يعتقد معظم الناس أنهم أذكى من غيرهم، وأنهم يتخذون القرارات بناء على رأيهم الخاص دون تدخل من أحد، ولكن هل يعرف الناس كيف يتم التحكم فيهم وتوجيههم لأخذ قرارات ومواقف بعينها؟ إن السياسيين وغير السياسيين يملكون تلك الطرق التي تدفع الناس لتبني مواقفهم ليصبحوا قطيعا تسهل قيادته، فهل تعلم عزيزي القارئ كيف يتم التحكم فيك؟ اختلفت طرق التحكم في الناس، فهناك ما يمكن قوله، وهناك ما يمكن فعله، وهناك ما يمكن خلقه، لتطويع الجموع في هدف السياسي، وسأذكر مثالا من واقع حياتنا ومن علم التسويق تحديدا كي يسهل على القارئ أن يتقبل فكرة أنه لا يمتلك قراراته بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ ففي دراسة نشرت في إحدى الصحف العلمية المتخصصة تم وضع مجموعتين من الناس في غرفتين إحداهما باردة والأخرى حارة، وعُرضت مجموعة من الأفلام أمامهم لاختيار ما يعتقدون أنهم يرغبون في مشاهدته، كانت نتائج الغرفة الباردة دائما تشير إلى أن اختيار الأفلام العاطفية أعلى منها في الغرفة الحارة، لاعتبارات عدة منها أن الأفلام العاطفية توحي بالدفء لما تمثله في العقل اللاواعي للإنسان، فأصحبت شركات صناعة الأفلام تنزل الأفلام العاطفية غالباً في الشتاء لتزيد نسبة مشاهدتها. هذا المثال البسيط يعطينا مؤشرا على أن الشخص الناجح إذا استفاد من البيئة المحيطة والدوافع فيستطيع توجيه المجموعة الماثلة أمامه لما يريد، فهل سألنا أنفسنا: لماذا لم تكن كلمة "صفوي" تتردد قبل ١٠ سنوات؟ وما الذي دعا لخروجها في هذا الوقت؟ يشير ميكافيلي إلى أن خلق عدو وهمي يوحد الناس ويساهم في تسييرهم رغبة منهم في التخلص من العدو؛ لذا نرى التيارات الإسلامية خصوصاً في الكويت تخلق عدواً وهمياً دائماً كي تستمر بحصد أصوات أتباعها ومناصريها، فكان العدو في السبعينيات وما قبلها هو الاتحاد السوفياتي وما يمثله من شيوعية، وأصبح في الثمانينيات إيران وثورتها والخوف من تصديرها، ليصبح تالياً بعد الغزو العراقي، الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل، ولنعود أخيراً في الألفية الجديدة مرة أخرى إلى خطر إيران على المنطقة.

Ad

سياسة خلق العدو الوهمي لتوحيد الداخل ليست حكرا علينا بالطبع، فصدام خلق عدواً إيرانياً أتبعه بكويتي وغربي، والولايات المتحدة شعرت بالفراغ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فكانت "القاعدة"، فالعراق، فسورية وإيران، والآن "داعش". وينتج عن ذلك محاولة تسويق أن العنف، وتقليل الحريات، وانتهاكات حقوق الإنسان، ضرورية لحفظ الأمن، خصوصا مع وجود العدو الوهمي وعدم الاستقرار الوهمي، وأن ذلك جلي من خلال ما قاله مازن الجراح حول ضرب المباحث للمتهمين، وقبله ضرب المتظاهرين في الكويت.