هل تغلق روسيا «فيسبوك»؟
وجدت هيئة مراقبة الاتصالات الروسية «روسكومنادزور» نفسها مرة أخرى في وضع غريب جداً، إذ أولاً حاولت الوكالة عبثاً منع «ويكيبيديا» من العمل في روسيا، واليوم، رفض «فيسبوك» طلبها نقل بيانات المستخدمين الروس الشخصية إلى الأراضي الروسية، واضعاً المنظمين الروس في موقف محرج جداً.وإذا أراد المسؤولون الروس تطبيق قوانينهم غير المتقنة، التي لا هدف لها سوى توسيع سيطرة الدولة على المجتمع المدني بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي الرائجة، فسيضطرون إلى إيقاف عمليات «فيسبوك» في البلد، ومن الصعب عندئذ توقع ما قد يحدث.
دخل قانون «البيانات الشخصية»، الذي يفرض على شركات الإنترنت الأجنبية نقل بيانات المواطنين الروس إلى الأراضي الروسية، إلى حيز التنفيذ أول سبتمبر، ويشير بافيل سافيتسكي من شركة بورينيوس للمحاماة إلى أن المشكلة الرئيسة تكمن في الصيغة الفضفاضة للقانون.بعد مرور أكثر من سنة على تمرير نواب «الدوما» التعديلات المناسبة لهذا القانون، رفضت «روسكومنادزور» أن تحدد بدقة المتطلبات التي تفرضها على خدمات الإنترنت، في حين أن المسؤولين، الذي يشعرون هم أنفسهم بالضياع حيال هذه القواعد، أوقعوا عالم الأعمال في الحيرة.هل يفرض القانون على شركات الإنترنت أن تبقي بياناتها فحسب على الأراضي الروسية، أم عليها أيضاً أن تبقي البرنامج الذي يتبادل باستمرار المعلومات مع الخوادم الأجنبية؟ وهل يعني مطلب أن «تعالج» الشركات بياناتها على الأراضي الروسية أن عليها تخزين البيانات بحد ذاتها، فضلاً عن أشكال التلاعب الأخرى، داخل روسيا؟ بالإضافة إلى ذلك، إذا وافقت الشركات على إبقاء بياناتها على الأراضي الروسية، فهل هي مرغمة أيضاً على مشاطرتها مع الوكالات الحكومية؟ وإن كان الوضع كذلك، فبأي طريقة؟ هل ينطبق هذا القانون على الشركات الروسية فحسب، أو على الشركات الأجنبية التي تملك فروعاً في روسيا، أو أيضاً على الشركات الأجنبية التي لا فروع لها في روسيا؟ اكتفت وزارة الاتصالات والصحافة بإصدار توجيهات غير رسمية فحسب طلبت من الشركات اتباعها.يشمل هذا القانون تعريفاً مبهماً جداً لما تعنيه البيانات الشخصية، إذ تسمح كلماته التي تنص على أن البيانات الشخصية تشمل «أي معلومات متعلقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بشخص يمكن تحديد هويته» بتفسير واسع جداً، ولا تشير هذه المعلومات عموماً إلى شخص محدد، كما هي الحال مع الأسماء التي تتردد باستمرار أو الأسماء الخيالية، لكن «فيسبوك» رفض الالتزام بهذا القانون، مستنداً إلى أساس منطقي بأن حسابات مستخدميه لا تشكل بيانات شخصية، فأرغم هذا «روسكومنادزور» على تحديد ما يعنيه مصطلح «بيانات شخصية».ويظل السيناريو الأقل احتمالاً إصدار «روسكومنادزور» تفسيراً واضحاً ومفصلاً لمطالبها، وهكذا تستند الشركات في السوق إلى هذا التفسير في التزامها بالقانون، ويحافظ «فيسبوك» على سمعته كشركة تهتم بالحفاظ على بيانات مستخدميها الشخصية، ولا تريد أن تتكبد كلفة غير ضرورية بنقل خوادمها.لكن الأكثر احتمالاً أن «روسكومنادزور» ستنتظر الحصول على أوامر سياسية واضحة، إذ يؤكد سافيتسكي أن القانون الجديد لا يهدف إلى حماية البيانات الشخصية، بل إلى السيطرة على تلك البيانات بمنع نقلها إلى الخارج، فموافقة المستخدم التي «يوقعها» كل شخص عند فتحه حساباً على «فيسبوك» أو أي خدمات مماثلة أخرى تستوفي المتطلبات القانونية لحماية البيانات من خلال اتفاق رسمي بين مَن ينقلون البيانات ومَن يتلقونها.نيكولاي إيبل