فتحت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها صباح الأحد للتصويت في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن ترسخ سلطة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أسكت كل أصوات المعارضة منذ إطاحة مرسي في يوليو 2013.

Ad

وتجرى هذه الانتخابات التي تأجلت كثيراً وهي الأولى منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه الإسلاميون في 2012، في غياب كامل للمعارضة لأن السلطات تقمع كل الأصوات المخالفة الإسلامية والعلمانية على حد سواء منذ إطاحة قائد الجيش السابق السيسي بسلفه مرسي في يوليو 2013.

وتجرى المرحلة الأولى على يومين من الساعة 9,00 (7,00 تغ) حتى الساعة 21,00 (19,00 تغ) في نحو 19 ألف مركز اقتراع في 14 محافظة تضم 27 مليون ناخب، من أصل 27 محافظة.

وبدا المصريون خارج البلاد عملية التصويت أمس السبت.

وستجري الانتخابات المنتظرة على مرحلتين بين 17 أكتوبر والثاني من ديسمبر لشغل 596 مقعداً في أكبر بلد عربي يبلغ عدد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة.

وسيجرى انتخاب 448 نائباً وفق النظام الفردي و120 نائباً وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي 28 نائباً.

لكن الخبراء لا يعتقدون أن هذا البرلمان سيشكل فارقاً أو توازناً في الحياة السياسية في مصر التي تطغى عليها سلطة الرئيس عبدالفتاح السيسي قائد الجيش السابق الذي يحظى بتأييد أغلبية المرشحين للبرلمان أنفسهم.

ويقول استاذ العلوم السياسية حازم حسني لوكالة فرانس برس أن "البرلمان سيكون برلمان الرئيس"، ويضيف "انه سيترك للرئيس حرية إدارة شؤون البلاد كما يشاء، سيكون برلماناً للحفاظ على الأمر الواقع كما هو مع اعطاء مسحة من الديمقراطية" على النظام الحالي.

وأوضح يسري العزباوي الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن "مصر دولة مركزية ورئيس الدولة يلعب دوراً كبيراً على صعيد السلطة التنفيذية وأيضاً التشريعية والرئيس السيسي لديه سلطات كبيرة، كبيرة جداً".

واستبعد العزباوي أن يحدث البرلمان الجديد التوازن "في ظل الشعبية الكبيرة للسيسي".

وغالبية المرشحين الذين يخوضون هذه الانتخابات يدعمون المشير المتقاعد الذي يحظى بشعبيه كبيرة.

ويرى عدد كبير من المصريين أن السيسي هو الرجل القوي الذي استطاع أن يُعيد قدراً من الاستقرار للبلاد ويمكنه انعاش اقتصاد متأزم بفعل الاضطرابات الأمنية والسياسية التي عصفت بمصر منذ ثورة يناير 2011 التي أسقطت حسني مبارك.

وبالرغم من أن الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة منها سحب الثقة من الرئيس ومراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوماً.

إلا أن الخبير السياسي حسني يعتقد أن هذا البرلمان "لن يكون ثورياً أو إصلاحياً ولن يشكل معارضة حقيقية تكبح جماح سلطة الرئيس"، والساحة السياسية في مصر الآن بلا أي معارض حقيقي للسيسي.

وحظرت السلطات المصرية جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وفازت في كل الانتخابات التي نظمت عقب إطاحة مبارك كما صنفتها "تنظيماً إرهابياً" وحظرت ترشيح كوادرها في الانتخابات.

وفي الأشهر التي تلت عزل مرسي شنت قوات الأمن المصرية حملة قمع على جماعة الإخوان المسلمين أدت إلى سقوط 1400 قتيل من أنصارها كما تم توقيف عشرات الآلاف من المنتمين إليها وحوكم مئات، من بينهم مرسي في قضايا جماعية دانتها الأمم المتحدة.

أما الحركات الشبابية العلمانية واليسارية التي كانت رأس الحربة في ثورة 2011 فتم قمعها فضلاً عن أنها غير منظمة، وستقاطع هذه الحركات الانتخابات أو ستمثل تمثيلاً ضعيفاً إذ أن لها قرابة مئة مرشح فقط من اجمالي 5000 مرشح.

وفي غياب الإخوان المسلمين عن المشهد، يبرز حزب النور السلفي الذي أيد عزل مرسي، كالحزب الإسلامي الوحيد في هذه الانتخابات.

ويتنافس مئات من الأعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، في الانتخابات بعد أن ألغى القضاء قراراً سابقاً بمنع ترشحهم.

وأكد تقرير لصحيفة الأهرام اليومية المملوكة للدولة أن قرابة نصف المرشحين كانوا أعضاء في حزب مبارك الذي تم حله.

وتنحصر المنافسة بين تكتلات مؤلفة من أحزاب موالية للسيسي أو من "مستقلين" مؤيدين له سيتنافسون على 596 مقعداً نيابياً.

وتسعى قائمة "في حب مصر" التي تضم أحزاباً من يمين الوسط ورجال أعمال ووزراء سابقين وأعضاء سابقين في الحزب الوطني، إلى الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان مع حلفائهم.

أما القائمة الثانية الموالية للسيسي والتي تتمتع بثقل فهي "الجبهة المصرية" التي يقودها مؤيدو أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

ودعا الرئيس المصري السبت المصريين إلى "الاحتشاد بقوة أمام لجان الاقتراع" مع بدء التصويت للمصريين المقيمين في الخارج في الانتخابات، وقال في كلمة متلفزة "أدعو جميع المصريين للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة مرة أخرى لتنفيذ استحقاقنا الأخير".

وتأمل الحكومة المصرية أن تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة خاصة أن آخر انتخابات برلمانية والتي اكتسحها الإسلاميون حققت نسبة مشاركة 54.9 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين.

ويعتقد الخبير السياسي حسني أن "المصريين فقدوا الاهتمام بالانتخابات" متوقعاً نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات.

وخصصت الحكومة المصرية نحو 360 ألف شرطي وجندي لحماية مراكز الاقتراع عبر البلاد التي تواجه قوات الأمن فيها هجمات متواصلة من الجماعات الجهادية المتشددة.

وتنطلق المرحلة الثانية للانتخابات والمقررة في 22 و23 من نوفمبر في 13 محافظة تضم 28 مليون ناخب.