رغم قصر تاريخه الحزبي وحداثة عهده بالعمل السياسي المفتوح، في مصر، شكل حزب «النور» السلفي، ظاهرة مثيرة للاهتمام في الساحة السياسية، لأنه استند في صعوده عقب ثورة 25 يناير 2011 إلى تاريخ «الدعوة السلفية»، التي أسست منتصف السبعينيات في مدينة الإسكندرية الساحلية شمال القاهرة، وعلى هياكلها المتعددة التي مثلت مؤسسات للحشد والدعم الانتخابي للحزب الوليد.

Ad

وعلى الرغم من أن السفليين حققوا فوزاً كبيراً في برلمان 2012، إبان حكم الإخوان، فإن المشهد الانتخابي الحالي عكس «حضوراً باهتاً» لهم، حيث أظهرت المؤشرات الأولية لنتائج مرشحي «النور»، تفوقاً واضحاً لمنافسيه على المستوى الفردي، وعلى مستوى القائمة، وغياباً واضحاً لقواعده أمام صناديق الاقتراع، في تناقض تام لما بدا عليه مشوار الحزب، الذي انتهى بحصوله على المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية 2012، وفوزه بأكثر من 25 في المئة من مقاعد مجلس الشعب.

القيادي الإخواني المنشق كمال الهلباوي فسر انحسار الظهور السلفي، بالـ «الرفض الشعبي» لأي قوى ذات صبغة إسلامية، وتابع الهلباوي: «أسباب السقوط تأتي من الداخل، فالمعسكر السلفي ذاته ليس على قلب رجل واحد، وتنوع الاتجاهات داخل السلفية كان عنصر ضعفه، ومن الطبيعي ألا يظهروا إلا في أجواء تشبه عقلياتهم كفترة الإخوان، وأي وقوف للسلفيين على أرض صلبة يجب أن يصاحبه تغيير في السلفيين أنفسهم».

رامي محسن، مدير مركز الاستشارات البرلمانية، قال إن التراجع السلفي ساهم فيه بشكل كبير الصراع «الإسلامي - الإسلامي»، فالتراشق الحاد بين أعضاء «الإخوان» وقواعد «النور» أدى إلى خسارة أعضاء الأخير الكثير في المشهد الانتخابي. وأضاف محسن: «ما جرى ضد السلفيين في محافظات تشكل بنيتهم الأساسية كالإسكندرية، كان أقرب ما يكون إلى التصويت العقابي، فالناخب يصوت أحياناً لمصلحة طرف قد يكون غير مقتنع به كلياً نكاية في الطرف الآخر». وكانت قيادات إسلامية محسوبة على التيار السلفي، شنت هجوماً عنيفاً على حزب «النور» الذراع السياسية للدعوة السلفية، بالتزامن مع بدء الانتخابات، وطالبوا الحزب بـ«التوبة»، على حد تعبيرهم.