خلال الأشهر القليلة القادمة، ومع بداية دور الانعقاد التالي لمجلس الأمة في نهاية أكتوبر المقبل، سيكون أمامنا استحقاق مهم يتعلق بإقرار "البديل الاستراتيجي"، الذي سيعالج نظام الرواتب والأجور في البلد الذي يعاني اختلالات وتفاوتاً في تقييم المهام الوظيفية في مقابل الأجور والمكافآت والبدلات، وكذلك تسعير الراتب المستحق للمؤهلات الدراسية المختلفة، وأيضاً مقابل الخبرات السابقة والتدريب الوظيفي.

Ad

مهمة الدولة في تسويق البديل الاستراتيجي ستكون بالغة الصعوبة لحصول فئات وظيفية محددة سابقاً على امتيازات مالية ومكافآت مبالغ فيها وغير مسبوقة، تبدد المال العام بشكل واضح، عبر كوادر مالية ضخمة وسيارات فارهة وبدلات سفر خيالية ومكافأة نهاية خدمة تضاهي مكافآت مديري أكبر مصانع الإلكترونيات والتكنولوجيا الحديثة، وذلك يتسبب في غبن وظلم اجتماعي للكويتيين، إذ أصبح هناك خريج حقوق "سوبر"، وهو من يعيّن في جهة ذات كوادر وبدلات وامتيازات، وخريج حقوق "عادي" لا يحظى بحظ التوظيف في مثل هذه الجهات المنتقاة، ونتيجة لذلك أصبح من يملك سلطة التوظيف في تلك الجهات "إكسترا سوبر"، مواطنا تفتح له كل الأبواب المغلقة اجتماعياً وسياسياً ومالياً.

في الكويت، المهندس والطيار والقاضي والطبيب وموظف البترول، كل منهم مهم للبلد وذو نفع كبير له، ولكن البعض منهم يعتقدون أن البلد لا يمكنه أن يسير من دونهم، ولذلك أحياناً تكون لهم مطالب بمميزات ورواتب خيالية جداً، ولا يمكن مقارنتها مع أقرانهم في أغنى دول العالم، وإذا تمت المقارنة فإنه يجب أن يوضع في الحسبان مستوى المعيشة وضرائب الدخل السنوية التي يسددها أصحاب تلك المهن في الخارج، بينما هناك زملاء لهم يحملون التأهيل العلمي نفسه ويحصلون على أجور بسيطة، ولا يستطيعون أن يحصلوا على الإنصاف المطلوب لرعاية أسرهم والحفاظ على مكانتهم الاجتماعية.

وبسبب الجدل حول الرواتب والأجور وإعادة التوازن والعدالة في طرق وسبل منحها، فإن البداية الصحيحة تكون بوضع لجنة وطنية فنية متخصصة لتوصيف الوظائف جميعاً، مهامها ومسؤولياتها وظروف العمل، سواء كانت ميدانية أو مكتبية، ووضع نقاط تكافؤ هذا التوصيف تكون في مقابلها امتيازات مالية، فلا يجوز أن يحصل الطبيب في المستوصف على راتب طبيب الحالات الطارئة والجراح في المستشفى، وكذلك المهندس الذي يقضي يومه في مشاريع الطرق والجسور لا يجوز أن يتساوى مع مهندس إداري في مكتب، وأيضاً لا يجوز أن تقل رواتب وامتيازات فني محطات الكهرباء وتحلية المياه عما يحصل عليه إداري في مؤسسة البترول، وكذلك يجب أن يكون اسم "البديل الاستراتيجي" اسماً على مسمى، فتربط كذلك الوظائف وامتيازاتها بمدى خدمتها لخطط التنمية.