«فيينا 2» مصلحة إيرانية... وتطويق «حزب الله» هدف خليجي

نشر في 11-11-2015
آخر تحديث 11-11-2015 | 00:09
No Image Caption
إعلان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر احتمالَ زيادة عدد المستشارين الأميركيين في سورية «إذا تبين أن هناك حاجة فعلية لها بناء على طلب الجماعات التي نناصرها»، لا يمكن اعتباره أمراً دقيقاً من الناحية العملية.

لكن هذا الإعلان يحمل دلالات سياسية كثيرة تشير إلى تغيير في أمزجة الأميركيين، بعدما أظهر آخر استطلاع للرأي تطوراً دراماتيكياً في نظرتهم إلى الصراع الذي تخوضه واشنطن ضد تنظيم «داعش»، وموافقة أكثر من 54 في المئة من الأميركيين على التدخل عسكرياً ضده.

حادث «إسقاط» الطائرة الروسية عزز مناخ الحذر سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وسهل على مسؤولي الإدارة الأميركية الإدلاء بتصريحات تبدو في تعارض مع الموقف العام الذي حافظ عليه الرئيس باراك أوباما لناحية استبعاد تورط الجنود الأميركيين في مواجهات مباشرة على الأرض.

مسؤولون أميركيون لم يرغبوا في التعليق كثيراً على تصريحات كارتر، خصوصاً أن البعض يعتبر تصريحاته في كثير من الأحيان من خارج «الكتاب العام».

لكن ما يجري في سورية هذه الأيام لعله يرسم خطوطاً دقيقة لكل اللاعبين، في وقت يتكشف حجم الاستعدادات الجارية لترسيم «الحدود»، ميدانياً وسياسياً.

الإعلان عن تشكيل «جيش سورية الجديد»، يكشف في جانب منه عن البدائل التي لجأت إليها واشنطن بعدما أوقفت برنامج تدريب المعارضة السورية قبل أكثر من شهر.

لا بل هناك من يقول، إن البرنامج نفسه تحول منذ مدة نحو توفير تلك البدائل التي كانت جزءاً من برنامج التدريب نفسه، والتي في سياقها تم الاعلان عن دعم ما يسمى «قوات سورية الديمقراطية».

ثم جاء الإعلان عن إرسال المستشارين الأميركيين ليرسم عملياً حدود العمليات العسكرية المسموح بها سواء للروس أو الإيرانيين أو حتى النظام السوري نفسه ضد تلك القوات التي ستتولى عملياً إدارة المعركة ضد «داعش»، خصوصاً في مناطق شرق سورية وشمالها نحو الحدود التركية.

وأمس الأول كشف المتحدث باسم «البنتاغون» جيف ديفيس أن عشر مقاتلات حربية أميركية من طراز «أف 15» و»آي 10» وصلت في الأيام الماضية إلى قاعدة «إنجرليك» الجوية في تركيا، وذلك في إطار خطة وزارة الدفاع الأميركية تكثيف الغارات ضدّ تنظيم داعش في سورية والعراق، على أن تنضم إليها قريباً 6 مقاتلات حربية أخرى.

إذا هي مرحلة رسم حدود الاشتباك سواء بين الجماعات السورية المتقاتلة أو بين الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى الداعمة.

ويضيف أحد المسؤولين الأميركيين أن العملية السياسية الجارية بالتوازي مع التطورات الميدانية لا تقل أهمية، خصوصاً أن الأطراف التي دعيت إلى «فيينا 1»، حريصة جداً على حجز مقعدها في «فيينا 2» المتوقع عقده نهاية الأسبوع الجاري.

فإيران التي حاولت الاعتراض على سياقات تلك العملية، تبدو قد ابتلعت اعتراضاتها، لإحساسها أن ابتعادها أو إبعادها عنها سيضاعف من خسائرها التي لا يمكن تعويضها، بعدما ظهر عجزها عن تحقيق أي إنجاز سياسي أو ميداني، ليس فقط في سورية بل وفي العراق أيضاً.

يأتي هذا في حين تشير تسريبات سياسية ودبلوماسية إلى نجاح الاعتراضات الخليجية في تشكيل لوبي يعمل على إقناع الأميركيين بضرورة تقليم أظافر طهران، عبر فرض حصار شديد على «حزب الله»، الأداة الإيرانية الإقليمية الرئيسية، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا معاً.

بهذا المعنى «فيينا 2» بات مصلحة إيرانية بينما واشنطن، التي حرصت على دعوتها إليه، مقتنعة بأن سياسة الاحتواء والاستيعاب هي السياسة الأكثر حكمة في هذه المرحلة.

back to top