اليمن دولة مهمة في الجزيرة العربية، ذات موقع استراتيجي على البحر الأحمر وبحر العرب، وفيها موانئ تاريخية مهمة مثل عدن والحديدة، وهي الدولة العربية الوحيدة التي كانت تنتج البنّ، وبلاد أصل العرب، وتاريخها يعود إلى سبأ ومأرب قبل الإسلام، وذات الأربعة والعشرون مليوناً من البشر، والشعب اليمنى شعب مجدّ في ميدان التجارة وغيرها. بلد فقير وبعض مناطقه تحت خط الفقر، والفرصة سانحة لنهوضه بعد أن تضع الحرب أوزارها وتبدأ عملية إعادة البناء والأعمار، وما يحتاجه اليمن للمرحلة القادمة إرادة سليمة، ومساعدات اقتصادية خليجية، وسلام اجتماعي داخلي، وجبهة وطنية سياسية لها أهداف وطنية استراتيجية، ويمكن طرح بعض النقاط الأساسية للمرحلة القادمة، وقبل كل شيء لابد من توضيح حول العنوان "إعادة بناء اليمن"، ذلك لا يعنى أن اليمن كان متطوراً ودمرته الحرب ولهذا يحتاج إعادة بناء ما سبق. لقد استنزف النظام الدكتاتوري السابق ثروات اليمن لبناء قوة عسكرية هدفها حماية النظام وعلى أساس قبلي وطائفي سياسي، وبالحرب الأخيرة تم تدمير البلد الذي كان مدمراً، وعليه فالمرحلة القادمة مهمة ليبدأ اليمن من جديد.

Ad

أولاً: إن الخطوة الأولى على طريق إعمار اليمن وبنائه قرارٌ من مجلس التعاون لتشغيل العمالة اليمنية التي تقلص عددها إلى حد كبير في دول مجلس التعاون لأسباب سياسية، وبدون الدخول في تفاصيل الموضوع فإن خطوة كهذه مهمة وتتصدر كل المشاريع التي يريدها اليمنيون وأصدقاؤهم في المستقبل القريب.

ليس معقولاً أن تجلب العمالة إلى دولنا هنا في منطقة الخليج العربي من مختلف دول العالم في آسيا وإفريقيا وغيرها، ولا نهتم بالعمالة اليمنية وهي من بلد في خاصرة الجزيرة العربية.

ثانياً: ولما كان اليمن فيه مجالات للاستثمار، خصوصا في الموانئ التجارية، وفي مجالات أخرى مثل: التعليم والصحة وغيرها، فإن الفرصة سانحة للاستثمار فيه يمنياً وخليجياً، وإن الاستقرار الذي ينشده اليمنيون سيفتح الباب لذلك الاستثمار، وفي المقدمة الرأسمال اليمني في الخارج، ودوره سيكون محورياً في هذه العملية.

 ثالثاً: إن القوى المضادة وقوى الفساد لا تهدأ، ولن توقف نشاطها في عرقلة مرحلة البناء وإن محاربة الفساد جزء من عملية البناء والنهضة في اليمن.

لقد عانى اليمن الكثير من الصراع والحروب الأهلية، وتأمل أن تكون حرب تحريره هي آخر حروبه، وأن الشعب اليمني يستحق المساعدة، وهو واجب علينا قبل غيرنا، وإن مساعدات دول الخليج العربية قد وصلت إلى مختلف دول العالم النامية، وهبت لتحريره، وعلينا أن نكمل المهمة بدعم هذا الشعب ومساعدته في المرحلة القادمة.

إن الفرصة التاريخية في إعادة بناء اليمن على أسس سليمة بمشاريع استراتيجية يمنية وخليجية، والمدخل لذلك كله أن تتوافر الإرادة والإدارة السليمتان.

ويبقى الجانب السياسي مهماً أولاً على مستوى اليمن شمالاً وجنوباً، وهذا يحتاج توافقاً على قواسم مشتركة في ظل سلم اجتماعي وبمنهج ديمقراطي، ثم تأتي الخطوة التالية المهمة بدخول اليمن عضواً في مجلس التعاون الخليجي حتى لو اضطرنا الأمر إلى تغيير مسماه إلى مجلس التعاون لدول الجزيرة العربية، والبداية أن تكون دولة اليمن مراقباً في المجلس، ثم يتطور الأمر إلى عضوية كاملة، وإن أي مشروع لمجلس التعاون قبل تلك العملية وأثناءها يجب أن يأخذ بعين الاعتبار اليمن ضمن استراتيجية تنموية شاملة كالسوق المشتركة أو غيرها.

إن الخطوة الأولى لتحرير اليمن كانت قراراً وفعلاً خليجياً، وإن إعادة البناء يجب أن تبدأ يمنياً ثم خليجياً، وبدون شك فإن المهمة ليست سهلة، ولكن لا بد من مواجهة التحدي، وقد بدأ ذلك في عملية تحريره، ولا بد أن يستمر في إعادة بنائه.

نتحدث اليوم عن قضية مهمة، والفرصة التاريخية متوافرة وعلينا أن نستفيد منها لمصلحة إخواننا وأهلنا في اليمن والمنطقة في الحاضر والمستقبل.