آخر مجلس أمة أكمل مدته الاعتيادية هو مجلس (1999م– 2003م)، وقبله مجلس 1992م، وما أتى بعد 2003م إما حُل أو أُبطل من المحكمة الدستورية، وما لم يعاصره الكثيرون هو الطابع الخاص لأسلوب عمل النواب في السنة الرابعة والأخيرة من عمر مجلسهم، قاعة عبدالله السالم تنقلب إلى خيمة انتخابية كبيرة لكل نائب يطمح إلى حجز مقعده في المجلس القادم.

Ad

في السنة الرابعة يحاكي النواب الصامتون تشرشل في خطاباته الجماهيرية، والحكومة تفقد زمام الأمور داخل المجلس لأن القضية لدى نوابها "التشرشليين" وصلت إلى مرحلة "أعود أو لا أعود"، فإما تلبية جميع طلباتهم أو لبس الخوذ استعداداً لغارات الجبهات النيابية التي تتكثف تحت راية المصالح المشتركة، ولا بأس من "تطيير" وزير أو أكثر كي تفهم الحكومة أن الوضع مختلف.

النواب وخصوصا من لديهم أوضاع انتخابية "حرجة" ليس أمامهم غير شرب "حليب اسباع"، أو تجرع مرارة الهزيمة المؤكدة، فوضعهم اليوم مختلف كلياً عما سبق، ذلك أن منافسيهم من الخارج ليسوا بحاجة إلى خيام وندوات وموعد لبدء الحملة الانتخابية وصحف ورقية وإعلانات في الشوارع، لأن المنافس يبدأ في اللحظة التي يقرر فيها خوض الانتخابات بحساب في "تويتر"، ومكتبة أفلام في "اليوتيوب" يدشنان حضوره الفعلي على الساحة، والباقي مرهون بجهده الاجتماعي وفرصه المنطقية للفوز.

 كل ما سبق نصفه مرتبط بمعطيات الماضي لمجالس قديمة، والنصف الثاني متداخل مع معطيات جديدة لم تختبر مع مجلس مرشح للبقاء حتى النهاية، مع تأكيدنا أن الجوهر واحد وهو الحماس النيابي المتوقع للعودة إلى الكرسي الأخضر.

المجلس الحالي وضع أمام فوهة مدفع السياسة التقشفية التي تسعى الحكومة إلى تطبيقها على حساب المواطنين قريبا، فهل سيكون نوابه مثل نواب السنة الرابعة الشرسين؟ أم سيواصلون دورهم الطليعي في تمرير كل ما يأتي من الحكومة ولو على حساب بقائهم؟ الجواب غير مهم لأن خطوة الحكومة إن تمّت فستكون تداعياتها بحجم الوطن، وهذا هو الأهم.

قد تكون المسألة مجرد اختبار كعادة الحكومة، وقد تكون لعبة ظريفة ينتصر فيها مجلس الأمة على خصم سينفي رسميا وجود أي توجه لتقليص "الدعوم" المقدمة للمواطنين، المهم أن على هذه الحكومة وأي حكومة ستسير على نهجها نفسه إدراك أن مخاطر المضي في سياسة تقشفية تستهدف المواطن فقط دون معالجة أوجه الهدر في الإنفاق الحكومي ومحاربة الفساد ستكون عواقبها وخيمة وغير متوقعة.

نعلم أن حكومتنا لا تقرأ التاريخ، ولا تتعلم كثيرا من تجاربها، ولكن هذه المرة فقط عليها قياس مؤشرات الحاضر ودراسة الحلول البديلة التي تنتهي عادة بالمواطن ولا تبدأ به، والأمر ما زال بيدها، فالملفات متراكمة والنفوس "حد أعلى" وسبل توصيل المعلومات وتبادلها لا يمكن "صنبرتها" ولو بمليون صنبور.

في الختام أقول لمن بالغوا في التنازل عن حقهم في الانتقاد بغية تحقيق الاستقرار الوهمي، نحن مقبلون على صراع طبقي مختلف تغذى لسنوات على ملفات متراكمة وإخفاقات متواصلة، وقضم متعمد للطبقة الوسطى، فهل ستواصلون إرسال الرسائل الخاطئة نفسها بأنكم الحاضنة الدائمة للإجراءات الحكومية أيا كانت وللأبد؟

الفقرة الأخيرة:

 2016م لقد بدأت بحبك دون أن أعرف السبب ولا أريد، كل عام وأنتم بخير.