أعيدوا الانضباط إلى البلد
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
لذا فإن ما وقع في قصر العدل مؤخراً من اعتداء وضرب وانتهاك لحرمة محراب العدالة هو نتاج طبيعي لتلك الفترة من التسيب وغياب الانضباط العام في الدولة، وهو حدث خطير، فكم من دولة استطاعت أن تواجه مخاطر خارجية كبرى، ولكنها سقطت بسبب التسيب والفوضى الداخلية وغياب الانضباط وفقاً لسلطة القانون وأحكامه، لاسيما أن أهم مظاهر هيبة وانضباط الدول هو القضاء العادل، ورجل الأمن الذي يطبق القانون بحزم دون تجاوز على حقوق المواطنين الإنسانية وحرياتهم العامة. مظاهر التسيب كثيرة ولافتة رغم البناء القانوني الأقدم والأشمل الذي تملكه الكويت بين دول المنطقة، ففي القضية المرورية أصبحت مدينة الكويت وضواحيها أشبه بمدينة فقيرة من مدن العالم الثالث بسبب الفوضى المرورية، وأضحت كل الشوارع الفرعية في وسط العاصمة شبه مغلقة بسبب المخالفات في الوقوف والمرور عكس السير ومخالفات البناء، واستسلمت الدولة لهذا الوضع، وأصبح حضور دورية المرور نادراً ومؤقتاً، ويقتصر على فترة تمتد من الصباح حتى الحادية عشرة قبل الظهر، ثم تترك الأوضاع على حالها من فوضى، وتم تقنين مخالفات البناء والسكوت عنها. ورغم ذلك فإن قانون مكافحة التدخين أو كما هو متعارف عليه "قانون المرشد" في الكويت هو الأقدم بين القوانين المشابهة له في دول الخليج، إذ صدر قبل عشرين عاماً، لكن المدخنين في الكويت يتجولون بالسيجارة في "المولات" وصالات المطار والمستشفيات وجميع الأماكن العامة بينما لا ترى ذلك في دبي والدوحة وأبوظبي ومسقط والمنامة، وحالة الانضباط والالتزام بالقوانين بين السكان في تلك المدن أضحت بمعايير الدول المتقدمة. لا يمكن نكران أن هناك محاولات حالياً من قبل وزارة الداخلية لإعادة الانضباط ولكنها متواضعة الأثر، لأن البلد بحاجة إلى حملة وطنية كبرى لمواجهة حالة التسيب، وفرض واحترام القوانين بشكل عام كي تطبق على الكبير والصغير، يبدأ أول أهدافها بإعادة الانضباط إلى الشارع، ثم تتطور تلك الحملة الوطنية لتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة المعنية، لمحاربة التسيب في جميع المجالات، وتشمل جميع التجاوزات على نظم العمل أو على المال العام، وحتى الانضباط بقوانين النظافة والمرور والتدخين، وهي حملة لها حاجة ملحة ومهمة قبل أن ينزلق البلد أكثر إلى حالة من التسيب والفوضى التي لا تحمد عقباها.