لا يمكن ضمان التزام رجل الأعمال الأميركي دونالد ترامب بالتعهد الخطي الذي طلب منه توقيعه أمام رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري راينس بريبوس، بألا يواصل ترشحه في سباق الرئاسة الأميركية كمستقل، أو الانضمام إلى "طرف ثالث" لمواصلة حملته الانتخابية، إذا لم ينجح في الحصول على بطاقة السباق من مؤتمر الحزب الجمهوري العام المقبل.
قيادات جمهورية عديدة يساورها الشك في قدرة الحزب على ضبط سلوك هذا الملياردير المنفلت من أي ضوابط بالمقاييس التقليدية الأميركية، في حين يرى كثيرون أن توقيع ترامب على هكذا تعهد ضروري لضمان تطويقه والحد من تأثيراته على القاعدة الشعبية المنهكة للحزب.بريبوس اشترط على ترامب توقيع هذا التعهد قبل المناظرة الثانية التي ستجريها محطة "سي إن إن" في السادس عشر من الشهر الجاري بين أبرز المرشحين الجمهوريين، ما يعني أن الجمهوريين قرروا رفع سقف المواجهة مع هذا "الخصم" العنيد، الذي أطاح برموز وشخصيات كبرى كان يعول عليها في حمل راية الحزب في هذا السباق المصيري.غير أن إنجاز هذه المهمة قد لا يكون مبسطاً، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة لم تضع ترامب وحده في مقدمة المرشحين الجمهوريين، بل أسماء أخرى لا تنتمي للانتلغنسيا الجمهورية التقليدية، كالجراح الأميركي الأسود المتقاعد بن كارسون الذي حل ثانياً، والمديرة التنفيذية السابقة "لغوغل" كارلي فيورينا، والسيناتور تيد كروز.وسائل الإعلام الأميركية المتعددة عبرت عن مخاوف الجمهوريين من صعوبة كسر "الموجة" التي تجتاح قاعدتهم الشعبية الرافضة لمساعي تلميع صورة الأسماء التقليدية، خصوصا تلك المنتسبة إلى "طبقة رجال الحكم"، وعلى رأسهم جيب بوش وصولا إلى سكوت والكر.بوش الذي لم ينل أكثر من 7 في المئة من استطلاعات الرأي الأخيرة، يجهد فريق عمله لاستنباط خطط عمل جديدة في مواجهة ترامب وباقي "اللاعبين الصغار". حملته لجمع تبرعات جديدة تراجعت هي الأخرى إلى أدنى مستوى لها، بينما قدرته على تقديم خطاب أكثر عقلانية في مواجهة شعبوية ترامب مشكوك في نجاحها في ظل ملل الجمهوريين من "البيوتات السياسية"، ومن الإرث الثقيل لشقيقه الرئيس السابق جورج بوش.وعلى جبهة الديمقراطيين لا تبدو الصورة أفضل حالاً بالنسبة إلى هيلاري كلينتون القادمة هي الأخرى من بيت سياسي "عريق".تراجع موقعها في استطلاعات الرأي الأخيرة لم يأت من تأثير "فضيحة" استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي خلال عملها كوزيرة للخارجية فقط، فالانتقادات التي وجهت لها صوبت على خطابها السياسي داخلياً وخارجياً على حد سواء.ولا تخلو التعليقات من اعتبارها استمرارا لسياسات الرئيس باراك أوباما، رغم "التحسينات" التي تسعى إلى إدخالها في هذا المجال.تراجع كلينتون حرك أصواتا ديمقراطية نافذة بضرورة التفتيش عن "حصان" آخر، في الوقت الذي يشكك كثيرون في جدوى ترشح نائب الرئيس جو بايدن، حيث المصيبة أكبر في هذا المجال.تقول أوساط ديمقراطية إن الأمر يحتاج إلى معجزة للعثور على رمز ديمقراطي قادر على تحليق قاعدة الحزب الديمقراطي ومناصريه حوله، خصوصا ان المرشح بيرني ساندرز لا يحظى بإجماع كاف حوله.أزمة القيادة في هذا المجال يتساوى فيها الحزبان الديمقراطي والجمهوري، في ظل تراجع قيادية الولايات المتحدة على المستوى الدولي أيضا، وغياب الرؤية الواضحة لدى أي من الحزبين في كيفية قيادة العالم بعد أوباما.
دوليات
الناخب الأميركي سئم «البيوتات السياسية»!
06-09-2015