كشف وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الجودة والتطوير، د. وليد الفلاح، عن أن متوسط عمر الذكور الكويتيين هو 77.3 عاما، وأن متوسط عمر الكويتيات 81.9 عاما، مشيرا إلى أن معدل وفيات الأطفال الرضع (أقل من سنة) هو 7.6 أطفال لكل ألف مولود حي.

Ad

وأكد الفلاح، في حواره لـ«الجريدة»، أن أهم الأسباب الرئيسية للوفيات في الكويت هي أمراض القلب والدورة الدموية والحوادث والأورام على التوالي، موضحا أن أهم التحديات التي تواجه النظم الصحية الحالية تكمن في ارتفاع الأعمار والزيادة المستمرة بشريحة كبار السن وارتفاع تكلفة التقنيات الحديثة بالتشخيص والعلاج والأدوية، إلى جانب ظهور أوبئة عالمية مثل إيبولا وسارس وإنفلونزا الخنازير.

وقال إن هذه التحديات تتطلب وجود حالة من التأهب والاستعداد، إلى جانب دعم قدرات النظام الصحي على الاستجابة لطوارئ الصحة العامة التي تهدد الأمن الصحي سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الإقليم أو على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن النظام الصحي الجديد لا يعني الخلو من الأمراض والعاهات فحسب، بل التمتع الكامل بالصحة البدنية والنفسية والاجتماعية أو ما يعرف الآن بتعزيز الصحة... وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

● بداية... ما أهم المؤشرات الصحية الحديثة في الكويت؟

- أهم المؤشرات الصحية الحديثة بالكويت هي أن متوسط العمر المتوقع عند الميلاد هو 77.3 عاما للذكور و81.9 للإناث. أما معدل وفيات الأطفال الرضع (أقل من سنة) فهو 7.6 أطفال لكل ألف مولود حي عام 2013 (بينما كان 10.7 عام 2009). في حين معدل وفيات الأطفال (أقل من 5 سنوات) هو 9.2 لكل ألف مولود حي عام 2013 (بينما كان 12.6 عام 2009). أما معدل وفيات الأمومة فهو 6.7 لكل مئة ألف مولود حي عام 2013 (بينما كان 12.4 عام 2009). أما الأسباب الرئيسية للوفيات في الكويت فتكمن في أمراض القلب والدورة الدموية والحوادث والأورام على التوالي.

● ما حقيقة أن النظم الصحية تمر الآن بفترة تحول تاريخية؟ وما المطلوب من النظام الصحي الحديث من وجهة نظركم؟

- في سبعينيات القرن الماضي سادت حالة من التفاؤل اللامعقول بين الأطباء نتيجة التطورات السريعة الوتيرة والمتلاحقة بالاكتشافات الطبية والتقنيات الحديثة في مجال التشخيص والعلاج، وذهب بعضهم في تفاؤله إلى مرحلة التنبؤ بقرب علاج السرطان والتخلص منه باستخدام التقنيات الحديثة أو إطالة عمر الإنسان لما بعد مئة عام، واتجه تخطيط الأنظمة الصحية إلى التوجه إلى إنشاء المزيد من المستشفيات وتزويدها بأحدث الأجهزة والأدوية والمعدات الطبية وتعيين المزيد من القوي البشرية الطبية والتمريضية والفنية. ولم يكن ذلك سوى تكريس لأنظمة صحية تركز اهتماماتها وتوجه مواردها وإمكاناتها نحو علاج الأمراض، وقد أدى ذلك إلى الارتفاع المذهل في تكاليف الرعاية الصحية وما يترتب عليه من أعباء مالية كبيرة على ميزانيات الدول والأسر والأفراد.

أنماط الحياة الصحية

ويجب أن يركز النظام الصحي الحديث على غرس المفاهيم والسلوكيات وأنماط الحياة الصحية، ووضع وتنفيذ البرامج والسياسات المعززة للصحة، ويجب أن تتعاون كافة الوزارات وقطاعات المجتمع لتنفيذ برامج متعددة القطاعات لدمج الصحة بجميع السياسات وبما يتفق مع تعريف الصحة بمفهومها الشامل وأبعادها المتعددة، وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية في دستورها من تعريف واضح للصحة بأنها ليست مجرد الخلو من الأمراض والعاهات ولكنها حالة من التمتع الكامل بالصحة البدنية والنفسية والاجتماعية أو ما يعرف الآن بتعزيز الصحة من خلال تطبيق مبدأ الصحة في جميع السياسات كضرورة لبناء نظام صحي جديد قادر على مواجهة التحديات المتعلقة بالموقع الرئيسي للصحة ضمن الأهداف الجديدة للتنمية العالمية المستدامة لما بعد عام 2015، وهو ما يتوقف على المحددات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وهذا هو التحدي الحقيقي للنظم الصحية التي تمر الآن بمرحلة تحول.

