لندن عاصمة الثقافة بجدارة
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
الشوارع والحدائق والمنتزهات مسارح مفتوحة لمواهب الجميع ولممارسة جميع الأنشطة الفنية والاستعراضية، ولا توجد ممنوعات أو محظورات على طريقة استخدامها، لذا باتت متنفساً ممتعاً موفراً البهجة للجميع بلا أية تكلفة۔الفن في لندن هدف يُحسن طريقة استخدامه ليتم عبره توصيل رسالة أو غرض أو معلومة يراد نشرها والوصول إلى تحقيق مراد مرجو منها، وهذا هو دور الفن وسر عظمته الكامنة في قدرته الهائلة على اختراق المشاعر والعقول والوجدان، والتمكن من توصيل الرسالة المرجوة منه، ولهذا السبب تدعم الشركات والمؤسسات الفنون والثقافة لتوصيل وعي بأهداف مرسومة. ومن الرسالات الفنية التي أعجبتني جداً الدبة القطبية التي صممتها مجموعات الخضر المهتمة بالمحافظة على البيئة وكوكبنا الأرض، وصُمم شعارهم بشكل رائع وبعنوان لافت وهو: "انضم إلى الزعيق لإنقاذ القطب"، والزعيق أو الصراخ أو الزئير ناتج من شكل دبة ضخمة بحجم حافلة إنكليزية بطابقين وضعت أمام مقر شركة شل البترولية التي تحفر في القطبين لاستخراج البترول عن طريق وضع مواد مذيبة للجليد ومدمرة للبيئة النباتية والحيوانية، وهذه الدبة تعترض على تدمير الشركة لبيئتها ولحياتها فيها عن طريق تحريك رأسها والصراخ بزعيق وخوار رهيب يسمعه المارة ويتأثرون به ويحزنون وينضمون لقافلة الزعيق والرفض.الجميل في هذا العمل الفني هو في طريقة تنفيذ جسم الدبة وهيكلها الذي تم بمواد معاد استعمالها، استخدمت بمهارة وذكاء وجمالية فنية مبهرة حتى تؤدي الغرض والهدف منها.ومن الرسالات الأخرى التي تعكزت على الفن كي توصل أهدافها قيام "سانت نيكولاس ماركت" بدعم فنانين لتصميم مجموعة خراف يبلغ عددها 70 خروفا بالحجم الطبيعي للخروف لأجل جمع التبرعات لأطفال مستشفى بريستول الخيري، وهذه الخرفان صُممت بطريقة فنية في غاية الجمال، وكل واحد منها بحد ذاته تحفة فنية ساحرة، وإضافة إلى هدف الفرجة هناك جمع التبرعات ومن ثم سيتم بيعها وستُشترى عن بكرة أبيها من قبل البنوك والشركات والمولات والأفراد، مما سيدر مبلغاً ضخماً لدعم المستشفى عن طريق الفن الذي اخترق وجدان الجميع وعواطفهم بسرعة البرق من دون شعارات وطنطنات فارغة.من سنتين كان هناك حملة فنية رائعة لدعم الأفيال في العالم والمحافظة عليها، وفي العام الماضي كانت حملة أخرى لدعم النمور وعدم انقراضها، وحملات لحفظ النبات أو المباني أو حماية الحقوق لمختلف الفئات والطوائف، وكلها تعتمد على الفن كأسرع وسيلة في العبور الخارق لاكتساح العواطف لتحقيق أهدافها.تبقى لندن مدينة للنور والثقافة والفن بمتاحفها المفتوحة للنهل من المتعة المعرفية والفنية والثقافية فيها بالمجان، وربما تكون العاصمة العالمية الوحيدة التي لا تضع تعريفة دخول إلى أي متحف فيها، وهذا بحد ذاته يضعها كعاصمة أولى للثقافة.