تسعى المعارضة السورية التي تنهي اجتماعها في الرياض اليوم الخميس إلى توافق يوقع عليه الأطراف حول الانتقال السياسي في سورية، ما سيساهم في تعزيز موقفها في مفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد.

Ad

وقال مصدر سوري معارض مواكب لاجتماعات الرياض لوكالة فرانس برس رافضاً الكشف عن اسمه أن الخميس سيكون "الامتحان الفعلي لأنه يجب أن توقع أوراق لما جرى من نقاش" الأربعاء.

وأوضح أنه تم الأربعاء التوافق على بنود تقع في إطار "الثوابت الوطنية الحاكمة"، وتشمل "مدنية الدولة السورية وتعدديتها"، مشيراً إلى أن المجتمعين اتفقوا على "أن عملية الانتقال السياسي هي من مسؤولية السوريين".

كما تمت مناقشة سبل "الحفاظ على مؤسسات الدولة وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ورفض الإرهاب بكل أشكاله، ورفض وجود مقاتلين أجانب، والتمسك بوحدة الأراضي السورية".

وتشارك في المؤتمر قرابة مئة شخصية من فصائل سياسية وعسكرية، وسط اجراءات أمنية مشددة وتكتم إعلامي.

وبدأ المؤتمر أعماله أمس، ولم يتضح ما إذا كان المجتمعون توصلوا إلى اتفاق على شروط المرحلة الانتقالية المحتملة، لا سيما لجهة دور الرئيس بشار الأسد فيها، وكانت مصادر في المعارضة أبدت قلقها من احتمال أن تثير هذه النقطة تباينات بين المؤتمرين.

وجاء اجتماع الرياض بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات لانهاء النزاع الذي أودى بأكثر من 250 ألف شخص خلال قرابة خمس سنوات، وتشمل هذه الخطوات تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.

كما نص الاتفاق الذي شاركت فيه دول عدة بينها الولايات المتحدة والسعودية الداعمتان للمعارضة، وروسيا وايران حليفتا النظام، على السعي إلى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول الأول من يناير.

وأعلنت موسكو الأربعاء أنها ستشارك غداً الجمعة في مباحثات حول سورية مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، قبل أيام من اجتماع جديد مرتقب لمجموعة فيينا في نيويورك.

وعبّر معارضون مشاركون في المؤتمر عن "تفاؤل" باحتمال التوصل إلى توافق، وسط دعوة من قادة دول الخليج الذين بدأوا اجتماع قمة في الرياض الأربعاء أيضاً، ممثلي المعارضة السورية إلى اغتنام "الفرصة الثمينة" المتاحة في المؤتمر.

وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "نهيب بأطراف المعارضة السورية أن ترتفع إلى مستوى المسؤولية وأن تستغل هذه الفرصة الثمينة لتوحيد صفوفها وتنسيق خطواتها إلى ما هو أبعد من تشكيل وفد تفاوضي".

وأكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في افتتاح قمة مجلس التعاون أن المملكة تدعم من خلال مؤتمر المعارضة، "ايجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية وفقاً لمقررات جنيف 1".

وكان خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز مكونات المعارضة، أكد أن اتفاق جنيف 1 هو الأساس لأي تسوية، وأن كل أطراف المعارضة متفقة على ذلك.

وعقدت الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والأمم المتحدة والجامعة العربية اجتماعاً في جنيف في يونيو 2012 تم خلاله التوصل إلى ما عُرِفَ لاحقاً ببيان جنيف، وينص على تشكيل حكومة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين بصلاحيات كاملة تتولى الاشراف على المرحلة الانتقالية.

ثم دعت الأمم المتحدة في نهاية 2013 وبداية 2014 إلى جولتي مفاوضات بين الحكومة والمعارضة في جنيف لم تخرج بنتيجة، واصطدمت بتفسير بيان جنيف 1.

إذ تعتبر المعارضة أن الصلاحيات الكاملة تعني تجريد الرئيس من صلاحياته وبالتالي استبعاده، بينما يتمسك النظام بأن مصير الرئيس يقرره الشعب السوري عبر صناديق الاقتراع، وأن الأولوية في سورية يجب أن تكون لمكافحة الارهاب.

وعبّر خوجة عن "تفاؤله في إمكانية خروج المعارضة السورية من اجتماعات الرياض باتفاقات تتخطى مسألة توحيد الموقف من الحل السياسي إلى مرحلة تشكيل الوفد المفاوض وتحديد أسس التفاوض ومرتكزاته".

وتحدث عن "وجود جهوزية لدى المعارضة للحل السياسي"، وقال "الحل السياسي لا يقتصر فقط على إنهاء دور الأسد، بل يتعداه إلى خروج القوات المحتلة من الأراضي السورية"، مشيراً إلى أن "الاحتلال الروسي والإيراني المزدوج هو عامل مهم".

وشهدت صفوف المعارضة خلال الأعوام الماضية، في مراحل عدة، تباينات وصراعات على السلطة، لا سيّما جراء صراع نفوذ بين دول داعمة لمكونات مختلفة منها.

وللمرة الأولى، يشارك ممثلون عن الفصائل المسلحة في اجتماع موسع للمعارضة، وأبرزها "جيش الإسلام" وحركة أحرار الشام الإسلامية.

ويغيب عن اجتماع الرياض ممثلو الأكراد الذين تأخذ عليهم شريحة واسعة من المعارضة عدم انخراطهم في القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، متهمة إياهم برفض "سورية الموحدة" نتيجة تمكسهم بالإدارة الذاتية في مناطقهم.