الفاتنة.. كاميليا 2 من 4 امرأة من نار

نشر في 26-10-2015
آخر تحديث 26-10-2015 | 00:01
لم يدر بخلد الفتاة ليليان أن حضورها إلى حلبة سباق الخيل في نادي "سبورتنغ" بالإسكندرية سيفتح لها أبواب الشهرة، وستكون مصادفة لقائها بالنجم أحمد سالم العتبة الأولى للعمل في السينما.
وعقب ذلك، خضعت ليليان لتدريب في الرقص والإتيكيت، وكذلك لتعلم اللغتين العربية والفرنسية، وعلاوة على ذلك انتقى أحمد سالم اسماً فنيا لها، وهنا بدأت ليليان الملقبة بكاميليا مشوارها في الفن.
لم يسند أحمد سالم مهمة تدريب كاميليا إلى أحد، بل تكفل هو بذلك، وكان يشرح لها كيف تكون حركتها، وكيف تتحدث إلى الناس، وكيف تبتسم، وهكذا لأنه أراد أن تكون نجمة سينمائية كبيرة.
بعد حرب دولية مدمرة بدأت في الأول من سبتمبر 1939، في أوروبا وآسيا، وامتدت إلى مناطق عديدة في العالم، حتى وصلت إلى الشرق، وتحديدا في مصر وبعض دول شمال أفريقيا، وضعت الحرب أوزارها مع بداية مطلع العام 1945، وما إن هدأت الأوضاع حتى علمت أولجا أبنور أن والد ليليان الحقيقي «أفرو كوستانيو» موجود في قبرص، بعد أن نقل تجارته إلى هناك، فقررت السفر هي وليليان في رحلة إلى قبرص للبحث عنه، غير أن الرحلة لم تدم طويلا، وعادا بعد أسبوعين فقط للإسكندرية، بعد أن أعياهما البحث دون جدوى، وقد نفد ما معهما من نقود:

= عاجبك كده يا ست ليليان.. أدينا رجعنا زي ما رحنا.. وصرفنا كل اللي معانا.. وكمان موسم الصيف قرب يخلص.. يعني الموسم اللي بنستناه من السنة للسنة ضاع هو كمان

* ولا ضاع ولا حاجة.. أحنا لسه في أول أغسطس

= اسكندرية اتزحمت والمصيفين سكنوا والزباين اللي ممكن تيجي دلوقت هاتبقى بالصدفة

* ماتشليش هم أنا متأكدة أن الصيف ده هايكون أحسن صيف مر علينا

= أما نشوف يا ليليان هانم

* حلوة أوي هانم من بقك.. وبالمناسبة دي إيه رأيك.. ليليان هانم اللي هي أنا عازماكي على السبق بكره

= سبق.. انت فاكرة أن لسه معانا فلوس للسبق

* احنا مش هانلعب أحنا هانروح نتفرج بس.. علشان خاطرى معلش معلش

في صباح الثامن من أغسطس 1945، ذهبت ليليان بصحبة والدتها أولجا إلى حلبة سباق الخيل في نادي «سبورتنج» بالإسكندرية، غير أنها لم تكن تعلم أنها على موعد مع السعادة في هذا اليوم، وأنها ستكتب لها شهادة ميلاد جديدة، باسم جديد وشخصية جديدة وحياة جديدة.

من غير معاد

جلست أولجا تتابع السباق باهتمام بالغ، لعشقها للخيل والسباق، غير أن ليليان لم تطق الانتظار طويلا، وتململت سريعا، وتركت والدتها لتتجول بين مقاعد الجمهور، وفجأة دون مقدمات أو ترتيب، وجدت نفسها في مواجهة وجه مألوف، مؤكد أنه مألوف ومعروف، ليس لها فقط، بل لمئات الآلاف من المعجبين والمعجبات، بل واشتهر عنه أنه معشوق النساء والفتيات، تلتف حوله الكاميرات أينما ذهب، يصفق له الآلاف، تتسابق إليه الصحف والمجلات.

