هل تشكل مغامرة اردوغان الانتخابية مخرجاً للأزمة؟
بعد أقل من خمسة أشهر على آخر انتخابات تشريعية، يتوجه الناخبون الأتراك مجدداً في الأول من نوفمير إلى صناديق الاقتراع في خطوة تشكل أخطر مغامرات الرئيس طيب رجب اردوغان خلال مسيرته السياسية.
لكن نتيجة هذه الانتخابات قد تكون مماثلة لتلك التي أجريت في السابع من يونيو الماضي، بحسب عدد من المحللين.وسيشكل ذلك خبراً سيئاً لاردوغان، الذي يريد استعادة حزبه العدالة والتنمية الحاكم الغالبية التي امتلكها منذ وصوله إلى السلطة عام 2002، لكنه خسرها في الانتخابات السابقة.وقالت نيجار غوكسيل، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في اسطنبول "في الأسابيع القليلة الماضية لم يكن هناك أي تغيير جوهري من شأنه أن يمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز ليشكل حكومة بمفرده".وأضافت "يمكن أن نبقى في المأزق ذاته كما في السابق، لكن أموراً كثيرة قد تتغير مع ذلك".ومنذ أن وجهت انتخابات السابع من يونيو أكبر صفعة لاردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، يركز رجل تركيا القوي أقصى جهوده على اجراء انتخابات جديدة.فقد قلل من شأن فكرة تشكيل ائتلاف حكومي، ودعا إلى اجراء انتخابات فور انهيار محادثات الائتلاف وكرر مراراً للأتراك من يجب أن يختاروه في الانتخابات المقبلة.فاردوغان لا يضع نصب عينيه غالبية بسيطة فقط، انما الحصول على غالبية ثلاثة أخماس من شأنها أن تسمح لحزب العدالة والتنمية الدعوة إلى استفتاء من أجل تغيير الدستور لتأسيس نظام رئاسي بقيادته.وقد نال حزب العدالة والتنمية أقل من 41 في المئة في الانتخابات السابقة، متراجعاً عن نحو خمسين في المئة العام 2011، وبات في وضع حرج بسبب الأداء القوي لحزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي حل رابعاً.ويتهم معارضون اردوغان بشن عملية عسكرية عبر الحدود ضد حزب العمال الكردستاني بهدف تشويه سمعة حزب الشعب الديموقراطي الذي يتهمه بأنه واجهة للعمال الكردستاني المحظور.لكن حتى في ظل تأكيد وسائل الإعلام الحكومية مقتل 943 من مقاتلي العمال الكردستاني في حملة جوية لا هوادة فيها، لا تظهر استطلاعات الرأي حتى الآن أي تغيير جذري في نوايا الناخبين.وأظهرت نتيجة لآخر استطلاع للرأي أجرته مجموعة "متروبول" التي تحظى باحترام، أن حزب العدالة والتنمية سينال 41,7 في المئة من الأصوات في حين سيزيد حزب الشعب الديموقراطي حصته إلى 14,7 في المئة. وقال مدير "متروبول" اوزين سنكار "حسب نتائج اليوم، يبدو أن الانتخابات الجديدة لن تؤدي إلى وضع سياسي مختلف جداً عن انتخابات السابع من يونيو".لكن مع تصميم اردوغان الشهير بمواصلة المعارك السياسية، وعدم اظهاره أي ميول للمساومة، فإن تركيا تواجه خطر المراوحة في مأزق يطول أمده.وقد أبدى الرئيس نفوره بشكل واضح ازاء الائتلافات ويريد عودة حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وحده للقيام بعملية تحول في البلاد قبل حلول الذكرى المئوية لتأسيس تركيا الحديثة في العام 2023.وفي الوقت ذاته، فإن الشريك الطبيعي لحزب العدالة والتنمية، حزب الحركة القومية الذي حل في المركز الثالث، يبقى خارج اللعبة إثر رفض زعيمه العنيد دولت بهجلي قبول أي ائتلاف.واوردوغان الذي شغل منصب رئيس الوزراء مدة 11 عاماً، أصبح رئيساً في28 أغسطس 2014 في أول انتخابات مباشرة لرئيس دولة تركي، ويسعى إلى توسيع صلاحيات المنصب منذ ذلك الحين.وللمرة الأولى، أصبح في تركيا قوتان تمارسان السلطة منتخبتان ديمقراطياً، الرئيس والبرلمان، الأمر الذي يشكل صلب المواجهة الحالية.وقال مارك بيريني، باحث زائر في كارنيغي أوروبا، أن "احتمالات ما بعد الأول من نوفمبر قد تكون فقط المزيد من الشيء نفسه: رئيس منتخب ديمقراطياً في مواجهة مع برلمان يؤكد ديمقراطياً رفضه طموحاته".وأضاف "نقبل ذلك أم نرفضه، فإن هذا الطريق المسدود سيحدد المناخ السياسي في تركيا خلال الأشهر القادمة، هناك بالفعل خطر حقيقي من الفوضى السياسية".لكن محللين يحذرون من أن الكثير من الأمور قد تتغير، مع زيادة الضغوط التي تمارسها السلطات التركية على حزب الشعب الديموقراطي واعتقال عدد من رؤساء البلديات بتهمة دعم "الحكم الذاتي" في جنوب شرق البلاد.وتماشياً مع الدستور، شكل رئيس الوزراء احمد داود اوغلو حكومة انتقالية لحكم البلاد قبل الانتخابات، تضم ممثلين اثنين من حزب الشعب الديموقراطي.لكن حزب العدالة والتنمية عمد إلى انقلاب كبير باشراكه النائب عن حزب الشعب الديموقراطي تورغول توركيس، نجل مؤسس الحزب، في الحكومة الانتقالية ما أدى إلى إثارة غضب زعيم الحركة القومية بهجلي.وكتب مراد يتكين في الموقع الالكتروني لصحيفة راديكال "لن نضطر إلى الانتظار مطولاً، سنرى في غضون شهرين إذا ثبت نجاح خطط داود اوغلو واردوغان".