وجه حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ظهر اليوم كلمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

Ad

وفيما يلي نص الكلمة:

"بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم     (وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولائك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولائك هم المهتدون) صدق الله العظيم.

الحمدالله المتفرد بالكمال والدوام وصلاة والسلام على عبده ورسوله خير الأنام سيدنا محمد وعلى آله وصحابه الكرام.

اخواني وابنائي..

أتحدث إليكم حديث الأخ والأب لاخوانه وابنائه في لقاء متجدد على الخير والمحبة دائماً إن شاء الله جرياً على عادتنا الحميدة التي دأبنا عليها في العشر الأواخر من شهر رمضان لأبادلكم أطيب التهاني وأجمل التبريكات بشهر رمضان الكريم وابارك لكم بدخول العشر الأواخر منه شاكرين لله تعالى أن بلغنا هذا الشهر الفضيل وانعم علينا بصيامه وقيامه مبتهلين اليه جل وعلا أن يعيده على وطننا العزيز وشعبنا الكريم بوافر الخير واليمن والبركات وعلى امتينا العربية والاسلامية بالرفعة والعزة والسؤدد.

اخواني وابنائي، لقد أنعم المولى عز وجل علينا بنعمه الوافرة وخيراته الجزيلة التي لا تعد ولا تحصى تحقيقاً لقوله تعالى (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) فقط من عليها بنعمة الايمان والإسلام اللتين هما أعظم نعمة وأفاء علينا كل فضل وعطاء واحسان وهيأ لنا وطناً آمناً مستقراً ومطمئناً واحاطناً بمشاعر الاخاء والمودة في ظل وحدة وطنية تجمعنا وتمثل معدن وجوهر وجودنا وتلك والله نعم تستحق منا مداومة الشكر والثناء وتستوجب علينا تذكرها واستحضارها كل حين وزمان.

واخواني وابنائي،     لقد سطرتم أبهى صور الولاء والوفاء لوطنكم بما تحليتم به من روح وطنية عالية وما ابرزتموه من حرص على تعزيز الوحدة الوطنية وما ابديتموه من مظاهر التعاطف والتراحم إزاء حادث التفجير الارهابي الآثم على مسجد الإمام الصادق والذي أسفر عن استشهاد العشرات وإصابة المئات واثبتم بجلاء صلابة المجتمع الكويتي ووحدته في مواجهة العنف والفكر التكفيري المتطرف وتكاتفه في السراء والضراء ولقد افشلتم عبر هذه الموافق الوطنية السامية ما كان يرمي إليه مدبرو ومنفذو هذه الجريمة النكراء من محاولات يائسة وسلوك شيطاني مشين لاشعال الفتنة واثارة النعرات وشق وحدة المجتمع الكويتي فردوا على أعقابهم خاسئين مدحورين لتنتصر الكويت وتبقى وحدة وتماسك ابنائها عصية على كل من يحاول النيل منها سائلين المولى تعالى ان يتغمد شهداء هذا الحادث المؤلم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته وان يمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية.

وإننا ونحن أمام مصابنا الجلل لايسعنا إلا أن نجدد شكرنا وعميق تقديرنا لإخواننا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة ورؤساء حكوماتها وإلى رؤساء المنظمات والمكاتب الاقليمية والدولية وإلى كل من تفضل بالتعبير عن مواساته على ما أعربوا عنه جميعاً من صادق التعازي وما أكدوا عليه من شديد الاستنكار والإدانة لهذا العلم الارهابي الجبان وما أظهروه من مشاعر التعاطف والتفاعل والوقوف الى جانب الكويت والتضامن معنا.

اخواني وابنائي,, تحية إجلال واشادة وتقدير أزجيها لرجال الأمن في وزارة الداخلية على ما بذلوه من عمل دؤوب وجهود مخلصة اتسمت بالشجاعة والكفاءة والتفاني واسهمت في سرعة التوصل إلى مرتكبي هذه الجريمة الشنيعة والحفاظ على أمن الوطن واستقراره كما نثمن عالياً ما قام به المسؤولون في وزارة الصحة وهيئاتها الطبية والتمريضية من جهود كبيرة وما قدموه من خدمات طبية لمعالجة المصابين والجرحى ومقدرين أيضاً كافة الجهود التي بذلها رجال الإدارة العامة للإطفاء ورجال القوات المسلحة والجهات الحكومية الأخرى إثر هذا الحادث المؤلم.

إننا نتابع ونشاهد تنامي ظاهرة الإرهاب واتساع رقعته بمختلف أشكاله وصورة في السنوات الأخيرة واشتداد ضراوته وعنفه فقد أصبح يهدد أمن الدول استقرارها مما يحتم على المجتمع الدولي بأسره تكريس كافة طاقاته للتصدي له والقضاء عليه وتجفيف منابعه لتنعم الدول والشعوب بالأمن والسلام كما أن عليه أيضاً تعزيز جهوده للحد من انتشار ظاهرة الاحتقان الطائفي البغيض ومنع اتساع رقعته لما يشكله من تهديد لكيان الأمم وتفتيت لوحدتها.