إنه دونجوان السينما المصرية، وفتى أحلام الحسناوات والنجمات وفتيات الطبقة المخملية، النجم السينمائي الوسيم أحمد سالم، صاحب أشهر مقولة في تاريخ الإذاعة المصرية «هنا راديو الإذاعة المصرية الملكية اللاسلكية.. هنا القاهرة» تلك المقولة التي انطلقت من الإذاعة المصرية في 31 مايو 1934، وسجلها التاريخ، لابن محافظة الشرقية، الدنجوان الذي سافر إلى بريطانيا لدراسة الهندسة، وقام بدراسة الطيران، ثم عاد إلى مصر عام 1931 بطائرة خاصة كان يمتلكها ويقودها بنفسه، ولم يتجاوز عمره 21 عاما

بعد تعينيه مهندساً في شركات أحمد عبود باشا لم يستمر بها وتركها بعد أن عين مديرا للقسم العربي بالإذاعة المصرية، وأخذ يشارك في إعداد وتقديم العديد من البرامج الاذاعية، ليحقق نجاحًا باهرا، حتى أن المستمعين كانوا ينتظرونه باهتمام، وعندما قام بتقديم حفل أقامته إحدى شركات بنك مصر عام 1935، أعجب به طلعت باشا حرب، وطلب منه مهمة استكمال إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما وبناء استوديو كبير يكون مصريا خالصا، فقدم استقالته من الإذاعة وتفرغ لاستكمال بناء أستوديو، وأشرف على إنتاج أول فيلم ينتجه أستوديو مصر، فيلم «وداد» بطولة أم كلثوم وأحمد علام.

نجاح الأفلام التي أنتجها «ستوديو مصر» زاد من ثقة طلعت حرب فيه فعينه عام 1936، المدير العام للقسم الهندسي لشركات بنك مصر، بالإضافة إلى منصب مدير عام مطبعة مصر، ومدير عام لقسم الدعاية السينمائية لبنك مصر.

تحدى أحمد سالم الملك فاروق عام 1938، عندما أنتج ستوديو مصر فيلمًا بعنوان «لاشين» تدور أحداثه حول قيام ثورة ضد حاكم مستبد له علاقات نسائية وشهوات، وطلب القصر من طلعت حرب تعديل السيناريو وأن تكون نهاية الفيلم لصالح الحاكم بدلًا من القضاء عليه، لكن أحمد سالم رفض وقدم استقالته، ليبتعد عن السينما ويتفرغ لتجارة السلاح، وتورط في قضية توريد «خوذات مقلدة» للجيش، وحكم عليه بالسجن، لكنه بعد خروجه عاد إلى السينما مرة أخرى، وقام بدور البطولة أمام راقية إبراهيم في فيلم «دنيا»، من إخراج محمد كريم، والذي قرر بعده الذهاب إلى الإسكندرية للاستجمام، ولأنه من عشاق السباق، لم يكن ليترك يوما دون حضوره.

في نادي سبورتنج وقعت عينا النجم الكبير على الفتاة الفقيرة ليليان، وقف النجم اللامع أمامها في حالة من الدهشة، لا يصدق ما يراه من أنوثة متفجرة لشابة في مطلع العشرينات، حشد الجمال نفسه من كل بقاع الأرض ليسكن فيها، فيما تسمرت قدما ليليان وعيناها أمام من يطلق عليه معشوق النساء، النجم الساطع في سماء السينما المصرية، لم تستطع أن تنطق بكلمة واحدة، وتركت عيناه تبوحان بكل ما تريد أن تقوله لمتخصص في قراءة لغة العيون، قرأ في لحظات كل ما أرادت أن تقوله الفاتنة الشابة، ما شجعه على الاقتراب منها، غير أنه اكتفى بابتسامة ساحرة، ساعدتها على أخذ المبادرة:

* النجم الكبير الأستاذ أحمد سالم.. أنا مش مصدقة نفسي

= دا أنا اللي مش مصدق

* مش مصدق إيه حضرتك

= مش مصدق إن فيه جمال بالشكل دا

* مجاملة دي لواحدة معجبة بحضرتك ولا صحيح عجبتك

= دا انت تعجبي الملك.. ولا أقولك لا.. بلاش ده.. أصله ما بيعتقش

* أستاذ أحمد.. كنت عايزة أطلب من حضرتك طلب لو تسمح

= أسمح أوي.. انت تؤمري

* ممكن تسمح تديني «بون» علشان أشوف فيلمك الجديد «دنيا»

= بس كدا.. أوي أوي.. خدى الكارت ده بتاعى

* يعني أنا أقدم الكارت ده على باب السينما يدخلوني على طول

= هاهاها.. أيوا.. لكن قوليلي.. تحبي تشتغلي في السينما

* أشتغل إيه؟

= هاتمثلي طبعا

* أنا؟!  بجد أنفع؟!

