دخل آلاف المهاجرين النمسا السبت بعد نقلهم بين كرواتيا والمجر وسلوفينيا فيما سرعت دول أوروبا المنقسمة الرأي جهودها لدفع موجة البؤس هذه إلى دول مجاورة.

Ad

وهذه أكبر موجة هجرة في القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقد تسببت بخلافات عميقة بين الدول الغربية والشرقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول كيفية توزيع اللاجئين بصورة عادلة، وأثارت تساؤلات حول مصير اتفاقية شينغن التي تسمح بالسفر الحر داخل دول الكتلة المؤلفة من 28 دولة.

وفرضت العديد من الدول اجراءات على الحدود، فيما أظهرت آخر الأرقام أن نحو نصف مليون شخص تقريباً جازفوا بالقيام بالرحلة الخطرة في البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا منذ مطلع العام، فيما استقبل الاتحاد الأوروبي نحو ربع مليون طلب لجوء منذ يونيو هذا العام.

وفي النمسا دخل 13 ألف شخص يوم السبت فقط، بحسب ما قاله رئيس منظمة الصليب الأحمر النمساوي لوكالة فرانس برس، ولم تؤكد الشرطة المحلية على الفور هذا الرقم، وكانت الشرطة ذكرت في وقت سابق إنها تستعد لوصول نحو 10 آلاف من المهاجرين واللاجئين.

وتعرضت حكومة المجر اليمينية لانتقادات دولية إثر مواجهات عنيفة مع اللاجئين وبعد أن أقامت بسرعة سياجاً على حدودها مع صربيا، لكن وفي وتحول الجمعة بدأت السلطات المجرية بنقل آلاف اللاجئين إلى الحدود مع النمسا في مسعى على ما يبدو لاخراجهم من أراضيها بأسرع وقت ممكن.

ولم يتراجع سيل الناس الذين يقومون بالرحلة الشاقة في البلقان وصولاً إلى غرب أوروبا، وتقول كرواتيا أن 20,700 شخصاً دخلوا أراضيها منذ الأربعاء الماضي.

وزغرب التي قالت في البدء إنها ستسمح للمهاجرين بالعبور بحرية، أعلنت الجمعة أن الأزمة فاقت طاقتها، وقامت بنقل المئات إلى الحدود المجرية بالحافلات والقطارات مما أثار رد فعل غاضب من بودابست.

ورغم الخلاف بدا أن السلطات الكرواتية والمجرية تقوم بالتنسيق على الأرض، وشاهد صحافي من وكالة فرانس برس على الحدود بين الدولتين مهاجرين يركبون حافلات كرواتية نقلتهم إلى الحدود حيث ترجلوا وعبروا الحدود مشياً ثم صعدوا على متن حافلات مجرية انطلقت بسرعة.

ونقل المهاجرون أيضاً إلى سلوفينيا التي وصل إليها 1,500 منذ الجمعة بحسب وزارة الداخلية.

وكرواتيا والمجر وسلوفينيا أعضاء في الاتحاد الأوروبي لكن فقط المجر وسلوفينيا تنتميان إلى معاهدة شينغن للفضاء الحر.

وفي عقبة جديدة تهدف إلى وقف تدفق المهاجرين، قالت المجر إنها انتهت من إقامة سياج حدودي شائك بطول 41 كلم على امتداد جزء من حدودها مع كرواتيا.

والجزء المتبقي من الحدود والبالغ طوله 330 كلم يعبر نهر درافا الصعب اجتيازه.

والعائق الحدودي الجديد يضاف إلى السياج الشائك الذي أقامته المجر على طول حدودها مع صربيا في وقت سابق هذا الأسبوع، ودعمته بقوانين تهدد المهاجرين غير الشرعيين بالسجن وهو ما أجبر سيل المهاجرين على تحويل وجهتهم إلى كرواتيا.

وعلى الحدود الكرواتية السلوفينية أقام متطوعون أجانب ومحليون خيم مساعدات وقاموا بتوزيع وجبات طعام ومياه وملابس.

وقال أحد اللاجئين ويدعى خدام غياث وهو مسؤول سوري سابق في الجمارك يقوم بالرحلة مع والدته البالغة من العمر 70 عاماً "هذا كرم منهم".

وأضاف "لا بد إنهم في صدمة لمشاهدة آلاف الأشخاص يصلون بهذا الشكل، ليس وضعاً طبيعياً".

غير أن الأجواء كانت متوترة ليلاً في بلدة هارميتشا الكرواتية الحدودية حيث استخدمت شرطة مكافحة الشغب السلوفينية غاز الفلفل ضد عدة مئات من المهاجرين بينهم أطفال، حاولوا عبور الطوق إلى سلوفينيا، بحسب مصور فرانس برس.

ووقعت المواجهات بعد وقت قصير على تصريحات رئيس الوزراء السلوفيني ميورا سيرار بأن هذه الدولة الصغيرة ربما تفكر في إقامة "ممرات" للاجئين الراغبين في الوصول إلى شمال أوروبا إذا ما استمروا في الوصول بأعداد كبيرة.

وفي ايطاليا قالت قوات خفر السواحل الايطالية إنها أنقذت أكثر من 4,500 شخص قبالة السواحل الليبية بعد أن شجع هدوء البحر المهاجرين على القيام بمحاولات متعددة لعبور المتوسط.

وتتوقع ألمانيا وحدها ما يصل إلى مليون طلب لجوء هذا العام، غير أن وزير داخليتها توماس دو ميزيير قال إنه يجب على الاتحاد الأوروبي في المستقبل أن يأخذ عدداً محدوداً من المهاجرين ويرسل الباقي إلى دولة آمنة في مناطقهم.

ويلتقي وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي مجدداً الثلاثاء قبيل قمة طارئة الأربعاء.

ودعا القادة الأوروبيون أيضاً إلى القيام بالمزيد من الجهد لحل الأزمة داخل تركيا والشرق الأوسط.

وقال المفوض الأوروبي للشؤون التوسيع يوهانس هاهن أن الكتلة تخصص مساعدة قيمتها "ما يصل إلى مليار يورو" (1,13 مليار دولار) لتشجيع اللاجئين السوريين في تركيا على البقاء هناك، فيما وجهت النمسا وألمانيا دعوة مشتركة لدول الأمم المتحدة للاسهام بمبلغ إضافي قيمته 5 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين المقيمين في مخيمات في لبنان والأردن.

وفر أكثر من أربعة ملايين سوري من النزاع في بلادهم، ويقيم نحو نصفهم في تركيا فيما لجأ أكثر من مليون إلى لبنان ونحو 600 ألف إلى الأردن.