وجود اتفاق بين المتهم الأخير وباقي المتهمين على ارتكاب الفعل المسند لباقي المتهمين، فإن المحكمة تقضي والحال كذلك ببراءته من الاتهام المسند إليه بوصف الاشتراك وفقاً للمادة 48/2 من قانون الجزاء».

 وذكرت «لما كان الاتهام المسند للمتهمين الأول والثاني بوصفهما مذيعين، والثالث بوصفه معد برنامج، والرابع بوصفه مخرجا، والخامس بوصف مدير قناة فضائية، وخلت الأوراق من أن المتهمين قد انصرفت إرادتهم إلى المساس بالنائب العام من خلال بث ذلك التسجيل، بل كان مجرد عرض لجزء من كلمة قالها المتهم الأخير وقبله آخران في ندوة قد أقيمت، فإن المحكمة تقضي ببراءة جميع المتهمين مما أسند إليهم عملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية».