كيف تترك الخدمات الصحية من دون رقابة مؤسسية ومستقلة، وكيف تترك خدمات حيوية تمس الحياة بعيداً عن مظلة الرقابة التي يجب أن تكون من خلال جهة مستقلة ومحايدة وقادرة على حماية صحة المواطنين والمقيمين؟

Ad

على الرغم من وجود لجنة في وزارة الصحة لمراقبة الأخطاء الطبية والتحقيق فيها برئاسة عميد كلية الطب، إلى جانب وجود لجان للوفيات في المستشفيات، فإن ملف الأخطاء الطبية والقضايا المرفوعة ضد الوزارة يتضخم يوما بعد يوم.

وتشير بعض الأرقام داخل الوزارة إلى أنها تخسر مئات آلاف الدنانير بسبب قضايا الأخطاء الطبية التي تخسرها، وعدم وجود رقابة على الخدمات الصحية التي تقدمها.

وبينما يتساءل البعض عن دور إدارة الجودة والاعتراف في الرقابة على الخدمات الصحية، فإن الإجابة المنطقية هي انه كيف لإدارة أن تراقب وزارة؟ وكيف تتوفر الاستقلالية والحيادية عندما تكون الرقابة على الأداء بمستوى إدارة فقط مهما كان الجهد الذي تقوم به تلك الإدارة؟

ومن المضحك أن معظم الدول الشقيقة قد أدركت أهمية استقلالية وحيادية الرقابة على الخدمات الصحية باعتبارها تمس الحياة ولا يمكن تركها بدون رقابة، فأعادت تلك الدول هيكلة القطاع الصحي، بفصل تقديم الخدمة، وأنشأت هيئات مستقلة عن وزارة الصحة لتقوم بالمهام الرقابية بغرض تحسين الجودة ومحاسبة المخطئ مهما كان موقعه، استنادا إلى المراقبة والتقييم الفني المستقل والمحايد، إلا أن ما حدث في وزارة الصحة يختلف تماما عن المنطق وعن التفكير العلمي، فبينما كان برنامج عمل الحكومة والخطة الإنمائية للدولة تنص صراحة على إنشاء الهيئة العامة للصحة كجهة مسقلة ومحايدة للقيام بالرقابة على جودة الخدمة، فإن تلك الهيئة كمقترح قد اختفت تماما من برنامج عمل وزارة الصحة وبرنامج عمل الحكومة، وهو ما يجعل الخدمات الصحية تقدم بعيدا عن أي آلية للرقابة على جودتها، مما يزعزع الثقة بتلك الخدمات، ويؤثر على جودة تقديمها في مراحلها المختلفة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: من المسؤول عن اختفاء مقترح الهيئة العامة للصحة كجهة مستقلة للرقابة على الخدمات الصحية من برنامج عمل الوزارة ومن الخطة الإنمائية؟ ولمصلحة من تترك الخدمات الصحية دون رقابة مؤسسية ومستقلة؟ وكيف تترك خدمات حيوية تمس الحياة بعيدا عن مظلة الرقابة التي يجب أن تكون من خلال جهة مستقلة ومحايدة وقادرة على حماية صحة المواطنين والمقيمين وقادرة على وقف مسلسل الأخطاء الطبية الذي يدفع المواطن ثمنه من حياته، في حين تدفع وزارة الصحة التعويضات من المال العام من دون أن يكون لديها أي آلية أو رؤية للرقابة على جودة الخدمات الصحية؟