ظهور المذيعين في الأعمال الفنية...
ضرورة أم استثمار للنجاح؟
أثار ظهور إعلاميين في مجموعة من الأعمال الفنية، آخرهم دينا عبدالرحمن في فيلم «نوارة» إلى جانب المذيعين الإخباريين أحمد بصيلة ومسعد أبو ليلة، ردود فعل متباينة بين مرحب بهذه الخطوة ومعترض يفضل أن يحافظ كل شخص على المهنة التي وجد أساساً لها.
تطرح تساؤلات حول تكرار مشاركة بعض الإعلاميين في المسلسلات والأفلام، ومدى الإضافة من خلالها، بتعبير أدق هل هي نوع من مصداقية يبحث عنها صانعو الدراما بإسناد أدوار الإعلاميين في أعمالهم إلى أصحاب المهنة الحقيقية والتي يحفظها الجمهور؟ أم محاولة لاستثمار نجومية الإعلاميين في أعمال تبحث عن جماهيرية وانتشار، أم تراها «موضة» حققت نجاحاً للبعض فلجأ البعض الآخر إليها؟ هل شريف عامر ومعتز الدمرداش وعمرو أديب وغيرهم يبحثون عن فرصة للتمثيل أم هذه الظاهرة مجرد مجاملات لصانعي العمل؟استغلال الشهرةتصف الناقدة الفنية ماجدة موريس هذا الأمر بأنه استغلال لشهرة المذيعين واستثمار لشعبيتهم لدى الجمهور، بغض النظر عن المصداقية الدرامية، خصوصاً أنهم يظهرون بشخصياتهم الحقيقية ويؤدون أدوارهم نفسها، مشيرة إلى أنه ليس بالضرورة أن يجيد الإعلامي أدواراً مسندة إليه، بل يعجز أحياناً عن الظهور في تلك الأعمال بنفس خفة الظل والتمكن اللذين يظهر بهما في برامجه الخاصة. تضيف: «ليس مطلوباً من هؤلاء الإعلاميين أن يكونوا موهوبين ليؤدوا أدوارهم ببراعة، بل أداء المشهد بأفضل درجة من الإتقان»، ملقية تلك المهمة على عاتق مخرج العمل لمساعدتهم في تقديم أدوارهم، لأنهم إعلاميون وليسوا ممثلين، وعليه مساندتهم لتقديم دورهم الدرامي بشكل لا يضر بعملهم ومكانتهم. تتابع أن ممثلين كثراً لديهم القدرة على تجسيد شخصية الإعلامي أو المذيع داخل الأفلام والمسلسلات، ما يؤهلهم لأداء هذا الدور على أرض الواقع، «فرأينا البعض يشارك في برامج حقيقية، على غرار حسين فهمي وأشرف عبد الباقي وشريف منير غيرهم»، مؤكدة أنهم نجحوا كمذيعين في برامج المنوعات والمسابقات الغنائية، لذا بإمكانهم أداء هذا الدور في لقطات الأفلام بمنتهى السهولة، ولا يتطلب مجهوداً، لكن مشاركة ممثلين في برامج كمذيعين هو التحدي الحقيقي. ملامح خاصةيصف د. صفوت العالم، أستاذ الإعلام، خوض المذيعين مجال التمثيل بـ»الظاهرة» عازياً ذلك إلى كثرة البرامج الحوارية التي أفرزت وجوها جديدة، ومشيراً إلى أن لوظيفة المذيع ملامح خاصة جعلتها مهنة متكاملة الأركان كالضابط أو الطبيب، وبات من المطلوب تناولها درامياً، وينتظرها جمهور السينما ليرى نجمه الإخباري في عباءات أخرى.يضيف: «لا شك في أن ثمة استغلالاً لشهرة الإعلامي، إذ يُستعان به تحت اسم «ضيف شرف»، ويظهر بهيئته الحقيقية وشخصيته في الواقع، ويتابع الناس نبرته وأداءه وتقمصه لدوره. هذا الأمر ليس حديث العهد وإنما يمتد لسنوات سابقة ومتعارف عليه».يلفت إلى أن المذيع والمعلق الرياضي محمد لطيف ظهر في أفلام للتعليق على مباريات ضمن حوادث درامية، كذلك حسين مدكور أو علي زيور وهما مذيعان قديمان، وأن هذا الأمر «غير ضار» ولا يشهد تداخلا في الاختصاصات أو غيره، وهو موجود في أعمال أجنبية.هدف توثيقييوضح الناقد الفني طارق الشناوي أن مشاركة الإعلاميين في التمثيل يكون، في بعض الأحيان، لهدف توثيقي، كأن يظهر المذيع في فيلم معين ليذيع بياناً للثورة أو يعلق على حدث تاريخي لا يمكن تجاهله كالحروب والثورات، وهو ما حصل في فيلم «نوارة»، إذ كان ظهور الإعلاميين فيه للتذكير بحدث خارج السياق الدرامي، ولا يصلح في الغالب لهذا الظهور سوى صاحب هذه المهنة وليس الممثل.يضيف: «لا يوجد معيار يحدد نجاح ظهور الإعلامي أو المذيع، فمثلما لا يصلح الممثلون في برامج تلفزيونية، ليس شرطا أن ينجح مذيع في أداء دور تمثيلي، لذلك على المذيعين أن يكونوا مؤهلين للتمثيل أو أداء الأدوار أمام كاميرات سينمائية، والتركيز على ظهور المذيع يكون كبيرا وعليه اختيار مشاركاته بعناية». يتابع: تتحكم شخصية المذيع في الواقع بطبيعة الأدوار التي تعرض عليه، وطريقة توظيفه في عمل ما، ففي لقطة تتطلب مذيعا ًبنبرات قوية وأداء كاريزمياً ضمن إذاعة بيانات للحروب أو الثورات يصلح شريف عامر أو دينا عبد الرحمن لها، وفي اللقطات التي يغلب عليها الطابع الكوميدي وخفة الظل يتم الاستعانة بمعتز الدمرداش في فيلم «لا تراجع ولا استسلام» مع أحمد مكي على سبيل المثال.