تحديات

● ذكرتم أن النظم الصحية الحالية تواجه تحديات، فما تلك التحديات من وجهة نظركم؟

- أهم التحديات التي تواجه النظم الصحية الحالية هي ارتفاع الأعمار والزيادة المستمرة بشريحة كبار السن وارتفاع تكلفة التقنيات الحديثة بالتشخيص والعلاج والأدوية، إلى جانب ظهور أوبئة عالمية (مثل إيبولا، وسارس، وأنفلونزا الخنازير) وعودة ظهور بعض الأمراض الوبائية التي اختفت من قبل وهو ما يهدد الأمن الصحي العالمي ويتطلب استمرار التأهب والاستعداد ودعم قدرات النظام الصحي على الاستجابة لطوارئ الصحة العامة التي تهدد الأمن الصحي سواء على مستوى الدولة أو الإقليم أو على المستوى العالمي.

وهناك تحد آخر يتمثل في أنماط الحياة المرتبطة بالمدنية الحديثة والعادات غير الصحية وعوامل الخطورة (مثل التدخين والتغذية غير الصحية ذات المحتوي العالي من الأملاح والدهون والسكريات وذات المحتوي المنخفض من الألياف والخضروات والفواكه، إضافة إلى الخمول البدني والكحول كعوامل خطورة) وتلوث البيئة وتغير المناخ، وارتفاع سقف التوقعات والاحتياجات للمستفيدين من الخدمات الصحية، إلى جانب الأعباء المترتبة على الأمراض المزمنة غير المعدية (الوفيات، والمضاعفات، والإعاقة الحركية والوظيفية).

القمة

● يكثر الحديث الآن عن قمة الأمم المتحدة المرتقبة في الشهر المقبل لاعتماد الأهداف العالمية الجديدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015، فهل تختلف الأهداف الجديدة عن الأهداف التنموية العالمية للألفية الثالثة MDGs التي تم الإعلان عنها والالتزام بها من جانب القمة الإنمائية للأمم المتحدة للألفية الثالثة عام 2000؟

- تم التوافق على الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة MDGs 2015 - 2000 واعتمادها من قادة وملوك ورؤساء دول العالم بالقمة الإنمائية للألفية الثالثة للأمم المتحدة عام 2000 مع بداية الألفية الثالثة، وترتب على ذلك ضرورة الالتزام بها والعمل على تحقيقها من خلال برامج وخطط وطنية تتوافق مع السياق العالمي من حيث الأهداف والغايات والمؤشرات، نظراً لأن المنظمات الدولية تطلب من كل دولة تزويدها بالخطط والبرامج الوطنية ومدى التقدم بتحقيق الأهداف والغايات وفقا للمؤشرات العالمية.

وتقوم تلك المنظمات بنشر تقارير سنوية ودورية تعرض بها المؤشرات الخاصة بكل دولة لإجراء المقارنات بين الدول، وهذه الأهداف هي القضاء على الفقر المدقع والجوع وضمان الإتاحة الكاملة للتعليم الإلزامي والمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وخفض معدلات وفيات الأطفال وتحسين صحة الأمهات، والتصدي للعدوى بالإيدز والملاريا والسل والأمراض الأخرى، وضمان الاستدامة البيئية وبناء الشراكات من أجل التنمية.

الأمراض المزمنة

● ما آلية المتابعة الدولية والإقليمية والوطنية للخطة العالمية للوقاية والتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية؟

- الوقاية والتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية وعوامل الخطورة ذات العلاقة بها يعتبر التزاماً سياسياً للدولة ككل أمام المجتمع الدولي بموجب الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر 2011 والذي تم تجديد الالتزام به فى اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى الثاني المنعقد في نيويورك في شهر يوليو 2014، كما أن قرار منظمة الصحة العالمية في الدورة رقم 66 مايو 2013 نص على اعتماد خطة العمل العالمية للوقاية وللتصدي على الأمراض المزمنة غير المعدية (وتشتمل الخطة على 9 غايات و 25 مؤشراً).