= دي شغلتي.. بس انت تقولي آه

* طبعا آه.. ياريت يا أستاذ

= خلاص.. أنا نازل في فندق وندسور هاستناكي بكره الساعة 10 الصبح.. ماتتأخريش

* من 8 هاتلاقيني على باب الفندق

قبل أن ينهي أحمد سالم كلامه مع ليليان وينصرف.. كانت أولجا تراقب الموقف من الجهة المقابلة، رجل يتحدث إلى ابنتها كأنهما صديقان، حيث وقفت ليليان تتحدث وتضحك وعلى وجهها علامات السعادة، فهبت أولجا من مكانها كالمجنونة، واتجهت مسرعة تجاههما، فيما كان أحمد سالم يغادر المكان:

= ليليان

* نعم يا مامي

= مين ده اللي كنت واقفة بتتكلمي معاه وبتضحكي

* إيه ده يا مامي انت مش عارفاه

= أعرفه منين ده؟

* ده النجم الكبير أحمد سالم.. ممثل ومخرج

= نجم كبير ولا نجم صغير إيه اللي موقفك معاه ويخليك تضحكي أوي كده لحد ما كل الناس بصت عليكم

* أبدا ده كان بيقوللي أني جميلة أوي وأني ممكن

= ممكن إيه.. يقدر يضحك عليك بالكلمتين دول.. ووعدك بإيه تاني؟

* يضحك عليّ إيه بس يا مامي.. ده بيقوللي أني أنفع أشتغل في السينما

= سينما هي حصلت.. وإيه اللى في إيدك ده

* ده الكارت بتاعه علشان.....

= عشرة صباحا فندق وندسور.. وطبعا قالك تيجي الفندق علشان يمتحنك ويشوفك تنفعي ولا لأ

* بالظبط كده

= مافيش كلام من ده.. بلا كلام فاضي.. ده أنا كنت أموتك

* إيه الكلام ده يا مامي..

= مافيش عير الكلام ده.. قلت مافيش سينما يعني مافيش سينما

* هو كل حاجة مافيش.. خروج مافيش.. شغل مافيش.. فسح مافيش.. انت عايزاني اتحبس في البسيون ليل ونهار

= بلاش فضايح هنا.. قدامي نتكلم في البنسيون

خوف وترقب

في البنسيون دار نقاش طويل امتد حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، سمع به كل نزلاء البنسيون، خاصة عندما ارتفع صوت ليليان مهددة بالانتحار، إذا لم توافق والدتها على الفرصة التي يحاول أحمد سالم منحها لها، ولولا تدخل بعض النزلاء المقربين، لتطور النقاش بينهما إلى مالا يحمد عقباه.

على مضض وافقت أولجا على ذهاب ليليان للقاء أحمد سالم، غير أنها اشترطت أن تكون بصحبتها، فلم تكن مرتاحة لهذا اللقاء، خاصة بعد أن عرفت من هو أحمد سالم، وما تاريخه مع النساء؟

في الموعد كانت ليليان بصحبة والدتها أولجا في لقاء أحمد سالم، الذي استقبلهما في الجناح الخاص به في الفندق، كان أول ما لفت انتباه أحمد سالم في بداية اللقاء، ملابس ليليان، حيث لاحظ أنها ترتدي ملابس رثة وفستاناً قديما، وحذاء باليا، غير أن كل ذلك لم يكن ليغير رأيه في جمالها، فهو على يقين أن بضعة جنيهات قادرة على تحويلها إلى «برنسيسة من الأسرة المالكة» لكن الأهم أنها ستحتاج إلى مجهود كبير لتتحول إلى نجمة سينمائية، ينسب إليه الفضل في اكتشافها.

