اليونان تفاجئ الجميع بمدى معرفتها بأنظمة صندوق النقد الدولي
فاجأت اليونان صندوق النقد الدولي بلجوئها في سعيها اليائس لتفادي التعثر في السداد إلى بنود من أنظمة الصندوق كانت المؤسسة المالية نفسها نسيتها تماماً، مثبتة عن حنكة لم يتمكن الصندوق من فك لغزها.
وإن كانت حيل اللحظة الأخيرة تلك لم تجنب اليونان العجز عن دفع مستحقات دينها لصندوق النقد الدولي، إلا أنها تثبت أن أثينا تراقب عن كثب وبكثير من الدقة مؤسسة تتهمها بـ"سلوك اجرامي" حيالها.ففي مطلع يونيو كانت أثينا تواجه استحقاقاً يحتم عليها تسديد حوالي 300 مليون يورو في وقت كانت خزائنها فارغة فأبقت على الغموض حول نواياها وقدرتها على الايفاء بهذا القسط.وعشية الموعد الأقصى للاستحقاق المحدد في 5 يونيو، أعربت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد عن "ثقتها" بأن اليونان ستدفع ما يتوجب عليها ضمن المهل.لكن بعد بضع لحظات تبدل الوضع تماماً مع استخدام اليونان بنداً يسمح لها بضم الاستحقاقات الأربعة المترتبة عليها في يونيو والحصول على مهلة إضافية حتى نهاية الشهر من غير أن تطلب حتى الضوء الأخضر من صندوق النقد الدولي.وأحدث إعلان اليونان مفاجأة كبرى وأقر مسؤولون كبار في الصندوق في أحاديث خاصة بأنهم لم يسمعوا أبداً من قبل بهذا الاجراء غير المعروف والذي لم يستخدم سوى مرة واحدة في أواسط الثمانينيات حين لجأت إليه زامبيا للحد من تكلفة معاملاتها المالية. وتكرر السيناريو ذاته تقريباً الثلاثاء حين لم يعد أمام اليونان سوى ساعات قليلة لتسدد 1,5 مليار يورو مستحقة لصندوق النقد الدولي، وفي وقت كانت المؤسسة المالية تردد مراراً وتكراراً انه لا يمكن منح أي مهلة إضافية، حتى أن لاغارد نفسها أعلنت في منتصف يونيو انه لن يكون هناك أي "فترة سماح".وقبل ساعات من انتهاء المهلة أثبتت اليونان مرة جديدة عن معرفتها المعمقة في قوانين الصندوق فاستخدمت بنداً في الميثاق التأسيسي للصندوق يسمح لدولة ما بأن تطلب تأجيل استحقاق تفادياُ لمواجهة "محنة استثنائية".وفاجأ هذا الطلب اليوناني مرة جديدة إدارة الصندوق وكبار خبرائه لا سيما وأن هذا البند غير المعروف على الاطلاق لم يستخدم سوى مرتين في تاريخ هذه المؤسسة وذلك في العام 1982 حين لجأت إليه كل من نيكاراغوا وغويانا.ولم يحصل الطلب حتى الآن على موافقة صندوق النقد الدولي غير أنه قد يكون فاتحة لطلبات أخرى إذ يكشف للدول المقترضة أنه من الممكن الحصول على تأجيل بالطرق القانونية.من أين تستمد اليونان فهمها الواسع هذا لقوانين صندوق النقد الدولي؟ هل تستمد معلوماتها من مستشاريها من مجموعة لازارد للاستشارات المالية؟ أو من مندوبها لدى الصندوق؟ لا أحد في واشنطن يملك جواباً على هذه التساؤلات.ويبقى اللغز مطروحاً على الجميع مع اقتراب استحقاق جديد وربما مفاجأة جديدة من أثينا حيث يتحتم على اليونان تسديد 455 مليون يورو لصندوق النقد الدولي بحلول 13 يوليو.