لم يكن الكشف عن إحباط الأجهزة الأمنية الأردنية، المستيقظة دائماً وأبداً، عملية إرهابية إيرانية كانت بالتأكيد تستهدف مواقع حساسة في الأردن مفاجئاً ولا مستغرباً، فإيران، التي استغلت رداءة الأداء الأميركي والسيطرة على العراق، ثم السيطرة على سورية، وبالطبع على لبنان، دأبت على استهداف هذا البلد، المملكة الأردنية الهاشمية، وستكشف الأيام المقبلة أن هذه المحاولة "الفاشلة" كانت سبقتها محاولات كثيرة جرى السكوت عنها تحاشياً للتصعيد مع دولة من المفترض أنها دولة "صديقة" لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي لا تتدخل في شؤونها الداخلية.

Ad

الآن مضى على سيطرة إيران على سورية، بعد سيطرتها على العراق، أكثر من أربعة أعوام، ولعل ما حان وقت قوله هو أن الإيرانيين من خلال أجهزتهم الأمنية وفيلق القدس التابع لحراس ثورتهم دأبوا على محاولات إيصال "مرتزقة" حزب الله و"داعش" إلى حدود الأردن مع سورية ومع العراق، لكن كل هذه المحاولات فشلت بالطبع بفضل يقظة الأجهزة الأمنية الأردنية وكفاءة القوات الأردنية المسلحة – الجيش العربي.

وبالطبع فإن إيران، التي تنفذ توجهاً معداً ومرسوماً منذ عشرات الأعوام لإغراق كل هذه المنطقة في العنف والفوضى، ستكرر السعي لاختراق الأردن بالعديد من المحاولات، كهذه المحاولة الفاشلة الأخيرة التي تم إحباطها قبل نحو ثلاثة أشهر، فدولة الولي الفقيه ترى أن كل الدول العربية القريبة والبعيدة ليست دولاً مجاورة شقيقة وإنما مجالات حيوية لها، وهذا يعني أنه من السذاجة والغباء المراهنة على إمكان إقامة علاقات مع هذه الدولة في هذا العهد وفي هذه المرحلة على أساس الأخوة والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

لقد حاول الأردن كثيراً فتح أبواب التفاهم مع إيران على أساس التكافؤ والندية وليس التبعية، لكنه لم يستطع تحقيق أي تقدم ولو قيد أنملة، فطهران لا تريد علاقات صداقة تقوم على حسن الجوار والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بل تريد مجالات حيوية لـ"ثورتها" الزاحفة، وأتباعاً، وأن تكون نهاية كل الدول العربية القريبة والبعيدة كنهاية العراق وسورية ولبنان.

وهذا، وبخاصة بعد هذه المحاولة الإرهابية، ما يجب أن يفهمه "السُّذج"، وهم أقلية غير مؤثرة، ولا رأي لهم في رسم السياسات العليا، والذين حاولوا باستماتة أخذ الأردن إلى الدائرة الإيرانية على حساب علاقاته الأخوية مع غالبية الدول العربية الشقيقة، وبحجة تافهة وغير صحيحة هي أن مستقبل هذه المنطقة هو مستقبل إيراني، وأنه على من أراد أن يكون جزءاً من المستقبل ألا يتردد في وضع نفسه في القاطرة الإيرانية!

وهكذا فإن المفترض أنه ما عاد من الممكن، بعد هذا الذي حصل، السكوت عما يقوم به هؤلاء "السماسرة" الفاشلون الذين لا يرون أبعد من أرنبات أنوفهم، والذين حاولوا في ما اعتبروه مرحلة رمادية أن يظهروا بأحجام أكبر كثيراً من أحجامهم الفعلية.

لقد كانت حقيقة إيران وحقيقة نواياها معروفة ومكشوفة حتى قبل هذه المحاولة الغادرة، لكن ومع ذلك فإنه كان بالإمكان تحمُّل ما كان يروج له هؤلاء المؤلفة قلوبهم، لكن الآن فإنها جريمة ترتقي إلى مستوى جريمة الذين حاولوا استهداف الأردن الوطن والشعب بأن يبقى هؤلاء يروجون لبضاعتهم المسمومة الفاسدة.