رويداً رويداً يضيق تحالف إعادة الشرعية الذي تقوده السعودية والقوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الخناق على الميليشيات الحوثية وقوات علي عبدالله صالح؛ بعد طرد المتمردين من عدن جنوب اليمن وتوغل قوات سعودية في معقل الجماعة الحوثية بصعدة شمالاً، في وقت يتأهب التحالف لإطلاق حملة لانتزاع العاصمة صنعاء من قبضة المتمردين المتحالفين مع إيران.

Ad

لكن يبدو أن متشددي تنظيم "القاعدة" يستغلون مكاسب التحالف أمام الحوثيين في الجنوب لترسيخ وضعهم، في وقت بدأت تظهر فيه احتكاكات بين فصائل المقاتلين المحليين بعدن مع رحيل عدوها المشترك.

عودة وتقسيم

ولا يزال احتمال عودة هادي إلى بلاده بعيداً بعد خمسة أشهر من تدخل التحالف في اليمن إثر زحف الحوثيين صوب معقله في عدن بعدما اجتاحوا العاصمة قبل عام.

والأمر لا يتعلق في أهميته بمن سيحكم اليمن ـ وهي مسألة سيكون للقوة الإقليمية دور فيها ـ وبما إن كان بالإمكان القضاء على خطر المتطرفين وحسب لكن بمستقبل البلاد كدولة موحدة بعد ما شهدته من نزاعات قبلية وانقسامات إقليمية على مدى قرون.

ويقول دبلوماسيون مطلعون، إن السعودية وحلفاءها يريدون الحفاظ على الدولة التي تمخضت عام 1990 عن وحدة الشمال والجنوب لكن احتمال التقسيم يزداد مع تنامي الغضب من الأضرار الإنسانية الناجمة عن الحرب.

ويرى المحلل السياسي البارز في مركز "بروكنجز الدوحة" إبراهيم فريحات أن "معركة السيطرة على صنعاء في غياب التسوية السياسية ستكون طويلة وعنيفة ومميتة دون فائز واضح، وإذا أخفق معسكر هادي في استعادة العاصمة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تقسيم اليمن فعلياً".

ولا تزال مثل هذه التسوية بعيدة في وقت يحاول فيه كل جانب تصعيد القتال منذ سقوط عدن.

في موازاة ذلك، تتركز الأنظار حالياً على مأرب، وهي منطقة قبلية جافة تمتد عبر التلال الجدباء شرقي صنعاء حيث تتحدث وسائل إعلام مرتبطة بالسعودية ومصادر محلية عن احتشاد قوات مدعومة من التحالف استعداداً لهجوم منسق صوب العاصمة اليمنية.

ومأرب، هي أوضح نقطة انطلاق لأي دفعة عسكرية جديدة للتحالف. وشهدت المحافظة لشهور معارك كر وفر بين قبائل محلية وقوات الحوثيين وصالح، ويوجد وراءها طريق إمداد واضح وآمن إلى السعودية.

ونقلت صحف سعودية عن قادة جيش الحكومة اليمنية التي تعمل من الرياض قولهم، إنهم يحشدون قوات في المحافظة ويتأهبون للزحف على صنعاء الشهر المقبل. وقال مسؤول محلي لـ"رويترز" إن 130 عربة مدرعة و1000 جندي يمني ممن تدربوا في السعودية وخبراء عسكريين من السعودية والإمارات وصلوا في الأيام الأخيرة إلى جانب مهندسين لتمهيد مدرج مطار عسكري أقامه التحالف أخيراً بحيث يمكن أن يستقبل تعزيزات عبر الجو.

في المقابل، يقصف الحوثيون الحدود السعودية سعياً لإلحاق الضرر بالتحالف في مواجهة انتصارات القوات التي تقودها الرياض واستمرار الضربات الجوية. وفي تعز بالجنوب يتواصل القتال الشرس وقصف المدنيين.

دور بري خليجي

في غضون ذلك، يبرز الدور البري للدول الخليجية المنضوية تحت راية التحالف. ويقول دبلوماسيون مطلعون إن دور القوات البرية الإماراتية المباشر إلى جانب القوات اليمنية التي تدربت في السعودية والمجهزة بأسلحة ثقيلة متطورة هو الذي أتاح للتحالف أن يكسر جموداً دام شهوراً ويسيطر على عدن.

وكان عشرات الجنود الإماراتيين المنتشرين في مطار عدن المدمر، وطائراتهم الهليكوبتر ودباباتهم وعرباتهم المصفحة المصطفة على المدرج خلال زيارة قامت بها "رويترز" للمدينة في الآونة الأخيرة، خير شاهد على قيام الدول الخليجية بدور بري في طرد الحوثيين من المدينة التي تعد ثاني مدن اليمن قبل أسابيع.

من جانب آخر، وبينما كان الجنود الإماراتيون يقومون بمهمة حراسة عند مدرج مطار عدن أو يأخذون قسطاً من الراحة في ردهة المطار العلوية كان يقف أمام المدخل الرئيسي شبان نحفاء يحملون البنادق على أكتافهم ويتدلى شعرهم المجعد على الوجوه واللحى.

كثير من هؤلاء المقاتلين الذين يرتدون الزي اليمني التقليدي، ونعالاً مفتوحة رفعوا السلاح حين وصل الحوثيون المنحدرون من شمال اليمن إلى مدينتهم الجنوبية وانتشر القتال في أحيائهم.

لكن في الصراع اليمني بجوانبه المتعددة يصعب معرفة كم من هؤلاء المقاتلين له ولاءات بخلاف تلك المرتبطة بمناطقهم، سواء كان الولاء لهادي أو لحركة انفصالية جنوبية أو لأي جماعة سياسية أو جماعة مسلحة أخرى.

ومن دواعي القلق أيضاً بالنسبة لهادي والتحالف قيام عشرات من المسلحين بعرض في منطقة التواهي بوسط عدن يوم السبت الماضي رافعين أعلام "القاعدة" وذلك بعد أيام من وقوع سلسلة انفجارات أمام مقر الحكومة بالمدينة في هجوم أوقع 4 قتلى.

(صنعاء ــ رويترز)