عالم بلا عرب

نشر في 15-09-2015
آخر تحديث 15-09-2015 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي في مقال سابق طرحنا فكرة "ماذا لو" قامت أميركا وبعض حلفائها بالانسحاب الكامل والناجز من كل العالم العربي، مع إغلاق القواعد العسكرية ونقل الشركات العالمية وتوطينها في أماكن أخرى من العالم، واستكمالا لهذه الخطوات "فقد دعت الأمم المتحدة دول العالم لاجتماعات عاجلة ومستمرة، وذلك لدراسة إمكانية إقامة نظام عالمي جديد بدون العرب"، نظراً لانتشار الكثير من الظواهر السلبية التي مصدرها العالم العربي، ولعل أخطرها ظاهرة الإرهاب، وقيام العشرات بل المئات من المنظمات والجماعات المسلحة، وإنشاء دول وخلافة تمارس أبشع العمليات الإرهابية من جز الرؤوس، وحرق البشر أحياء، وسبي النساء وبيعهن في أسواق النخاسة، وتدمير لا ينتهي، ونزاعات بين الأنظمة العربية، وكل منها يسعى إلى إزالة الآخر، حتى غدت المنطقة مصدر تهديد للوجود العالمي، فلو تمعنا في خريطة العالم فلن نرى غير تلك النيران المشتعلة ومصدرها واحد: العالم العربي.

بعد الدراسات التي تمت في قاعات الأمم المتحدة، وبعد نقاشات مستفيضة تم التوصل إلى اتخاذ قرارات على جانب كبير من الأهمية؛ وذلك لحماية الأمن والسلم الدوليين، وإعادة الاطمئنان إلى سكان العالم، ومن تلك القرارات إغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام دخول العرب سواء الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، والعمل على إعادة جميع المقيمين في بلاد العالم إلى بلادهم العربية التي ينتمون إليها، والطلب من كل دول العالم سحب مواطنيها من العالم العربي، فلن نرى بعد ذلك جاليات من الفلبين والهند وبنغلادش.

 وكذلك الالتزام بعدم تصدير السلاح بكل أنواعه لدول المنطقة كلها بلا استثناء، والطلب من الدول العربية إعادة تأهيل نفسها لتكون عامل بناء وتعمير وثقافة وتطوير، وذلك بإنهاء جميع المظاهر المسلحة، وعقد اتفاقيات سلام وحسن جوار بين كل دول المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإشاعة المحبة والتراحم ووقف الشحن الطائفي، وعدم استغلال الدين في الخلافات السياسية والمذهبية، فالإسلام واحد بقول الحق سبحانه وتعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينا".

 ثم العمل الجاد على توسيع المشاركة الشعبية في الحكم وتقليص الفوارق المادية بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، وبين من يملك كل شيء ومن لا يملك أي شيء، وخلق فرص عمل للجميع حتى نمنع وجود من يغامر بحياته والهرب من وطنه وأرضه للبحث عن لقمة العيش والكرامة التي افتقدها.

وكذلك العمل بجد من أجل تحويل مقرات الجماعات المسلحة ومعسكراتها إلى مراكز علمية وثقافية، وفي حال تطبيق هذه القرارات المهمة سنرى عالماً ينعم بالأمن والأمان، ويشعر البشر فيه بالاطمئنان، ويتم تحويل تلك الميزانيات الضخمة التي تم رصدها للمجال الأمني إلى مجالات التنمية، وفي حال البدء بتنفيذ هذه القرارات الدولية فسيكون أمام العرب خياران: إما الاستمرار بالقتال والنزاع حتى يتم إنهاء الدول والعودة إلى نظام القبائل، وعودة حروب داحس والغبراء وأيام العرب وعمليات النهب والسلب والسبي، أو الخيار الآخر العمل على إقامة نظام عربي متطور يسوده الأمن والسلام، وتدمير كل أنواع السلاح، وفتح الحدود بين الدول العربية واستبدال القتال بالتعاون المثمر والبنّاء.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

الإعلام والانحدار العربي

لم يكتف الإعلام العربي بكل اتجاهاته وأطيافه وأنواعه بفقدان المصداقية في نقل الأحداث والتحليلات، بل ساهم وبفعالية في الانحدار السريع نحو قاع التخلف، وتحول هذا الإعلام إلى "كير" ينفخ في جمر الفتن، وزيادة إشعال النار بين الدول العربية، وفئات المجتمعات والطوائف، وأصبح هذا الإعلام طرفا في النزاعات، لا يقل خطرا عن ذلك المقاتل الذي يمتشق الرشاش ويطلق الصواريخ، ويرتدي الأحزمة الناسفة، ولعل المؤلم لجوء هذا الإعلام إلى استخدام الأطفال والكوارث والمآسي الإنسانية في إذكاء الشحن والكراهية بين جميع أطراف النزاع.

back to top