قد يرى البعض أن حادث الحريق التي تعرضت له مصفاة الشعيبة "أم الخير" وتنتج 200 ألف برميل يومياً، يقع ضمن المعدلات العالمية للحوادث في الصناعة النفطية، وهو ما يتفق عليه الكثير من العاملين في هذا الحقل، لكن في المقابل تكرار الحوادث في مصفاة الشعيبة وتحديداً في وحدة النفط الثقيل يتطلب الوقوف عنده لمعرفة الأسباب الحقيقية، وما المطلوب لتلافيها مستقبلاً.
بداية، قال عضو المجلس الأعلى للبترول السابق موسى معرفي إن المنشآت النفطية تعتبر أماكن خطرة ومعرضة للحوادث التي قد تكون أسبابها فنية أوأخطاء بشرية.وأضاف معرفي أنه في الآونة الأخير كثرت الحوادث التي تتعرض لها المصافي في الكويت، وتحديداً مصفاة الشعيبة التي تم بناؤها بداية ستينيات القرن الماضي، وكانت آنذاك تعتبر متطورة لناحية التكنولوجيا المستخدمة فيها، لكن الوحدات الموجودة في المصفاة معقدة وخطرة في الوقت نفسه، وبالأخص وحدة النفط الثقيل.وحمّل وزير النفط علي العمير مسؤولية الحادث الأخير، "لأنه ترك مصفاة الشعيبة دون مسؤول ما يقارب السنتين، رغبة منه في تعيين مسؤول تابع له ضارباً عرض الحائط النظم المتبعة في التعيينات، فهل يعقل ترك منشأة حيوية وحساسة دون مسؤول بسبب تصرفات الوزير اللامسؤولة، والتي تخدم أجندات سياسية خاصة؟"وقال: لو كان العمير يعي خطورة ما حدث لقدم استقالته فوراً، مستشهداً بالوزير الأسبق للنفط عادل الصبيح حينما استقال بسبب الحرائق في المنشآت النفطية عام 2000 وأيضاً الوزيرة معصومة مبارك التي قدمت استقالتها بسبب حريق في مستشفى الجهراء.وطالب معرفي لجنة التحقيق التي تم تشكيلها للنظر في أسباب الحادث الأخير بأن يطال عملها التحقيق مع وزير النفط "لوضع حد له ولاستهتاره السياسي في إدارة "رزق البلد" أي القطاع النفطي. مراجعة نظام السلامةمن جانبه، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية حسين إسماعيل، إننا لو عدنا إلى عام 2000 لوجدنا وقوع حادثين كبيرين خلال أسبوع واحد، ومنذ ذلك الوقت عملت شركة البترول الوطنية على برنامج لتطوير برنامج الصحة والسلامة والبيئة بحيث يكون النظام عالمياً، وبالفعل بذل العاملون جهوداً كبيرة، وتم تشكيل فرق عمل لتطوير هذا النظام، وتمت الاستعانة بمستشارين عالميين.وأضاف إسماعيل، الذي عمل في مصفاة الشعيبة وكان نائباً للعضو المنتدب، وساهم في زيادة ربحيتها، أن أساس النظام هو وجود الإدارة العليا في العمل الميداني بشكل منتظم، وأن تكون قريبة من العمليات، لاسيما لناحية التفتيش بغية التأكد من التقارير التي تكتب حول الصحة والسلامة والبيئة، وأنها حقيقية ولا تخالف واقع العمل.وأشار إلى أن عنصر التواصل والتدقيق مع المشغلين وموظفي الصيانة كان عاملاً أساسياً في تقليل الحوادث، موضحاً أن الحوادث لم تتوقف لكن قلت إلى حد كبير، ولم نر أي حادث كبير، مما يوضح أن البرنامج الذي تم وضعه كان جيداً.الفجوة بين التقاريروقال إسماعيل، إن شركة "بي بي" النفطية العملاقة عندما تعرضت إلى حادث كبير في خليج المكسيك، أثبتت التحقيقات أن السبب الأساسي هو وجود فجوة بين التقارير التي تصل للمسؤولين ما بين واقع العمل الميداني، حيث اعتقد مسؤولو الشركة أن الامور تعمل جيداً لكن في واقع الأمر لم تكن كذلك.وأضاف أن أسباب الحوادث عديدة في الصناعة النفطية، ولا يعني أن تسرب الغاز مثلا هو السبب الرئيسي، بل يجب الوصول إلى الأسباب الجوهرية في الحادث، وتداركها.وذكر أن الدروس المستفادة من الحوادث السابقة يجب التأكد إن تم تطبيقها أوتداركها، لافتاً إلى أن شركة "بي بي" النفطية في حادثها الأخير تبين أنه لم يتم التحقق من معالجة أسباب الحوادث السابقة.وشدد على أن نظام الإدارة المعمول به لدى شركة البترول الوطنية جيد لكن المشكلة تكمن في التطبيق والالتزام بتطبيقه، وهو السبب الرئيسي للحوادث في القطاع النفطي عموماً والكويتي خصوصاً.وحدة النفط الثقيلوعن أسباب تكرار الحريق في وحدة النفط الثقيل، قال إسماعيل إن هذه الوحدة التي تم بناؤها عام 1968 هي معقدة، ولا يعني ذلك أن المصفاة قديمة وأصبحت لا تصلح، فهناك مصاف في أميركا تعمل منذ 100 عام.وأوضح أن البترول الوطنية تنفق الكثير على عمليات الصيانة والتفتيش والمحافظة على سلامة العمليات، لكن الوحدة التي تتكرر فيها الحوادث تحتاج إلى عناية ومتابعة خاصة، لأن التكنولوجيا لهذه الوحدة قديمة وتعمل بعدما تمت معالجة الكثير من المشكلات التي تعانيها الوحدة، وتم تطويرها.ولفت إلى أهمية عملية اتباع التشغيل والالتزام بنظام السلامة والصحة والبيئة، مشيراً إلى أن أي خلل في تطبيق هذا النظام سيؤدي إلى مثل هذه الحوادث.وقال إسماعيل: بناء على نظام السلامة والبيئة فإن الحادث الكبير في مصفاة شعيبة مؤشر على أن هناك حوادث أكبر ستحدث، إذ تشير الإحصائيات إلى أن الحادث الكبير لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة تجمع حوادث صغيرة ولعدم الاهتمام بنتائج الحوادث الصغيرة وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة النظم المتبعة للسلامة.تقاعد «الشعيبة»وحول تقاعد "الشعيبة"، قال إن هناك قراراً بعدم تطوير المصفاة بسبب عدم وجود مساحات كافية لإضافة وحدات جديدة لكن القرار جاء بالاستمرار في المصفاة إلى حين الانتهاء من مشروع الوقود البيئي، وإلى ذلك الوقت يجب الالتزام بالنظم الفنية بتشغيل المصفاة وسلامتها، وعمل الصيانة الدورية لها.وأكد أن الحوادث التي تتعرض لها المصافي في الآونة الأخيرة معدلها عال ومن النوع التي يترك آثاراً كبيرة لوجود وفيات وضرر في المنشآت علاوة على التأثير على عمليات التشغيل. متمنياً السلامة لجميع العاملين في القطاع النفطي، مشيداً بالتعامل الجيد مع الحادث الأخير.
آخر الأخبار
لماذا تتكرر حوادث الحريق في وحدة النفط الثقيل بمصفاة الشعيبة؟
20-08-2015