الأردن يودِّع «الصوت الواحد»!

نشر في 06-09-2015
آخر تحديث 06-09-2015 | 00:04
قد تتحسن الممارسة الانتخابية - ولا أقول الديمقراطية - في الأردن، بعد توديع «الصوت الواحد»، أو في الكويت إن تم تعديل نظامها الانتخابي في القادم من الزمن، إلا أن الذي نعرفه أن نظام الانتخاب لا يعدو كونه «وسيلة» بحاجة إلى أجواء ديمقراطية حقيقية تبدأ بنمط التنشئة السياسية للأفراد، والكف عن توظيف موارد الدولة وخدماتها لأطراف وحجبها عن آخرين، كما هو في مثال العلاج بالخارج!
 مظفّر عبدالله أول العمود:

الكويت تقع على بحر من النفط... وعلى سطحها بحر من الأسلحة!

ها هي المملكة الأردنية الهاشمية تسير نحو إلغاء نظام «الصوت الواحد» في نظامها الانتخابي، والذي عُمِل به منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ويأتي هذا التغيير بناء على مشروع حكومي لا باقتراح أو تكليف للهيئة المستقلة للانتخابات.

وقد جوبه «الصوت الواحد» بمقاطعة القوى الإسلامية، وحرم قطاعات اجتماعية من التمثيل في البرلمان، واليوم يلاقي المشروع الجديد، الذي يعتمد على إدلاء الناخب بصوته لإحدى القوائم المرشحة في المحافظة أولاً، ثم التصويت لعدد من المرشحين لا يتجاوز عدد مرشحي القائمة التي صوت لها ابتداءً دون غيرها من القوائم الأخرى، يلاقي هذا المشروع ترحيباً من القوى السياسية وكتاب أردنيين، مع ترقب وانتظار للجزء الثاني من عملية التغيير الخاصة بتحديد الدوائر وتوزيع المقاعد بموجبها بعدالة.

أكتب عن هذا الموضوع لأنه شبيه، من حيث المبدأ لا التفاصيل، بحالة الكويت، بعد إقرار «الصوت الواحد» بإرادة أميرية وتحصن بحكم المحكمة الدستورية وانتُخِب المجلس الحالي بموجبه. ومعلوم أن النظام الانتخابي أشبه بالكائن الحي، يتطور ويتغير باستمرار، لا حباً في التغيير بل لدواعٍ سياسية وديموغرافية وجغرافية، وفي العالم اليوم 118 نوعاً من أنظمة الانتخابات معمولاً بها في دول عدة.

لنظام «الصوت الواحد» سلبيات كثيرة، ولعل حجة من يؤيدونه بأنه أتاح الفرصة للشرائح الصغيرة غير الممثلة للتواجد في البرلمان، تعد حجة غير قابلة للصمود أمام النتائج، وإحداها وصول ممثلين غير أكفاء، بل وصامتين لا يتكلمون، هذا إذا تم تحييد نتائج مقاطعة الانتخابات جانباً. لكن هذا ليس بيت القصيد - وقد تكون حجتي ضعيفة أيضاً - إلا أنه لا يمكن فك التشابك بين الممارسة الديمقراطية - والانتخابات جزء منها - وبين الطبيعة الاجتماعية والعشائرية للناخبين، سواء في الأردن أو الكويت، إضافة إلى هيمنة الحكومة على معظم مرافق الدولة، وبالتالي استقطاب مصالح الناس اليومية تجاه جهازها الإداري، وتعلق مصالحهم المصيرية بـ»حنفية» الحكومة ومواردها.

قد تتحسن الممارسة الانتخابية - ولا أقول الديمقراطية - في الأردن بعد توديع الصوت الواحد، أو في الكويت إن تم تعديل نظامها الانتخابي في القادم من الزمن، إلا أن الذي نعرفه أن نظام الانتخاب لا يعدو كونه «وسيلة» بحاجة إلى أجواء ديمقراطية حقيقية تبدأ بنمط التنشئة السياسية للأفراد، والكف عن توظيف موارد الدولة وخدماتها لأطراف وحجبها عن آخرين، كما هو في مثال العلاج بالخارج!

وأضيف أيضاً أن أي نظام انتخابي يحقق نسب نجاح عالية يتطلب إبعاده عن أصحاب المصالح المباشرة للعملية الانتخابية، بمعنى ضرورة إيكال الأمر إلى هيئة مستقلة للانتخابات تدرس بشكل مستمر الحاجة إلى التغيير تبعاً للتطور الديموغرافي والإسكاني للدولة، وأن يتحول موضوع شكل الانتخاب ونظامه إلى جزء من العملية الديمقراطية الشاملة، لا أن يكونا محوراً لها كما هو حاصل، لا في الأردن والكويت فقط بل في الدول العربية قاطبة.

back to top