وقع الانفجار الأخير في العاصمة التونسية على بعد نحو 500 متر من فندق إفريقيا الذي يستقبل ضيوف مهرجان «أيام قرطاج السينمائية»، وخلال عرض فيلم «قدرات غير عادية» للمخرج داود عبد السيد في قاعة الكوليزية بشارع الحبيب بورقيبة، والتي تبعد عن الانفجار 300 متر فقط، فاضطر القيمون إلى إلغاء الندوة الخاصة بالفيلم، وفي الوقت نفسه أخرج الأمن الفنانين من قاعة السينما وعادوا إلى الفندق.

Ad

كذلك ألغي حفل استقبال أقامه السفير المصري أيمن مشرفة في منزله على شرف الوفد المصري المشارك في فعاليات المهرجان الذي يحتفل هذا العام بدورته الـ 26، تحت شعار «الدنيا كلها سينما».

وكان الافتتاح أقيم وسط إجراءات أمنية مشددة، لا سيما أن الدورة تأتي بعد سلسلة هجمات إرهابية استهدفت سياحاً وعناصر من الشرطة والجيش داخل البلاد. وأشارت وزيرة الثقافة لطيفة لخضر إلى أن الدورة تأتي في لحظتها على وقع ما يعيشه العالم من مخاطر العودة إلى قانون الغاب ومخاطر الإرهاب.

وحضرت حفلة الافتتاح نخبة من نجوم السينما التونسية والأوربية والإفريقية، وكان من أبرز الضيوف: هند صبري، وكندة علوش، وهنا شيحة، وسلوى خطاب، وفريال يوسف، ومايا دياب، وخالد أبو النجا، وكارمن لبس، وعمرو يوسف، وأحمد بدير، ومحمود حميدة، ونجلاء بدر، والمخرج الكبير داود عبد السيد، والمخرج كريم حنفي، والمخرجتان هالة خليل وهالة لطفي.

وعرض في الافتتاح الذي حضره رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد فيلم «الشاة» للمخرج الإثيوبي يارد زيليكي الذي سبق وشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي.

وقبل عرض الفيلم عزف الأوركسترا السيمفوني التونسي مقطوعات موسيقية عدة من أشهر الأفلام العالمية ومنها مقطوعة «لورانس العرب» للنجم العالمي الراحل عمر الشريف.

وتنافس على جوائز التانيت الذهبي 17 فيلماً هي: «بيتنا» من مالي، و{ديجرادية» من فلسطين و{الهائم على وجه» من رواندا و{مدام كوراج» و{البئر» من الجزائر، و{ديفرات» من إثيوبيا، و{على حلة عيني»، و{شبابك الجنة»، و{قصر الدهشة» من تونس، و{الزين اللي فيك»، و{جوق العميان» من المغرب، و{نهر بلا نهاية» و{شباب ربطات العنق» من جنوب إفريقيا، و{قدرات غير عادية» من مصر، و{الطريق» من لبنان، و{رسالة إلى الملك» من العراق، و{قلب الإعصار» من بوركينافاسو.

أما مسابقة الأفلام القصيرة فضمت 13 فيلماً في حين شارك 16 فيلماً في مسابقة الأفلام الوثائقية.  وفي مسابقة العمل الأول شارك 20 فيلماً من بينها الفيلم المصري «باب الوداع» للمخرج كريم حنفي بطولة سلوى خطاب وأحمد مجدي وآمال عبد الهادي.

واحتفت دورة قرطاج هذا العام بالسينما الأرجنتينية والإيطالية، وكرّم المهرجان نساء السينما المصرية: فاتن حمامة، ومعالي زايد، ومريم فخر الدين، والمخرجتان أسماء البكري ونبيهة لطفي. كذلك كرّم كلاً من المخرج التونسي نوري بو زيد والكاتبة الجزائرية آسيا جبار والمخرج البرتغالي مانويل دي أوليفيرا. وأقيمت ندوة للفنان محمود حميدة حكى فيها عن مشواره وأبرز محطاته الفنية وتجاربه السينمائية.

كذلك أقيمت ندوة للفنان أحمد بدير حيث أكد حبه لتونس منذ أن عرض فيها إحدى مسرحياته بعنوان «الطلاينة وصلوا»، ووجد الحفاوة الكبيرة من الشعب التونسي للعرض.

«الزين اللي فيك»

أحد الأفلام التي شهدت إقبالا غير مسبوق «الزين اللي فيك» للمخرج نبيل عيوش، وكان عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي بدورته

الـ 68 ويتولى البطولة كل من لبنى أبيضار وأسماء لزرق وأمين الناجي وعبدالله ديدان. يتطرق الفيلم إلى قضية الدعارة في المغرب، تحديدا في مراكش التي تستقطب السياح الأجانب والعرب.

وكان الفيلم تعرّض لانتقادات كثيرة وهجوم شديد على مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى أنه يشجع الدعارة والعري بسبب تضمنه مشاهد جنسية صريحة، فرأى كثيرون أنه يحمل الابتذال أكثر من كونه يقدم قيمة فنية، بالإضافة إلى أنه يسيء إلى العلاقة مع إحدى الدول الخليجية.

وبعد هذه الانتقادات قررت الحكومة المغربية منع عرض الفيلم في المغرب، ورفعت دعاوى قضائية عدة ضد نبيل وبطلة فيلمه لبنى، ولعل ذلك ما دفع إبراهيم لطيف مدير المهرجان إلى أن يوضح قبل عرض الفيلم أن إدارة المهرجان تتحمل نتائج العرض في تونس. ومن الصدف الغريبة أن يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هذا العام نور الدين الصايل، الرئيس السابق للمركز السينمائي المغربي، وقد توقع البعض أنه سيكون له موقف ضد الفيلم.

أما نبيل عيوش مخرج الفيلم فهو فرنسي من أصل تونسي ووالده من تطوان بالمغرب، ووالدته فرنسية يهودية من أصل تونسي. ومن أعماله «علي زاوا» و{كل ما تريده لولا» و{يا خيل الله».

أحد الأفلام التي شهدت إقبالاً واسعاً الجزائري «البئر» للمخرج لطفي بوشوشي، ويروي وقائع محاصرة جنود الاستعمار الفرنسي لسكان قرية نائية بمنطقة الجنوب ويطرح معاناة سكان القرية في الحصول على الماء.

أما «قدرات غير عادية» فتراوحت الآراء تجاهه، ففيما رأى البعض أنه تجربة فنية تضاف إلى تاريخ داود عبد السيد بكل ما تحمله من فلسفة، وجد البعض الآخر أن الفيلم يمنح المشاهد الإحساس بالملل لطول مدة عرضه (133 دقيقة)، بالإضافة إلى أنه مليء بالألغاز السينمائية التي أربكت البعض الثالث.

وقبل حفل الختام كرّمت جمعية الصداقة التونسية المصرية الفنانين والإعلاميين المشاركين في دورة هذا العام مع توجيه كلمة شكر للوفد المصري الذي قرر البقاء وعدم العودة رغم الظروف القاسية التي يمر بها المهرجان، مؤكدين على تحدي الإرهاب ومواجهة أعداء الحياة بالفن والإصرار على تجاهل مثل هذه العمليات الإجرامية التي تهدف إلى نشر الخوف.