عجز الميزانية العامة ورواتب صغار الموظفين
التركيز على بند رواتب صغار الموظفين التي يفترض أن تتم زيادتها بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار والتضخم فقط، وادعاء أنه هو السبب الأساسي في عجز ميزانية الدولة، يعد انحيازا اجتماعيا غير عادل، إذ إن هذا البند لا يُمثل إلا جزءاً بسيطاً من الميزانية العامة التي يقصم ظهرها الفساد المؤسسي، وهدر المال العام واستنزافه في غير أغراضه المشروعة.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
من زاوية أخرى، من قال إن الأبواب الأخرى في الميزانية العامة للدولة غير مُتضخّمة، ومن ضمنها "الباب الرابع" الخاص بالمشاريع الإنشائية والصيانة والاستملاكات العامة، أو "باب المناقصات، وعمولة الوكيل المحلي الحصري"، أو "دعم" القطاع الخاص الطفيلي الذي يعتاش على الإنفاق العام ولا يدفع ضرائب على الدخل والأرباح، كما لا يوفر فرصا وظيفية للعمالة الوطنية سواء كان هذا الدعم الحكومي بشكل مباشر "ضخ أموال عامة في البورصة وسوق العقار، أو قانون الاستقرار المالي مثلا"، أو من خلال تأجير الأجهزة الحكومية مددا زمنية طويلة لعمارات وأبراج خاصة يملك بعضها مسؤولون حكوميون، أو إعطاء أراضي الدولة وأملاكها للمطبلين لكل ما تفعله الحكومة، أو لمتنفذين، بعضهم من كبار المسؤولين في الدولة بعقود طويلة المدى وبأسعار زهيدة للغاية لا تتناسب مع أسعارها في السوق! أليست هذه جميعها بمنزلة إنفاق جارٍ مثل "الباب الأول" ومن المفترض إلغاؤها أو تصحيحها إذا كانت هناك جدية وعدالة في معالجة العجز المالي؟أما التركيز على بند رواتب صغار الموظفين التي يفترض أن تتم زيادتها بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار والتضخم فقط، وادعاء أنه هو السبب الأساسي في عجز ميزانية الدولة فهذا انحياز اجتماعي غير عادل، إذ إن هذا البند لا يُمثل إلا جزءاً بسيطاً من الميزانية العامة التي يقصم ظهرها الفساد المؤسسي، وهدر المال العام واستنزافه في غير أغراضه المشروعة. أضف إلى ذلك أن رواتب صغار الموظفين يلتهمها ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، والتضخم النقدي الذي وصل بحسب بيانات "الإدارة المركزية للإحصاء" إلى "أعلى مستوى منذ أبريل 2012، إذ ارتفع على أساس شهري بنسبة 0.07%، فيما صعد على أساس سنوي بنسبة 3.6%". (القبس 26 أغسطس 2015).