بدا أحمد سالم متحفظا في كلامه في ظل وجود أولجا والدة ليليان، فحرص على أن يتحدث بشكل رسمي، ويكشف كل أوراقه الرابحة أمامها، حتى يطمئن قلبها لما سيفعله بنجمة المستقبل، وما سيقدمه لها، والجهد الذي سيبذله معها:

* مش فاهمة تقصد إيه حضرتك أبقى واحدة تانية؟

= أقصد اللي قلته بالظبط.. تبقى واحدة تانية في كل حاجة.. في الشكل والمضمون

* تقصد هدومي وشكلي

= أولا انت شكلك زي القمر.. ودي مش عايزة كلام.. لكن صناعة النجوم تحتاج مواصفات خاصة.. ملابس وتعليم عربي وإلقاء وتعليم اتيكيت.. وبعد كده تعليم التمثيل

* ياااه كل ده علشان أبقى ممثلة

= واكتر.. مش بس علشان تبقي ممثلة.. لا علشان تكوني نجمة.. وصناعة النجم تحتاج مجهود كبير.. وبالمناسبة اسم ليليان جميل لكن لازم يكون لك اسم فني

* حتى اسمي هاتغيره

= ايوا لازم نختار لك اسم جديد يليق بنجمة المستقبل

* ناقص حاجة تانية هاعملها؟

= انت مش هاتعملي حاجة خالص انت هاتسيبي نفسك لمجموعة من المتخصصين في الموضة والمكياج والأساتذة اللى هايعلموك.. عنوان مكتبي في القاهرة.. هاتشرفيني علشان نبدأ

* امتى؟

= أنا نازل مصر النهاردة.. وهاكون في انتظارك من بكره

لم يترك أحمد سالم فرصة لليليان لتغيير رأيها، خاصة عندما استشعر تململا من والدتها، وخوفا وقلقا على ابنتها، غير أن ليليان التي اقتنعت تماما بكل ما قاله، طرقت على الحديد وهو ساخن، وانتقلت على الفور إلى القاهرة في صباح اليوم التالي برفقة والدتها، ونزلا في بنسيون في شارع «كلوت بك» على مقربة من شارع شريف باشا حيث مكتب وسكن أحمد سالم في عمارة «الإيموبيليا».

رحلة الصعود

في اليوم التالي وضعت كاميليا نفسها تحت تصرف معلمها ومتعهدها الجديد، فذهبت إلى مكتب أحمد سالم، حيث بدأ معها وضع جدول لبدء رحلة صناعة نجوميتها، غير أنه قبل أن يبدأ رحلة التغيير، حرص على أن يلتقط لها عدة صور بهيئتها الحالية، لتدرك، ويدرك كل من يشاهدها فيما بعد، الفارق والجهد الذي قام به من أجل تحويل «ليليان» إلى نجمة، وأكد ذلك عندما خرج معها لتوصيلها، فتقابل في مصعد العمارة مع المخرج والفنان زكي طليمات، فحرص على أن يقدمها له:

- رأيي فيك أنك طول عمرك شاطر

= دي شهادة أعتز بيها يا زكي بيه.. صحيح أنا آسف نسيت أقدمكم لبعض.. أستاذ الإخراج والتمثيل الأستاذ الكبير زكي طليمات عميد معهد التمثيل ومدير الفرقة المصرية

* أهلا وسهلا اتشرفت يا زكي بيه

= ودي بقى ليليان.. بطلة فيلمي الجديد

- أهلا وسهلا.. مش بقولك طول عمرك شاطر.. عرفت تختار بطلتك..  مبروك يا مودموذيل ليليان

* ميرسي

قبل أن ينصرف زكي طليمات من أمام باب المصعد، وفيما هو يصافح ليليان، وقعت عيناه على «فتق» صغير في فستانها، فنظرت ليليان في عينيه ثم عادت بعينيها إلى «الفتق» وقد وضعت يدها عليه، فلاحظ أحمد سالم ذلك، فتأكد أن ما كان يريد أن يوصله قد وصل.

