الاكتئاب في مرحلة المراهقة شائع أكثر مما يظن الجميع! لكن يصعب رصد المشكلة ويمكن الخلط بينها وبين الإحباط العابر لأنها تختبئ وراء أعراض مختلفة.

Ad

 غالباً ما تتعلق المشكلة بمجموعة من الإشارات العيادية البسيطة التي لا تعني الكثير عند مقاربتها بشكل منفصل. لكنها تكشف عن عمق الاضطراب النفسي عند تحليلها بشكل مشترك. هل يعاني ابنك المراهق مشاكل على مستوى النوم أو الشهية؟ هل يبدو متراخياً أو بارداً أو تشاؤمياً؟ لا تكون الإشارات واضحة دوماً بالنسبة إلى الأهل وهي لا تبدو مباشرة وجلّية في تسع حالات من أصل عشرة. يُعتبر تراجع العلامات في الامتحانات مؤشراً تحذيرياً غالباً، وقد يعزل الشباب نفسهم ولا يهتمون بالنشاطات التي كانوا يحبونها. يجب البدء بمراقبة أداء المراهق في المدرسة لأنه أول مؤشر على المشكلة.

التنبه إلى الأعراض الجسدية

على عكس الراشدين، يحاول المراهق إنكار حزنه، إذ لا يسهل عليه أن يعترف بوجود مشكلة. في معظم الحالات، هو يكافح الاكتئاب عبر تطوير أعراض أخرى وهذا ما يصعّب رصد المشكلة. يتبنى الفتيان والفتيات سلوكيات معاكسة بشكل عام. يكشف الفتيان عن انزعاجهم عبر سلوكيات متطرفة: تصرف استفزازي في الصف، عدائية، غضب، أو تصرفات تحمل كثيراً من المجازفة. في المقابل، تعبّر الفتيات عن المشكلة عبر الشعور بوجع بطن متكرر أو صداع نصفي حاد أو أوجاع متفرقة... أي مؤشر جسدي متكرر يمكن أن يشير إلى معاناة نفسية كبرى.

ثمة مؤشر قوي آخر: اللجوء إلى تعاطي المخدرات أو الالتهاء بألعاب الفيديو بشكل مفرط. لكنّ التدخين مع الأصدقاء مثلاً لا يشير بالضرورة إلى الاكتئاب، على عكس تعاطي المخدرات على انفراد لتهدئة المخاوف أو الانعزال عن المجتمع وتمضية الوقت كله في اللعب.

وفق الخبراء، يجب أن يقلق الأهل عند حصول تغير جذري في السلوك. هل تغير المراهق لدرجة أنّ أهله ما عادوا يستطيعون التعرف إليه؟ لتبديد الشكوك، يجب أخذ رأي الأساتذة والرفاق في المدرسة. إذا كان المراهق يبدو حزيناً وسط عائلته حصراً لكنه يحافظ على حماسه وسعادته بين أصدقائه، فلا داعي للقلق. لكن إذا أكد محيطه كله على تبدّل تصرفاته، لا بد من التحرك بحذر!

صرامة وتفهّم في آن

بعد 15 يوماً على هذه الأعراض، يجب التحرك فوراً وأخذ موعد مع طبيب العائلة في المرحلة الأولى أو مع معالج نفسي. إذا رفض المراهق الذهاب إلى الموعد، يجب التصرف معه بصرامة. يمكن أن يقول له والده: {أنا مسؤول عن صحتك وأشعر بالقلق عليك. لا تجبرني على إدخالك إلى المستشفى!}. سيوافق على الذهاب في النهاية إذا كان أهله مقتنعين بأهمية هذه الخطوة.

في المقابل، لا نفع من التصرف معه بقسوة في حياته اليومية لأنه يحتاج إلى من يفهمه. عند وجود مشكلة اكتئاب حقيقية، يوصي الخبراء بأن يتوقف المراهق عن الذهاب إلى المدرسة كي يركز على العلاج النفسي لفترة وكي يتمكن من تحديد نقاط ضعفه واستبدال طريقة تفكير مختلفة بالأفكار السلبية. يجب أن يكون المعالج النفسي حذراً إذا قرر إعطاء المريض مضادات اكتئاب لأنها قد تدفعه أحياناً إلى محاولة الانتحار! من الأفضل أن يدخل المراهق إلى مستشفى متخصصة للإحاطة به بالشكل المناسب.

أي اكتئاب كامن لا تتم معالجته قد يؤدي إلى الرسوب في المدرسة وتراجع تقدير الذات ونشوء مشاكل دائمة في العلاقات الشخصية. يعمل بعض الفِرَق البحثية الآن على تحليل الأثر العصبي للمرض على دماغ الراشدين. يمكن أن يخلّف الاكتئاب خلال المراهقة آثاراً دائمة. لكن إذا عولجت المشكلة سريعاً، سيشعر الفرد بكل بساطة بأنه مرّ بتجربة صعبة في ماضيه!