أي فكر استطاع تنظيم "داعش" زرعه في عقول الآلاف من الشباب؟ وكيف نفذ هذا البغدادي النكرة إلى قلوبهم ليصبح خليفةً للمسلمين، وهو لا يعرف عنه سوى اسمه من خلال بعض التسجيلات الصوتية التي لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة وفيديو يتيم؛ ليبايع على السمع والطاعة، وتنفذ أوامره وأوامر أمرائه دون تردد، والضحية مصلون آمنون في بيوت الله وقتلى أبرياء ذبحوا على الهوية ومن ذوي القربى.  

Ad

قضية "داعش" وتوابعها اليوم أكبر مما يحلو للبعض إظهارها عليه، وهي أنها صراع بين حاكم ظالم وشعب مظلوم، أو أن أرض الجهاد المزعومة محصورة في أرض العراق والشام، بل الهدف منها تفكيك كل بلاد المسلمين وأولها دول الخليج التي أضحت مرتعاً لهذا الفكر المنحرف نتيجة لوجود التغذية الذاتية لمشايخ الفتنة.

 "الحاجة لولو" أو أم حسام المرأة المتدينة والحافظة لكتاب الله والتي تربطني بأسرتها الكريمة علاقة صداقة، وبالمناسبة لقب "لولو" هو الاسم الذي يطلقه عليها إخوتها وأخواتها حباً لشخصها الذي يملأ المكان حبا وحناناً، وهذا ما أكده الحديث معها رغم أنه كان عن الدين؛ أفيون الشعوب.

 الحاجة لولو التي يدور حولها عنوان المقال بسيطة وغير متكلفة، والإجابة عندها في غاية البساطة، فقد استطاعت أن تشرح ما آلت إليه أحوال الأمة من فرقة بسبب الغلو وترك مفهوم السماحة كمنهج رباني إلى مجموعة من المنحرفين، وما يطلق عليهم دعاة التأويل والتكفير، كما جاء في محكم كتابه العزيز "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ". (سورة آل عمران الآية السابعة).

مسكينة هي الشعوب التي حلمت بالحرية والديمقراطية فلم تجنِ منها إلا كابوس القتل والتشريد والهوان، فلا الحاكم مشى ولا الشعب تحرر، وبدلاً وعوضاً عن ذلك دخلت دبابات وطائرات الأجنبي ومفخخات الحور العين.

ليس من الغريب أن تتغير قواعد اللعبة في كل مرة رغم تغير الجلاد والضحية، فمن الباب نفسه الذي يخرج منه الأميركيون يدخل الروس، ومن الباب نفسه الذي تجنح فيه الشعوب للسلام ابتغاء وقف حمام الدم نسمع بفتوى النفير العام لتجدد معها أنهاراً منه.

المحزن بعد مرور تلك السنوات العجاف التي عصفت بالشعوب العربية مازلنا لم نفهم أن ربيعنا صناعة العدو، والهدف منه تفكيكنا وتوزيعنا على قواعد لعبته الجديدة وفق مصالحه ضمن معطيات عرقية ومذهبية ستحملنا إلى مزيد من الدمار مع غياب لصوت العقل الذي جنّ هو الآخر.

ودمتم سالمين.