صحت غالبية التوقعات التي تكهنت بأن تشكل المناظرة الثانية التي نظمتها محطة «سي إن إن» الأسبوع الماضي للمرشحين الجمهوريين في سباق الرئاسة الأميركية، نقطة تحول بالنسبة إلى عديد من المتنافسين.

Ad

ووفق آخر استطلاع نظمته المحطة نفسها، فإن ترتيب موقع المتنافسين أخذ شكلاً جديداً بعد الأداء المميز لمرشحين مقابل أداء سيئ لآخرين.

دونالد ترامب الذي لايزال يتصدر القائمة أصيب بخسائر لا يستهان بها، مع تراجع نسبة مؤيديه من 32 إلى 24 في المئة.

نتيجة كان الجميع يتوقعها بعد سلسلة الهجمات التي تلقاها دفعة واحدة خلال تلك المناظرة، ما يعكس تنفيذاً «لقرار ما» اتخذ على أعلى مستويات الحزب الجمهوري في ما يشبه كلمة السر للحد من صعوده لدى جمهور هذا الحزب.

ووفق استطلاع «سي إن إن»، فقد حققت كارلي فيورينا صعوداً صاروخياً من 3 إلى 15 في المئة، لتحتل المرتبة الثانية بعد ترامب، بينما تراجع بن كارسون (جراح الأعصاب السابق) إلى المرتبة الثالثة من 19 إلى 14 في المئة.

وحل السيناتور المشاغب ماركو روبيو في المرتبة الرابعة، قافزاً من 3 إلى 11 في المئة، في وقت حافظ جيب بوش على نسبة 9 في المئة ليحتل المركز الخامس.

ولعل الخاسر الأكبر من بين المرشحين الجمهوريين هو سكوت والكر، حاكم ولاية ويسكونسن السابق، الذي كان يعول عليه في بدايات الحملة الانتخابية، حيث حقق أقل من واحد في المئة، الأمر الذي يعكس تراجع جاذبية هذا النوع من المرشحين المحسوبين على الطبقة السياسية الجمهورية.

استمرار حفاظ ترامب على صدارة المرشحين الجمهوريين، يعزوه بعضهم إلى قدرته على مواجهة أي منافس وتقريعه وجهاً لوجه، وإلى قدرته على ابتكار قضايا تشكل نقطة خلاف وجدل بين الرأي العام الأميركي المنهك من اللعبة السياسية الدائرة في واشنطن.

ترامب، الذي بنى حيثيته من استحضار قضية المهاجرين، طرح إشكالية جديدة، عله يستعيد «العصب» الذي لعب على وتره في تحقيق شعبيته، في محاولة منه لترميم الخسائر التي كان يتوقعها بالتأكيد بعد مناظرته الثانية مع منافسيه.

ترامب حول موضوع الإسلام والمسلمين إلى نقطة سجال رئيسة، حين رفض التعليق على سؤال من أحد الحاضرين خلال تجمع انتخابي يوم الجمعة عما إذا كان الإسلام هو مشكلة أميركا الكبرى، وهل الرئيس باراك أوباما مسلم وليس مسيحياً، ولم يولد على الأرض الأميركية؟

وعلى رغم محاولته استدراك الانتقادات التي وجهت إليه قائلاً إنه قصد المسلمين الراديكاليين، رغم تأكيده أن هؤلاء لم يأتوا من السويد، رفض الإجابة عن سؤال: هل يقبل بأميركي مسلم رئيسا للبلاد؟ وأضاف أنه ليس من واجبه الدفاع عن الرئيس أوباما، وأن الأخير عليه القيام بهذه المهمة.

وكان لافتاً في المقابل إعلان المرشح بن كارسون عدم قبوله برئيس مسلم، الأمر الذي اعتبر نوعاً من الشراكة والتنسيق مع ترامب في عديد من القضايا. وهو ما ظهر جلياً خلال المناظرة الثانية عبر تغطيته على إجابات ترامب بشأن معارفه الطبية، بعدما خلط الأخير بين اللقاحات وتأثيرها على زيادة احتمالات تحول بعض الأطفال إلى متوحدين.

تعليقات عديدة أشارت إلى أن بانتظار الجمهور الأميركي المزيد من القضايا الشعبوية التي يبرع فيها ترامب، ما يجعل من إسقاطه أو على الأقل خفض الأضرار التي يسببها من خلال طرحه قضايا قد تثير انقسامات عمودية بين الأميركيين مهمة لا يمكن تأجيلها.