لم يسبق لحزب «الدعوة» الإسلامي العراقي أن خرق تقاليد عمله كما يفعل الآن، طوال 11 عاماً من إمساكه بمنصب رئيس الحكومة العراقية وتعاقب 3 من قيادييه على هذا الموقع.

Ad

وإذا كان رئيس الحكومة السابق نوري المالكي استطاع أن يطرد سلفه إبراهيم الجعفري من قيادة الحزب عام 2006، فقد عجز الرئيس الحالي حيدر العبادي عن فعل شيء لنفوذ المالكي داخل «الدعوة»، مع أنه جرده من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، في «حزمة إصلاح» دعمها البرلمان ومرجعية النجف الدينية أخيراً!

وقد أخذ العبادي يثير غضب العراقيين، لأنه لم يستطع تعزيز الإصلاحات التي صارت «مجرد شعار»، ولعل ذلك إلى جانب خلافات داخل حزبه، جعل رئيس الحكومة يوجه أقسى هجوم من نوعه ضد سلفه المالكي، في مؤتمر صحافي بات مشهوراً، بسبب استخدام العبادي تعبير «القائد الضرورة» المخصص لوصف دكتاتورية صدام حسين، في الإشارة إلى المالكي، الأمين العام لـ «الدعوة»، وهدره أموال الدولة.

بعدها شن جناح المالكي في الحزب حملة قاسية وغير مسبوقة ضد العبادي، بحيث راح الجمهور يردد أن حزب «الدعوة» طرد رئيس وزرائه من قيادة التنظيم، إذ لم يكن متعارفاً أن يقوم الحزب بالاستهزاء بالعبادي وإظهاره كرجل ضعيف وخاضع. مع العلم بأنه لم يعد لدى المالكي رصيد سياسي كبير، بل نفوذ مالي وإنفاق على الميليشيات لم يتمكنا من ترميم مكانته.

وكتهدئة للنزاع، طلب الحزب من العبادي «توضيحاً» للمقصود في مؤتمر «القائد الضرورة»، ورغم أن الأمر لم يكن بحاجة إلى توضيح، فإن أنصار المالكي أرادوا إظهار العبادي «ضعيفاً».

ويبدو أن الأخير شعر بالضعف فعلاً، حين وجد أنصاره صامتين أمام حملة المالكي، فأصدر توضيحاً يقول في ظاهره «إن المقصود في المؤتمر الصحافي هو نهج صدام حسين الذي خرب العراق»، لكنه يشير أيضاً إلى أن نهج الأخطاء والفساد «تواصل بعد صدام».

وأثار إصدار العبادي هذا التوضيح موجة امتعاض شديدة لدى الرأي العام، الذي لم يكن يرغب برؤيته يتراجع أمام أنصار المالكي.

لكن من الواضح أن جناح رئيس الحكومة السابق لن يهدأ، ولعل «الصدام» سيتكرر، إلى درجة قد تهدد مستقبل الحزب نفسه.