بالعربي المشرمح الحراك أفشله التقديس والعراك!
رغم قوة الحكومة وقوة الموالين لها وقوة مؤسسة الفساد، ورغم كل الإمكانات التي يمتلكونها في صراعهم مع المعارضة، ورغم استخدامهم كل الأسلحة فإنهم لم يحققوا أي انتصار حقيقي على المعارضة التي أعتقد أنها خسرت معركتها مع السلطة لأسباب جلها وقع بسبب جهلهم بالعمل السياسي، وانصياعهم لمشاريع وهمية وغير منطقية من الصعب تنفيذها على أرض الواقع، أضف إلى ذلك انصياعهم للشارع وسوء إدارتهم للحراك وترك القيادة عشوائية ودون أهداف واضحة، كما أن تقديسهم لشخوص بذاتها انفردت بقرارات دون اعتراض أو نقاش كانت بمجملها كارثية ونتائجها جاءت عكسية.نعلم تماماً أن المعارضة بمجملها من شخصيات برلمانية وانتخابية، ولا نشك في ولائهم وحبهم للوطن، ولكن معظم منتسبيها يحرصون على العمل الانتخابي دون أن تكون لديهم رؤية إصلاحية أو برنامج وطني وسياسي معتبر، وهو الأمر الذي جعلها تخضع لرغبات الشارع، وبدلاً من قيادتها للشارع انقادت هي له، وهو الأمر الذي جعلها لا تدرك نتائج تلك الخطوة، وها هي تجني ثمارها.
إن فشل الحراك لم يكن بسبب السلطة وأدواتها أو ذكائها أبداً، فما زالت غالبية المواطنين غير راضية عن أداء السلطة وإدارتها لشؤونهم، ولكن من أفشل الحراك هم أبناء الحراك نفسهم، وخاصة من تسيد الواجهة للحراك من نواب المعارضة وبعض الناشطين، وسبق لي أن ذكرت في مقال سابق بأن الحراك يأكل أبناءه دون أن ينتبه لذلك أحد، وها نحن نرى خلافات أعضاء الحراك وتخبطهم وشتم بعضهم لبعض، بل إلقاء اللوم على بعضهم بعضا متنصلين من مسؤولياتهم وأخطائهم، فكل منهم يحاول القفز من قارب الحراك الذي بدأ يغرق أمام أعينهم. المصيبة أنهم ما زالوا يكررون أخطاءهم ويحاولون التنصل منها بإلقائها على زملائهم، بل بعضهم بدأ يستسلم للأمر الواقع، ويبحث عن باب لا يخرجه للحل السليم فقط، بل لموقع آخر وهو الخضوع للخصم الذي كان على خلاف معه.يعني بالعربي المشرمح:لم تنتصر السلطة بأدواتها في معركتها مع المعارضة كما يعتقد البعض، بل انتصرت بسبب الأخطاء التي وقعت بها المعارضة وشباب الحراك الذين لم يستثمر أي منهم تلك الفرص التي كان من شأنها أن تحقق لهم وللوطن والمواطنين مكاسب كبيرة، فأضاعوها وكابروا ولم يستمعوا لصوت العقل والحكمة؛ لذلك هي تتحمل كل ما حصل، بل سبق لي أن قلت إنها شريكة في حالة العبث الذي نعيشه، وساهمت بشكل مباشر دون أن تعلم بالفوضى السياسية التي تعيشها البلاد، وباعتقادي أن الأيام القادمة حبلى بمزيد من الأخطاء التي ستقضي على العمل السياسي في الكويت؛ لذلك أعتقد أن من الحكمة أن تصدر تغيرات جذرية واسعة لتعيد الأمور لنصابها، فالوضع الإقليمي والمسؤولية الوطنية والمصلحة العليا للبلاد والعباد بحاجة لمثل هذه التغيرات.