ما وراء هبوط أسواق الأسهم الصينية

نشر في 25-07-2015
آخر تحديث 25-07-2015 | 00:01
خطة الصين الرامية إلى فتح سوق الأسهم أمام المستثمر الأجنبي قد تكون الضحية المباشرة، وستعزز الأحداث الأخيرة المؤسسات التي جادلت في أن سوق الأسهم الصينية لم تنضج بما فيه الكفاية من أجل تضمينها في مؤشرات الأسهم الدولية.
ستظهر تداعيات هبوط الأسعار في الصين في مجالات تتجاوز أسواق الأسهم المتأرجحة، والهبوط الذي استمر لأكثر من شهر في أسعار الأسهم أفضى إلى تساؤل حول تحول الصين في الآونة الأخيرة إلى عقيدة السوق، في حين كشفت استجابة الدولة المتخبطة والمتعثرة حدود سيطرتها على النظام المالي، وقد يفضي ذلك إلى نتائج عكسية على قطاعات الإصلاح الأوسع.

وتجدر الإشارة الى أن الهبوط كان دراماتيكياً وهبط مؤشر شنغهاي منذ 9 يوليو الجاري بنسبة 28 في المئة عن مستويات الذروة، ولكن يجب أن يكون بالإمكان تدبر التأثير المباشر لهذه التطورات، كما أن الأسعار الرئيسة للأسهم الصينية عادت الى مستوياتها في نهاية شهر مارس الماضي، ولا تزال في المنطقة الإيجابية في الوقت الراهن.

ثم إن الحديث عن خسارة ثلاثة تريليونات دولار من الثروة يتجاهل حقيقة أن نحو 40 في المئة من قيمة سوق الأسهم في الصين يمكن تداولها بصورة مجانية، أما البقية فيملكها مساهمون مسيطرون وهم في الغالب كيانات حكومية، وتشكل الأسهم ما يصل الى 9.4 في المئة فقط من ثروات العائلات الصينية، بحسب بنك كريدي سويس الذي يقول إن ايداعات البنوك والعقارات تنطوي على قدر أكبر من الأهمية.

وعلى الرغم من ذلك فإن هذا لم يمنع السلطات الصينية من المضي إلى حدود بعيدة من أجل إنعاش سوق الأسهم، وفي الأسبوعين الماضيين خفضت حكومة بكين معدلات الفائدة ومنعت كبار المساهمين والتنفيذيين من بيع أي أسهم لستة أشهر، وتعهد كبار الوسطاء بضخ ما لا يقل عن 120 مليار يوان (19 مليار دولار) في السوق، وذلك بدعم من بنك الشعب الصيني.

وبالنسبة الى معظم المراقبين فإن الشيء المحير كان حاجة المسؤولين الى دعم سوق فقاعة، بحيث تتحقق الثروات خلال أسابيع، وتشتد حمى التداول مع اندفاع المزارعين والمتقاعدين الى أسهم غير واضحة الأداء.

الدور الحاسم

وتشعر سلطات بكين بقلق لأن المستثمرين سيكافحون من أجل تسديد ديون حصلوا عليها بهدف المضاربة في الأسهم، وهو ما سيفضي الى أزمة مالية أوسع، أما هوامش الديون الرسمية– التي وصلت الى ذروتها عند نحو 2.3 تريليون يوان– فتبدو تحت السيطرة. وعلى أي حال أخذ البعض رهونات عقارية أو اقترض من بنوك ظِل للعمل في السوق. وفي الأشهر الأخيرة تعهدت أعداد متزايدة من الشركات بطرح أسهمها على شكل ضمان.

ومهما كانت التفسيرات فإن محاولات عكس الهبوط في الأسعار قد أظهرت القليل فقط من الفوارق بالنسبة الى تعهد الرئيس الصيني ورئيس وزرائه في سنة 2013 بأن تقوم قوى السوق بلعب دور "حاسم" في اقتصاد البلاد، وبعيداً عن المبيعات المثبطة والشراء المشجع سمحت السلطات التنظيمية أيضاً لنحو 1500 شركة تبلغ قيمتها السوقية مجتمعة نحو 2.8 تريليون يوان بتعليق عمليات تداول أسهمها.

وتجدر الإشارة الى أن مثل تلك الإجراءات الجذرية تدفع المستثمرين إلى الخروج من السوق، وقد تعلمت هونغ كونغ هذا الدرس في شهر أكتوبر من سنة 1987 عندما علق سوق الأسهم التداول لأربعة أيام، وعندما افتتح السوق ثانية هبط بنسبة 43 في المئة خلال يوم واحد فقط، وفي الصين انتشر البيع الى السندات والسلع مع سعي المستثمرين الى الحصول على المبالغ النقدية.

ليس من غير العادي أن تحاول السلطات الصينية إنعاش الأسواق، وقد طرحت الحكومات الوطنية والمحلية في السنوات الأخيرة طائفة من الإجراءات للحد من الهبوط في أسعار المنازل، كما أعدت ترتيبات غير معلنة لعمليات إنقاذ لشركات متعثرة هددت بالتخلف عن سداد أقساط السندات.

وفي نهاية المطاف قد تكون الضحية المباشرة خطة الصين الرامية الى فتح سوق الأسهم أمام المستثمر الأجنبي. وستعزز الأحداث الأخيرة المؤسسات التي جادلت في أن سوق الأسهم الصينية لم تنضج بما فيه الكفاية من أجل تضمينها في مؤشرات الأسهم الدولية.

وعلى أي حال فإن ما يثير قلق الحزب الشيوعي الصيني هو أن هبوط سوق الأسهم كشف عن أن جهوده كانت غير فعالة، حتى في حال تعافي أسعار الأسهم الآن فإن هذه التطورات أساءت الى سمعة الحزب إزاء أهليته الاقتصادية في الداخل والخارج.

back to top