التعليم المشترك وليس الاختلاط... مرة أُخرى
أي تقييم موضوعي هادئ بعيد عن التجاذبات السياسية لنتائج تطبيق القانون الحالي الذي يمنع التعليم المشترك في الجامعة والتطبيقي ومؤسسات التعليم العالي الأخرى من شأنه الوقوف على آثاره السلبية الكثيرة وتكلفته الباهظة مادياً وبشرياً واجتماعيا أيضا، لذلك من الواجب حماية حق الناس الطبيعي في الاختيار بين التعليم المشترك أو المُنفصِل.
يثار جدل كبير، بين فترة وأخرى، حول موضوع القانون رقم (24/ 1996) الذي يمنع التعليم المشترك ويلزم جميع مؤسسات التعليم العالي سواء الحكومية أو الخاصة بالتعليم المُنفصِل، فيصادر، بالتالي، حرية الاختيار كحق إنساني أساسي، أي أن تترك للإنسان حرية الاختيار بين التعليم المشترك أو المُنفصِل.في مقال قديم في هذه الزاوية تحت عنوان "التعليم المشترك وليس الاختلاط" ذكرنا أن... "هنالك فرق كبير بين التعليم المشترك وما يطلق عليه الاختلاط، فالشيء المشترك هو الشيء الذي تشترك فيه أطراف متساوية مع احتفاظ كل طرف باستقلاليته، أما المختلط فهو الشيء الذي تختلط مكوناته مع فقدانها لاستقلاليتها وقد ينتج عن ذلك مكون آخر جديد. وصف التعليم المشترك بالاختلاط هو إساءة مقصودة للتعليم المشترك من الناحية الاجتماعية، فالطلاب والطالبات في مؤسسات التعليم العالي يشتركون في التعليم كأفراد أحرار متساوين... قبل البدء في تطبيق القانون الحالي كنا، أعضاء هيئة التدريس، نقوم بإلقاء المحاضرات في قاعات دراسية مشتركة وبشكل تلقائي ينقسم الطلاب والطالبات إلى قسمين يفصل بينهما مسافة بإمكان أستاذ المادة أن يمر، لو أراد، من خلالها. أما الآن فنقوم بالتدريس في قاعات دراسية منفصلة، وعندما ينظر الأستاذ من النافذة الزجاجية أو يخرج من القاعة الدراسية يرى حياة طبيعية حيث الطالبات والطلاب كل في حال سبيله أو يتحدث بعضهم مع بعض بشكل طبيعي وراق ومحترم، وهنا يثار السؤال، ترى كيف لا نثق بوجود الطلاب والطالبات في قاعة دراسية يوجد فيها الأستاذ وضمن الحرم الجامعي، بينما يوجدون بشكل طبيعي في ردهات الكلية وفي الشارع، والحياة العامة، والأسواق المجاورة للكلية؟!!".
وفي السياق ذاته، فإن للدولة تاريخاً طويلاً في الابتعاث للخارج جسّد خلاله الطلاب والطالبات نموذجاً راقياً للأخلاق والسلوك القويم والجد والمثابرة، والآن هناك آلاف من طالباتنا وطلابنا يتلقون تعليمهم في جامعات أجنبية وعربية التعليم فيها مشترك، فهل نطالب الدولة بوقف البعثات الخارجية لأن التعليم هناك مشترك؟!إن أي تقييم موضوعي هادئ بعيد عن التجاذبات السياسية لنتائج تطبيق القانون الحالي في الجامعة والتطبيقي ومؤسسات التعليم العالي الأخرى من شأنه الوقوف على آثاره السلبية الكثيرة وتكلفته الباهظة مادياً وبشرياً واجتماعيا أيضا (الشك والريبة بدلاً من الثقة والاحترام).ومرة أخرى، فإن المطلوب هو حماية حق الناس الطبيعي في الاختيار بين التعليم المشترك أو المُنفصِل، فالمشكلة في القانون الحالي هي مسألة إلزام الجميع بالتعليم المُنفصِل.