عنوان لافت لأمسية وفيّة، تكريماً لفارس نبيل ترجّل من على صهوة الدنيا، وغادر مغادرة الرجال النماذج الذين يموتون كغيرهم من البشر، ولكنهم لا يغيبون.

Ad

أما العنوان "السياسة في حضرة الأخلاق" فهو قد شخّص ولخّص سيرة ومَتن المحتفى به الراحل الكبير أمير الدبلوماسية سعود الفيصل آل سعود، الذي لم تحجب عنه أرومة المجد وسلالة المُلك، قلوب الناس ومحبتهم وإعجابهم به إنساناً ووزيراً ومبدعاً ومثابراً وخلوقاً قبل أن يكون أميراً.

 اختصر محمد جاسم الصقر الداعي لأمسية الوفاء ورئيس مجلس العلاقــات العربية والدولية في أربع كلمات سيرة الفقيد وتكوينه الإنساني والمهني، فأحسن وأوجز وكفى.

تجوّلت كلمات ليلة الوفاء الكويتية السعودية العربية في بحور وتاريخ ومناقب الفقيد، كإحدى العلامات البارزة في دنيا السياسة والدبلوماسية ونطاقاتها المختلفة، وأكدت جميعها على دروس وعبر يخلفها عادة  المؤثرون في الحياة، حين يغادرونها لينتفع بها من هم على قيدها.

أبرز تلك الدروس التي ورّثها الراحل الأمير سعود الفيصل؛ أنك تستطيع أن تكون مَهيباً بسطوة السلطة والمال والنفوذ، ولكنك لا تستطيع كسب احترام الناس ومحبتهم، إلا بسطوة الأخلاق وحسن المعشر ولين القول ورفق التناول.

 لن يكفيك للتميز أن تكون ابناً لمَلك أو أمير أو أي كبير، بقدر ما تبلغ التميّز بواسع علمك وثقافتك، ومثابرتك وحسن أدائك، وعفّة لسانك، ونظافة يدك، وكريم خُلُقك، واحترامك للآخرين.

عليك ألا تكتفي بوصولك إلى القمة، بل أن تعي كيف تتعامل مع استحقاقات وموجبات ومتطلبات البقاء والاستمرار في ذراها، وإلّا كان مصيرك السفح!

 لن تحظى بتقدير الناس وإعجابهم إلا بمقدار إثبات ما أنت؟ لا من أنت؟ وتواضع لهم وبينهم ليرفعوك.

خلّف الأمير الجليل سعود الفيصل مثل تلك الدروس الثرية لمدرسة الحياة وتربّع فوق هام المجد في حياته، ولكنه ارتقى سناماً أبديّاً بعد مماته وهو حب واحترام الجميع له، وخلود ذكراه بينهم، فأصبح قدوةً لأبناء الملوك والأمراء والكبراء والفقراء في آن معاً، وتلك قمة ليس من السهل على الكثيرين بلوغها.

شكراً لمن فكر ونظّم وعقد تلك الأمسية الجَزْلة التي جمعت بالإضافة للحشد الكبير من المدعوين، رفقاء درب وأهل الراحل الكبير (أبي محمد) الغائب الحاضر الذي استطاع باقتدار أن يطوع "السياسة والدبلوماسية في حضرة الأخلاق"، والذي ودعه أخوه أمير الكلمة خالد الفيصل منشداً:

إرحل عداك اللوم وإشهر وغادر

مالك مكان إلا على عرش الأذكار

وداع  ياباقي الرجال النوادر

اللي لهم بالنايبه موقفٍ وكار

وداع ياللي عانقته الضماير

حبّوه خلق الله كبيرين وصغار