اخواني وابنائي,, لاشك أنكم تدركون طبيعة الظروف والأوضاع الحرجة التي تمر بها المنطقة وتتابعون مجرياتها ومخاطرها مما يستوجب معها أخذ الحيطة والحذر واستنباط الدروس والعبر لتلافي تداعياتها ومخاطرها التي لسنا بمنآي عنها لحماية وطننا والحفاظ على أمنه واستقراره وتجنيبه المخاطر ولن يكون ذلك إلا بمزيد من تعزيز جبهتنا الداخلية وبالتكاتف والتلاحم والوقوف في وجه كل من يحاول المس بوحدتنا الوطنية التى هي السياج الحامي والحافظ بعد الله تعالى لوطننا العزيز وعلينا تعزيز الترابط بين كافة أفراد المجتمع والحفاظ على الروح الكويتية المعهودة فالكويت كانت وستظل بإذن الله تعالى مثالاً للتراحم والتكافل والنهج السمح الذي سار عليه اباؤنا منذ القدم وورثوه لنا رغم ما مروا به من شظف العيش وقسوة الطبيعة.

إننا نؤمن بأن الكويت لجميع أبنائها وليست لفئة دون أخرى فالكل يعيش على أرضها وينتمى لهويتها.

أن علينا إن نتذكر ما ينعم به وطننا العزيز من نهج ديمقراطي متجذر وثابت توارثه أهل الكويت يملك فيه الجميع حرية التعبير وأن نفخر بدستورنا الذي ارتضيناه والذي هو محل اعتزازنا.

أن المواطنة الحقيقية تقاس بما يقدم للوطن من عطاء وإخلاص وولاء وتضحية وفداء فليس الانتماء للوطن شعاراً يتغنى به بل هو عمل وتفاني للحفاظ على امنه واستقراره ورفع شأنه.

اخواني وابنائي ،،، لقد أكرم المولى تعالى أمة الإسلام بشهر رمضان المبارك وإستأثرها فيه من بين الأمم وجعله موسماً للخيرات والطاعات وضاعف فيه الأجر والحسنات وخصه بالتشريف بأن أنزل فيه كتابه العزيز هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وجعله فرصة لتجديد التوبة والإنابة إليه والإكثار من فضائل الأعمال ومحاسن الأفعال وانه لشهر الجد والإجتهاد والجود والتراحم والمواساة فهو شهر تسمو فيه النفوس وتزدان نقاوة وصفاء يتسابق فيه المؤمنون بإغتنام أيامه ولياليه للاستزادة من الأعمال الصالحة والإقبال على كتاب الله تعالى قراءة وتدبرا وعملا فطوبى لمن وفق لصيامه وقيامه فغفر له ما تقدم من ذنبه.

اخواني وابنائي ،،، يمر علينا شهر رمضان المبارك منذ سنوات عديدة وعالمنا الإسلامي يواجه ظروفا عصيبة ومصائب جمة وتحديات سياسية وأمنية خطيرة إمتزجت معها الفتن وتعددت فيها الخطوب والمحن وكثر فيها دعاة الباطل والتكفير والبدع احتار العقل فيها وعجز معها التأمل وليس لنا أمام ذلك سوى التضرع إلى الباري تعالى واللجوء إليه بأن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفوفهم ومقاصدهم ويلهمهم الرشد والصواب ويشيع بينهم التآزر والتكاتف لدرء هذه المخاطر ومواجهة هذه المصائب والتحديات.

إننا ونحن في هذا الشهر الفضيل شهر الجود والاحسان علينا ان نتذكر ما تعانيه العديد من دولنا العربية الشقيقة من ويلات الصراعات والحروب وفقدان الامن والامان وما نتج عن ذلك من مآسي انسانية تدمي القلوب ادت الى تجويع شعوبها وتشريد مواطنيها داخل وخارج اوطانهم وعهدنا بكم اهلنا في الكويت ممن جبلوا على حب الخير والبر والاحسان منذ القدم انكم سباقون في مد يد العون حيث سجلتهم دورا متميزا في هذا المجال.

اخواني وابنائي ،،، ان شبابنا هم الثروة الحقيقية لوطننا العزيز ويحظون دوما لدينا بما يستحقونه من عناية واهتمام فهم عماد الوطن وعدته وامله ومستقبله وعلينا تحصينهم من الافكار الضالة والسلوك المنحرف والعمل على تمسكهم بديننا الاسلامي الحنيف الداعي الى الوسطية والاعتدال وتعزيز قيم الانتماء لوطنهم كما ان علينا استثمار طاقاتهم وصقل مواهبهم وتحفيزهم على الجد والعطاء.

ولقد سرنا ما حققته حملة المشروع الوطني للشباب "الكويت تسمع" من نجاح من خلال تبني الافكار والمقترحات البناءة والهادفة لاستغلال ما لديهم من ابداع وابتكار وتحفيزهم على الانخراط في العمل المهني الحر الذي يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والمنفعة.

اخواني وابنائي،،، ونحن نعيش في نفحات هذه الليالي العشر الاواخر التى عظم الله تعالى شأنها بليلة القدر التى هي خير من الف شهر فاننا نتضرع الى الباري عز وجل ان يغفر لنا ويرحمنا ويتقبل صالح اعمالنا وان يحفظ وطننا العزيز الكويت من كل سوء ومكروه ويديم عليه نعمة الامن والسلام والازدهار والرخاء وان يحقق لامتنا العربية والاسلامية العز والنصر ويوحد صفوف المسلمين ويحقن دماءهم.

مستذكرين في هذه الليالي العطرة اميرنا الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح واميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراهما مبتهلين الى المولى جلت قدرته ان يسبغ عليهما واسع رحمته ومغفرته ويسكنهما فسيح جناته وان يرحم شهداءنا الابرار ويعلي منازلهم في جنات النعيم وان يغفر لجميع موتانا وموتى المسلمين ويتغمدهم بعفوه ورضوانه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،".