يرصد كتاب «أيامنا الحلوة» مشوار العالمي عمر الشريف  الذي  كانت حصته في النجاح والنجومية والحضور على الشاشة متباينة من عمل إلى آخر. كذلك تقدم المؤلفة داخل سطور الكتاب سرداً تحليلياً يحاول كشف النقاب عن شخصية الشريف الفنية والإنسانية والملامح التي أسهمت في تشكيلها وقناعاته بضرورة التسامح النابعة من ثقافة اكتسبها من مجتمعه الذي احتضن الأديان كلها في سلام، كذلك خبرة السنوات التي أكسبته نضجاً، وتتوقف بالرصد والتحليل أمام تراثه الفني والكثير من مواقفه الشخصية، فبعضها يمكن أن يندرج في خانة الزلات والنزوات التي نبعت من طبيعتة البشرية والتي لم تخل من بعض جوانب الضعف التي تعتري أي إنسان، حتى لو كان «لورانس العرب» الذي تميز بجاذبية متوهجة أسرت قلوب عدد من أجمل نساء العالم. في مقدمة كتابها الذي حمل اسم {المسافر}، أشارت المؤلفة إلى ذلك الثنائي الذي تحوَّل إلى رمز للحب في هذا الجيل واستمر على مدار أجيال حتى اليوم، من خلال فيلم {نهر الحب} الذي كان عزفاً جميلاً على أوتار الحب كما في علاقة نوال وخالد، والتي مَثلت شرارة البداية وتعاطف الجمهور مع بطلي الرواية الأشهر للروسي {ليو تولستوي} مع طرح تساؤلات عدة تبحر في معرفتها عبر فصول الكتاب.

Ad

فصول رسمتها الكاتبة ناهد صلاح، في رحلة طويلة وحافلة  لـ«ابن العرب} وتوغلت فيها بخطوات متوهجة من الخصوصية والحميمية إلى {بلاد الخواجات} في باطن الكتاب والذي يتكون من تسعة فصول، بداية بميشيل وتفاصيل نشأته باسم ميشيل ديمتري شلهوب في الإسكندرية، مروراً بفصل يحمل اسم {عمر}، و{النجم}، و{العالمي} الذي أصبح الشريف وقتها أيقونة عالمية جاذبة للنساء بين عشية وضحاها، ثم تحول وتصفه الكاتبة في فصل بـ}لمغامر} مبينة من خلال الفصل مغامراته في السينما الأميركية عقب {لورنس العرب} وظهوره بطلاً في أفلام عدة، كذلك تعرض الأسباب التي دفعته إلى ترك البيت والشهرة التي كان قد بدأها في مصر وانطلاق في هذه المغامرة الجديدة في هوليوود، ثم تتوالى الفصول بين المواطن المصري، والغاضب، والمتسامح، وأخيراً الفصل الأخير {البطريك}.

يرصد الكتاب أيضاً مشوار التحول في حياة الشريف والذي بدأ بمغامرة غيرت حياته تماماً، فقد كان له في مصر بيت وزوجة وابن، وعمل في السينما المصرية وله فيها أيضاً مكانة، فغامر بذلك كله ليحلق في فضاء أكثر رحابة كان يشاهده ولم يتخيل أبداً أنه سيكون جزءاً منه.

لقاءات

وعبر لقاءات عدة جمعت المؤلفة بالراحل كشفت كيف كان يدين لفيلم { لورانس العرب} بالكثير كما يدين لمخرجه ديفيد لين الذي قاده في هذه التجربة التي بدلت حياته في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وجعلته واحداً من كبار نجوم السينما العالمية طوال أكثر من ثلث قرن، مشيرة لأنه لم يقف طويلا عند منعطف {لورانس العرب}، ولكنه ظهر بطلاً في أفلام عدة، فجسد دور جنكيز خان أمام الممثلة الفرنسية {فرانسواز دورلياك}، وأدى دور الكاهن في فيلم {انظر الحصان الشاحب} تحت إدارة المخرج الأميركي فريد زينمان مع أنتوني كوين وجريجوري بيك، فصار نجمه يلمع في السينما العالمية.

أسرار

اهتمت الكاتبة ناهد صلاح عبر فصول كتابها بتفسير {العوالم الأسطورية} لعمر الشريف، وإلقاء الضوء على تفاصيل غامضة في تكوينه الشخصي، وفي أسرار عائلته، وقصة حبه وزواجه وطلاقه من فاتن حمامة، وهجرته وغربته، وعلاقته بالقمار والنساء والسينما التي ترك على خارطتها عناوين كبيرة وكثيرة تؤرخ لنجوميته وتنتصر للممثل بداخله، وحيرته بين حريته في الخارج وحنينه إلى وطن تركه برغبته وكامل إرادته، وأمور أخرى كثيرة صنعت من حياة الشريف فصولاً تستحق أن تُروى.

ناهد صلاح

 كاتبة وناقدة سينمائية مصرية، تشغل منصب رئيس قسم الفن جريدة {الأسبوع} ونائب رئيس التحرير، عضو نقابة الصحافيين المصريين، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما وتشغل منصب الأمين العام لجمعية بيت السينما، وقد صدر لها عدد من المؤلفات منها كتاب {الفتوة في السينما المصرية}، وكتاب {الحتة الناقصة}.