الأهداف الإنمائية

● ما علاقة الصحة أو موقع الصحة بالأهداف الإنمائية للألفية الثالثة التي تم الإعلان عنها في عام 2000؟

- الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة (MDGs 2015 -2000) تتضمن 8 أهداف من بينها 3 ذات علاقة مباشرة بالصحة، وتتمثل في خفض معدلات وفيات الأطفال وتخفيض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين من عام 1990– 2015.

أما المؤشرات الأخرى فتتمثل في خفض معدل وفيات الرضع (أقل من سنة) وخفض معدل وفيات الأطفال (الأقل من 5 سنوات) ومعدل وفيات الأطفال حديثي الولادة ومعدل وفيات الأطفال بسبب الحصبة ومعدلات التغطية بالتطعيمات الواقية من أمراض الطفولة التي يمكن الوقاية منها عبر التطعيم مثل (الحصبة والالتهاب الرئوي)، وتحسين صحة الأمهات، وتخفيض معدلات وفيات الأمهات بمقدار ثلاثة أرباع في الفترة من 1990– 2015، والتصدي للعدوى بالإيدز والملاريا والسل والأمراض الأخرى، ووقف انتشار فيروس العوز المناعي البشري الإيدز بحلول عام 2015 وبدء انحساره من ذلك التاريخ.

التنمية المستدامة

● ما موقع الصحة وعلاقتها بالأهداف العالمية الجديدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015؟

- الأهداف الإنمائية لما بعد عام 2015 (2015-2030) هي 17 هدفاً و169 غاية وضعت خلال جلسات مناقشة موسعة ومتعددة التخصصات على مستوى المنظمات الدولية بمختلف أقاليم العالم، وصدر قرار من منظمة الصحة العالمية في اجتماع الجمعية العمومية رقم 67/مايو 2014 ينص على ضرورة أن تشغل الصحة موقفاً محورياً في خطة التنمية العالمية لما بعد عام 2015، وأن تضمن الخطة تسريع وصون التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية MDGs ذات العلاقة بالصحة.

وينص القرار أيضاً على أن يدرج في خطة التنمية لما بعد عام 2015 ضرورة العمل على تقليل العبء الذي يمكن الوقاية منه، وتلافي حالات المرض والوفيات، وحالات العجز الناجمة عن الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية والإصابات مع تعزيز الصحة النفسية، وضرورة اتخاذ إجراءات متعددة القطاعات لمعالجة المحددات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للصحة.

«الصحة» يجب أن تحضر في كل السياسات

شدد د. وليد الفلاح على أن الأوان قد آن لتطبيق مبدأ «الصحة حاضرة» في جميع السياسات والوزارات والقطاعات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني، مشيراً، على سبيل المثال لا الحصر، إلى وجوب دمج الصحة ضمن التشريعات والقوانين ونظم العمل وسياسات التنمية وسياسات المرور وسياسات العمل والإجازات والتقاعد والسياسات الأمنية والبيئية والتعليمية وسياسات تنشئة ورعاية الطفولة، وسياسات الدعم الاجتماعي وسياسات البلدية والتخطيط العمراني والسياسات الاقتصادية والسياسات الدولية والعلاقات الخارجية من خلال تطبيق التوجه الجديد لدمج الصحة ضمن العلاقات الخارجية والسياسات الدولية أو ما يعرف بالدبلوماسية الصحية.

وقال الفلاح إن الدول المتطورة طبقت هذه المبادئ بنجاح (مثل فنلندا) وأظهرت المؤشرات نجاحها لتحقيق أهداف الصحة بمفهومها الشامل وأبعادها المتعددة وبصفة خاصة مؤشرات أعباء الأمراض المزمنة غير المعدية.

وأوضح أن الوقاية والتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية وعوامل الخطورة ذات العلاقة بها تعتبر أولوية تنموية على مستوي العالم، مشيرا إلى أن تلك الأمراض المزمنة ترتبط بالسلوكيات والسياسات غير الصحية مثل التدخين والتغذية غير الصحية والخمول البدني.

وأوضح أنه من الممكن تخفيف الأعباء المترتبة عليها من خلال الوقاية منها والتصدي لها وعن طريق وضع وتنفيذ سياسات مجتمعية متعددة القطاعات ومن خلال تعديل أنماط الحياة وغرس السلوكيات الصحية والتصدي للسلوكيات وأنماط الحياة غير الصحية.