الاتفاقية الأمنية صمام أمان
مع بداية ظهور الإمبراطورية البرتغالية وسيطرتها على معظم دول العالم، ومن بينها عمان، بدأت تظهر الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي، وتبلورت هذه الأهمية مع ظهور الاستعمار الإنكليزي والتنافس مع الألمان والعثمانيين، ورغبة كل من هذه الدول في السيطرة على الخليج العربي، ثم تضاعفت هذه الأطماع والصراعات مع اكتشاف النفط، ولم تعد أهمية دول الخليج منحصرة في أنها طريق إلى المستعمرات بالهند وشرق آسيا، بل أصبحت هي مركز الأطماع، والسيطرة عليها هو الهدف الأساسي للقوى الاستعمارية. وتعتبر دول الخليج ذات أهمية اقتصادية عالية، حيث تمتلك ثروة نفطية كبيرة، وتتحكم في أهم مصدر للطاقة في العالم، لكن أين دول الخليج من هذه الأطماع؟ وهل تسعى إلى حماية دولها من تلك الأطماع المستمرة والتي لن تتوقف بل تتغير قوتها ومسمياتها، فمنها الخطر المباشر، كالغزو العراقي الذي التحمت دول الخليج على قرار واحد بمواجهته، من أجل تحرير الكويت، ومنها الأخطار غير المباشرة المتسترة تحت أسماء مختلفة، أما في الوقت الحالي فتواجه تلك الدول عدة أخطار، أبرزها الهجمات والتهديدات الإرهابية التي راح ضحيتها أبرياء.
وقد قام مجلس التعاون الخليجي بوضع اتفاقية أمنية خليجية لضمان أمن وسلامة دول الخليج العربي من أي أطماع أو تهديدات داخلية وخارجية، والسؤال: لماذا لم تضع الحكومة هذه الاتفاقية من ضمن أولوياتها في افتتاح دور الانعقاد الحالي؟ فهل الأمن غير مهم بالنسبة إلى الحكومة أم إن هذة الاتفاقية لا تحقق الأمن الحقيقي؟ يجب أن تطرح هذه الاتفاقية ضمن جدول الأعمال في مجلس الأمة، وتتم مناقشتها بشفافية وموضوعية أمام المواطن الكويتي ليطمئن الشعب على أمنه واستقراره ومستقبله. وتعتبر وحدة المصير لدول الخليج هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن وحماية شعوبه، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تسهم في تعزيز أمن المنطقة وتعزيز التعاون في منظومة دول مجلس التعاون، لذلك لابد من حسم أمر دستورية موادها المتنازع عليها نيابياً في اللجنة التشريعية، ورفعها إلى مجلس الأمة على طريق إقرارها كونها باتت صمام أمن للكويت بشكل خاص، ودول "التعاون" بشكل عام، لاسيما بعد الظروف المريرة التي تمر بها دول المنطقة جراء الإرهاب. وقد أكدت الحكومة سلفاً أن تلك الاتفاقية لا تتعارض مع دستور وقوانين الكويت، ومع ذلك نحن نثق بالتشريعية البرلمانية لمناقشة دستورية موادها، لتخرج متفقة مع الدستور، لكن في الوقت نفسه، على نواب الأمة التفكير جديا في أمن البلد والخليج الذي قال عنه سمو أمير البلاد في نطقه السامي في افتتاح دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة إن أمن الكويت لا يتجزأ عن أمن الخليج. وتكمن أهمية هذه الاتفاقية في تكريسها التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف أن تسير دول المجلس كمنظومة متوازنة ومتسقة ووفقاً لما خططت له لمواجهة الأحداث المتسارعة في المنطقة.ولاشك أن الأحداث الجسام التي تمر بها الساحة المحلية والمنطقة الخليجية والعربية تنذر بالأخطار المحدقة، فضلاً عن الأحداث التي مرت بها الكويت بدءاً بالخلية التجسسية، والتي أدانها القضاء وتفجير مسجد الإمام الصادق، والذي راح ضحيته مواطنون أبرياء، وأخيراً خلية العبدلي الإرهابية التي أضمرت الشر للبلاد والعباد، فما هذه الأحداث الإرهابية إلا مؤشرات واضحة المعالم على ما يخطط للكويت والمنطقة من قبل الأطراف الخارجية.وختاما نقول إن إقرار الاتفاقية الأمنية الخليجية أصبح ضرورة ملحة لحماية الأمن الوطني ومن بعده الأمن الخليجي والعربي الذي بات مهددا من قبل أطراف يهمها زعزعة أمن واستقرار المنطقة، فالأمن هو الأولوية القصوى للشعب الكويتي والخليجي، فلا تنمية ولا تطور ولا ازدهار ولا ديمقراطية ولا برلمان ولا حرية نافعة وذات أهمية بلا أمن، فالعامل المشترك مع أدوات التطور لكل شعب هو الأمن، وما دونه يعوض.