ثلاثة مواقف تجعل المراقبين في بغداد يشعرون بأن الجناح المتشدد المقرب من طهران يجهز ردوده ضد حملة الإصلاحات التي انطلقت من تحالف نادر بين محتجين علمانيين، ومرجعية النجف الدينية، وفريق رئيس الحكومة حيدر العبادي.
وفي الفريق الآخر يقف رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، الحالم بالعودة إلى السلطة، والذي خسر منصبه الجديد كنائب رئيس جمهورية قبل أيام، كجزء من الإصلاحات، ومع المالكي يصطف طيف من أخطر الجماعات المسلحة الشيعية التي لا تدين بالولاء للنجف، بل لطهران وجنرالها المعروف قاسم سليماني.وفي رد الفعل الأول ضد السيستاني، بدأت صحف إيران تردد مديحاً وثناء غير مسبوق للمالكي والفصائل الجهادية المقربة منه، وبدأت لأول مرة تشبهه بحسن نصرالله، زعيم حزب الله اللبناني، وهي رسالة مباشرة إلى السيستاني وفريق المعتدلين الشيعة في العراق، والذين أطاحوا المالكي من رئاسة الحكومة، ثم عادوا وأخرجوه من منصب نائب الرئيس في مشروع كبير لترشيق المواقع العليا وامتيازاتها الفلكية.أما الرد الثاني فجاء عبر اجتماع بين قادة حزب الدعوة، بجناحيه الموالي للمالكي، والمقرب من العبادي. وباستثناء لقطات فيديو مقتضبة بثتها محطات محلية، وبدا فيها الجو متشنجاً جداً، لم يتسرب شيء رسمي عن الاجتماع، إلا أن العارفين بحقيقة ما يجري توقعوا أنه ينطوي على أجواء رفض صريح لخطة العبادي، الذي أقال الأمين العام لمجلس الوزراء، وهو أشبه بسكرتير للحكومة ذي نفوذ واسع، وكان مقرباً من المالكي، حيث جرى إلغاء هذا المنصب وإلحاق صلاحياته بمكتب العبادي نفسه.أما الخطوات التالية فستعني أن جناح المالكي في حزب الدعوة سيخسر نحو ٢٠٠ منصب تنفيذي، أي معظم الهيكل التنفيذي لإدارة الدولة، لأن العبادي سيقلصها إلى نحو ٧٠ منصباً لإدارة كل الدولة، وستكون معظمها موالية للعبادي بعد استبعاد طبقة الموالين للمالكي.وبينما لم يخرج اجتماع حزب الدعوة بتوافق، فإن اجتماع مجلس الوزراء الطارئ، الذي كان مقرراً أمس الأول الخميس، تعرض لتأجيل مفاجئ، والغرض منه كان إعلان مرحلة أخرى من الإصلاحات، تلي ما جرى الموافقة عليه الثلاثاء الماضي، ويقال إن بعض فقرات الحزمة الجديدة «ثوري جداً»، سيلغي وزارات كثيرة ويتضمن تفويضاً بحل مجالس تشريعية في المحافظات وهي مجالس منتخبة، ما سيثير كثيراً من الجدل.لكن يقال إن البعض تقدم بنصيحة للعبادي مفادها ضرورة التمهل، والتركيز على تطبيق المرحلة الأولى من الإصلاحات ثم الانتقال إلى الثانية.أما ثالث الإشارات، التي تشكل «الرد الإيراني» على مفاجأة الإصلاحات العراقية، فهي الفصائل المسلحة الموالية لطهران، إذ بعد أن صمتت لنحو أسبوع بلا أي تعليق كبير، بدأت منذ صباح الخميس وبنحو مفاجئ التحشيد للنزول إلى ساحة التحرير ببغداد وبقية المحافظات، ما يعيد القلق السابق من حصول احتكاك عنيف قد يؤدي إلى تحويل الاحتجاج إلى فوضى عارمة تنتهي بزلزال سياسي مضاد لمصلحة الميليشيات التي تبدو أفضل تسليحاً من الجيش نفسه، وتتبنى تصوراً راديكالياً جداً لإدارة العلاقة مع الأكراد والسنة والمحيط العربي.
آخر الأخبار
3 مواقف لـ «متشددين» تقيد إصلاحات العبادي
15-08-2015