«خلوها... تخيس»!
طالما وصل الغلاء والاستغلال إلى السمك في الكويت، فهذا نذير شؤم لأوجه الفساد في مختلف مفاصل الدولة وثرواتها العامة، ولعل لسان حال المواطن المقاطع للسمك يعكس هذا التذمر، ولكن على طريقته الخاصة!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
إن أسعار السمك ورغم المبالغة والاستغلال الظالم لحب الكويتيين له جزء من منظومة التضخم التي تشير إليها الإدارة العامة للإحصاء سنوياً، وبمعدلات بلغت 4% و5% و6% خلال السنوات الثلاث الماضية، دون أن يُهز جفن للحكومة! كما أن مقاطعة أشهى الأطعمة الكويتية لن تغيّر الكون، فإحجام الناس عن شراء السمك فرصة سعيدة لأصحاب المطاعم لجمع هذه السلعة وتخزينها ومضاعفة أرباحهم على ظهر المواطن المحتج!لكن قصة الربيع الكويتي الجديد لا تخلو من دروس جميلة، وتذكرنا بحادثة الحجاج بن يوسف وأحد رعاياه الذي أمسك بسمكة وهو يشمها من ذيلها أمام الطاغية الذي استغرب سلوكه، فراح ينصحه بأن السمك يشم من رأسه إن كان فاسداً، لكن المواطن الفطين استدرك بمعرفته بفساد الرأس، إلا أنه يرغب في معرفة إذا كان الفساد قد وصل للذيل، فكانت إحدى المناسبات التي أهانت الحجاج الشرس صاغراً.طالما وصل الغلاء والاستغلال إلى السمك في الكويت، فهذا نذير شؤم لأوجه الفساد في مختلف مفاصل الدولة وثرواتها العامة، ولعل لسان حال المواطن المقاطع للسمك يعكس هذا التذمر، ولكن على طريقته الخاصة!رغم أن الإسقاط المهم الآخر على نجاح مقاطعة السمك يحمل دلالات جميلة فإنه محزن من جانب آخر، فقد تولدت الإرادة الشعبية الساخطة على ارتفاع سعر السمك، ولله در صاحب هذه المبادرة التي انطلقت بتغريدة من حروف قليلة، فوحّدت الكويتيين رغم الأجواء القاتمة، ليثور التساؤل المحزن: إذا كانت بطوننا قادرة على توحيدنا تحت سقف سوق السمك، فأي مصيبة هذه أن قلوبنا وعقولنا ووجداننا ليست قادرة على جمعنا تحت سقف سماء الكويت، وكأن لسان حالنا يقول "خلوها تخيس"؟!