رغم الحرج الذي شعرت به ليليان من نظرات زكي طليمات، إلا أن ذلك لم يكن ليثنيها عن هدفها الذي قررت أن تضعه نصب عينيها، فقد كانت تحلم بالثراء والشهرة والمجوهرات، تريد أن تكون مشهورة، تريد أن تعيش حياتها، مهما كلفها ذلك من ثمن، تريد أن تعوض سنوات الفقر والحرمان، خاصة أنها ترى في نفسها أنها تستحق حياة أفضل من تلك التي ولدت فيها، كل ذلك جعلها تترك نفسها «عجينة لينة» في يد أحمد سالم ليعيد تشكيلها كيفما شاء، طالما أن النتيجة ستصل بها إلى تحقيق ما تريد، وهو ما فعله سالم بالفعل، حيث أحضر لها عددا من المدرسين في اللغة العربية واللغة الفرنسية، فهي تتقن الإنجليزية، كما أحضر لها متخصصين في فن «الاتيكيت» والرقص، واختار لها اسم «كاميليا» بدلا من ليليان، ثم عهد بها إلى الفنان محمد توفيق، ليتولاها ويعطيها دروساً في فن الإلقاء والأداء والحركة، وكيفية نطق اللغة العربية، لكن محمد توفيق بعد أول درس فر هاربا:

= معناه إيه الكلام ده.. هو احنا مش متفقين يا أستاذ محمد ولا إيه

- وأنا رجعت في كلامي

= ليه بس إيه اللي حصل

- اللى حصل يا أستاذ لا يتقال ولا يتكب

= افهم بس

- ابوس ايدك ابعدني عن جهنم الحمرا دي

= جهنم!! مش فاهم تقصد إيه

- اقصد أنك حطيتني جنب نار.. ولعه.. صواريخ فتاكة أشد من صواريخ الألمان.. وأنا راجل قلبي ضعيف مش حمل ضحكة واحدة من شفايفها اللى ممكن أولع منها السيجارة

= هاهاها.. فهمت فهمت.. خلاص خللي عنك انت أنا هاتصرف

تولى أحمد سالم بنفسه مسؤولية تدريبها، كيف تقف أمام الكاميرا، كيف تتحرك، كيف تأكل، كيف تمشي، كيف تتكلم مع الناس أو تراقصهم في الحفلات، كما قام بشراء أفخر الثياب والمجوهرات، حتى أنها لم تعد تعرف نفسها كلما نظرت في المرآة، أصبحت نجمة قبل أن تقف أمام الكاميرا، تبهر كل من يراها بأناقتها وجمالها، غير أن ذلك كله لم يمنع الفنان زكي طليمات من التعرف إليها في اللقاء الثاني، الذي جمعه بها وأحمد سالم صدفة أيضا أمام باب المصعد:

- أهلا مودموزيل ليليان

* أهلا أستاذ زكي

= لا ليليان مين؟ ما خلاص.. نجمتنا بقت اسمها كاميليا

- نجمتنا بقى اسمها كاميليا.. طب عال خالص.. بس كنت كملت الاسم وخليتها غادة الكاميليا

هنا ردت كاميليا بحدة وغضب:

* أد كده بتحب لي الخير يا أستاذ زكي

- إيه آه.. ليه بتقولي كده

* لأني الفترة اللي فاتت اللي كنت باتعلم فيها قريت قصة غادة الكاميليا وعرفت انها ماتت بالسل

ارتبك زكي طليمات ولم يرد وهز رأسه بالتحية وانصرف، فيما وقف أحمد سالم وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة من فرط سعادته بتلميذته، وأيقن أنها أصبحت جاهزة لتخرج للرأي العام وللجمهور، فرتب لها عددا من اللقاءات بإظهارها إعلامياً في الصحف والمجلات، كما بدأ يصطحبها في الحفلات الخاصة والعامة، قدمها لكل من في الوسط الفني من منتجين ومخرجين وفنانين، غير أنه لم يكن ليغفل عنها لحظة واحدة بمفردها معهم، كما لم يجعل أيا منهم يختلي بها ولو لدقيقة واحدة، ليس خوفا على بطلته الجديدة من أن يستميلها غيره، لكنها كانت غيرة الحب، فقد عشق أحمد سالم التمثال الذي صنعه من المرمر، ورصعه بالجواهر والألماس، ولم يكن لديها مانع من أن تبادله الحب، بشرط أن يستمر في تحقيق طموحاتها، خاصة أنها في خلال أقل من عام أصبحت جاهزة تماما لتحتل مكانتها وسط نجمات السينما المصرية، لكن حدث ما لم تتوقعه.

(البقية الحلقة المقبلة)

back to top