يبدو أن ملف التسويات، المعروف في البورصة ظاهريا بتسويات الأخطاء الناجمة عن التداولات، وباطنيا بمحاباة المضاربين والرموز التي تعيث فسادا في السوق، سيبقى مفتوحا فصولا وفصولا.
وتحاول هيئة السوق منذ سنوات تلمّس قاع الفساد في هذا الملف، إلا أنه من الواضح أنه أعمق بكثير مما كانت تتوقعه الهيئة التي تستغرب هذه الممارسات في سوق مالي يعد واجهة اقتصادية للدولة، وليس مرتعا للتربح والتلاعب تحت أعين مسؤولي السوق وبتسهيلات مباشرة.ففي هذا السياق قالت مصادر مسؤولة لـ"الجريدة" إن رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال د. نايف الحجرف، المعروف بحزمه الشديد وعدم السماح بأي نسبة خطأ مهما كانت ضئيلة، تصدى للملف شخصيا منذ الأسبوع الفائت.وذكرت المصادر أن المدير العام للسوق، فالح الرقبة، تلقى كتابا رسميا من هيئة أسواق المال يحمل عشرات الاستفسارات، وطلب إيضاحات حول كثير من أوجه الفساد في ملف التسويات. يذكر أن ملف التسويات خضع لعدة مراحل إجرائية من جانب هيئة أسواق المال قبل سنوات، حيث طلبت معلومات في السابق، ومن ثم خضع الملف لإشراف أحد المفوضين ثم تعيين ممثلين للهيئة للمتابعة المباشرة، وأخيرا وقع في يد الرئيس، ومن المتوقع أن تكون نهاية هذا الملف المأسوي على يده.أما بالنسبة الى استفسارات الهيئة فقد تمت ملاحظة الآتي:1- وجود تسويات أسهم عينية ومعالجتها بتسويات مالية.2- محاباة لأطراف محددة على مدار سنوات كانت تستفيد من التسويات عبر تحقيق أرباح طائلة.3- أخطاء نقدية، ويتم تسويتها بالأسهم وقبول ذلك بأوامر من نائب مدير السوق المشرف على الملف.4- تركزات عالية لمكاتب وساطة تستفيد من هذه التسويات، في حين هناك مكاتب أخرى لا يوجد لديها تسويات.5- ارتفاع حجم التسويات والتلاعبات فيها، بعد تشغيل نظام التداول الآلي "إكستريم"، الذي كلف المال العام 18.5 مليون دينار، ويفترض أن يردع الأخطاء ويقللها، إلا أنها زادت.6- شبهات في عمل لجنة التسويات، حيث لا يوجد نظام محدد، وتمرير تسويات مخالفة.7- شخص واحد في البورصة متنفذ، هو من يملك القرار النهائي، ويملي على بقية الأفراد من صغار المسؤولين القرارات.8- دعوة لجنة التسويات للانعقاد لتسوية واحدة تكشف التعاون والتساهل مع مرتكبي الأخطاء. 9- قبول تسويات ورفض أخرى رغم تشابه الحالات والخطأ ذاته، وتوقيع أطراف على تعهدات واستثاء أخرى.10- شبهات في معالجة التسويات يترتب عليها استفادات مباشرة لأطراف في السوق والأطراف المضاربية نفسها نتيجة الأرباح التي تجنيها من هذه المعالجات.إرباك في البورصةوقالت مصادر معنية في سوق الكويت للأوراق المالية إن حالة ارتباك شديدة تسيطر على قيادات البورصة، نتيجة كتاب د. الحجرف، مصدر القلق أنها المرة الأولى منذ سنوات الذي يصل هذا الملف المليء بالمغالطات والتجاوزات إلى أعلى قمة الهرم في الهيئة.وتكشف مصادر قانونية أنه من غير المستبعد أن تتم إحالة مدير البورصة ونائبه الى نيابة هيئة أسواق المال، وخصوصا أن الهيئة عازمة على الوقوف على أبعاد هذا الملف، لأنه لا يليق بسوق مالي أن تتم فيه هذه التجاوزات، والأغرب أن بعضها ارتكب أثناء نفاذ القانون 7 لعام 2010 الذي كان يفترض أن يمثل علامة ردع للجميع.أكثر من 700 تسويةمن المنتظر أن يتم فحص ومراجعة أكثر من 700 تسوية تمت خلال 3 سنوات على الأرجح، في إجراء غير قانوني، دون أن تسعى إدارة البورصة الى وضع حد لهذه الظاهرة أو معالجتها أو تقديم أي مقترحات للهيئة لتوافق عليها لحسم هذا الملف.ويمكن أن يجر هذا الملف ملفات أخرى كفساد نفقات سيسم التداول الذي لم يضع حدا لعديد من الثغرات، بدليل قبوله أوامر بالخطأ، وقبول وضع أمر بيع وشراء من دون أرصدة.يذكر أن الكتاب الأخير الموجه من رئيس الهيئة للبورصة يعكس ضجر اللجنة والأعضاء الممثلين منها للإشراف على ملف التسويات مع لجنة السوق، حيث استمرت الأخطاء والتلاعبات نفسها من دون تقدير للمسؤولية والجهود التي تبذلها الهيئة لترقية البورصة وتنظيف السوق.تقنين التلاعباتوأكد مصدر قانوني أن استمرار إدارة السوق في التعاون مع المضاربين وتمرير معاملات التسويات لهم يعد تقنينا غير مباشر للتلاعبات، حيث تفتح الباب بذلك للتداول على المكشوف بيعا وشراء من دون أرصدة نقدية أو أرصدة أسهم، ومن ثم القيام في نهاية المطاف بعمل تسوية للمضارب الذي يحقق أرباحا طائلة من هذه التلاعبات.والتساؤل الذي يطرح نفسه هو: كيف أن ملف التسويات مفتوح على مصراعيه في ظل نظام التداول القديم والجديد من دون أي فارق؟ ولماذا لم تغلق البورصة هذا الباب وتمنع أي تسويات، كما هي الحال في كل أسواق العالم، حيث إن التسويات بدعة محلية.ويقول المصدر إن مبدأ الخطأ أساسا في سوق مالي قيمته تزيد على 110 مليارات دولار أمر غير مقبول.وقال مصدر مسؤول في البورصة: إذا أرادت الهيئة كشف التجاوزات التي ارتكبها قياديو السوق، فعليها استدعاء صغار المسؤولين فيها والاستماع اليهم والاستفسار منهم عن كل الخبايا في الملف، مقابل توفير الحماية اللازمة لهم من بطش القيادات، حيث توجد معلومات مهمة لم تكشف عنها القيادات في المراسلات الرسمية.... وتستكمل فعاليات حملتها للتوعية باللائحة استكملت هيئة أسواق المال خلال الأسبوع الماضي تنفيذ المرحلة الثانية من حملتها للتوعية الخاصة بتعديلات لائحتها التنفيذية التي وضعت موضع التطبيق اعتباراً من تاريخ صدورها في العاشر من شهر نوفمبر الماضي، حيث حرصت الهيئة على مواكبة صدور اللائحة بنشاط توعية شامل يواكب أهمية هذا الحدث التشريعي الذي يعد علامةً فارقة في مسار نشاط الأوراق المالية المحلية بصورة عامة.وكانت الهيئة بدأت أولى مراحل حملتها للتوعية الخمس والتي تمتد كل منها أسبوعاً واحداً في 22 نوفمبر الماضي، حيث واكب ورش العمل للتوعية اليومية أنشطة موازية عدة كرسائل التوعية المكثفة اليومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك عبر خدمة الرسائل الهاتفية القصيرة.كما كانت المرحلة الثانية حافلة بما تناولته من موضوعات ذات أهمية خاصة على صعيد أنشطة الأوراق المالية طالتها اللائحة التنفيذية بالتعديل.هذا، ويمكن إيجاز أهم محاور نقاشات فعاليات هذه المرحلة التي افتتحت يوم الأحد في 29 نوفمبر الماضي واختتمت يوم الخميس الثالث من ديسمبر الجاري بالآتي:اليوم الأول- تناول موضوع "أموال العملاء وأصولهم" حيث تم استعراض أهم المتطلبات التنظيمية التي تمت إضافتها إلى الأحكام العامة الخاصة بأموال العملاء ولأصولهم.اليوم الثاني- كان موضوع "قواعد المحافظ الاستثمارية للأوراق المالية" محوراً ثانياً لفعاليات تلك المرحلة، حيث أكدت الورشة اقتصار مزاولة نشاط إدارة المحافظ الاستثمارية على الأشخاص المرخص لهم من قبل الهيئة، وعرضت لأهم قواعد وضوابط إدارة تلك المحافظ .اليوم الثالث- "أخلاقيات العمل" كان عنوان ورشة العمل الثالثة في فعاليات تلك المرحلة حيث حددت نطاق تطبيق الكتاب الثامن من كتب اللائحة التنفيذية بالنسبة للأشخاص المرخص لهم، إضافةً إلى أهم التعديلات الجوهرية ذات الصلة بأخلاقيات العمل والآثار المترتبة عليها.اليوم الرابع- خصص لبحث أهم ما تضمنه الكتاب التاسع وتحديداً "أحكام وإجراءات عرض الاستحواذ الإلزامي"، من خلال محاور عدة أهمها، التعريف بالاستحواذ الإلزامي وأهم المصطلحات ذات الصلة بهذا المفهوم (كمقدم ومحل ومستند العرض، ومدير عملية الاستحواذ، وفترتي العرض والتجميع، والسيطرة والمسيطر والسيطرة الفعلية، والشركات الأم والتابعة والأطراف المتحالفة وصانع السوق وأسهم الخزينة وسواها) .اليوم الخامس والأخير من فعاليات المرحلة الثانية لبرنامج التوعية المتكامل خصص لبحث "أحكام وإجراءات عرض الاستحواذ الاختياري" من خلال محاور عدة أهمها: التعريف بأنواع الاستحواذ الاختياري (العكسي، المنافس، غير النقدي) وأهم المصطلحات ذات الصلة بموضوعه (كمقدم ومحل ومستند العرض ومدير عملية الاستحواذ، وفترتي العرض والتجميع والسيطرة والمسيطر والسيطرة الفعلية والشركات الأم والتابعة والأطراف المتحالفة ونشرة الاكتتاب وسواها).
اقتصاد
«هيئة الأسواق» تسأل البورصة عن 700 عملية تسوية
06-12-2015