قوانين جديدة يحتاج إليها «الاحتياط الفدرالي»
وفقاً للأهداف الإجمالية لمجلس الاحتياط الفدرالي، يمكن أن يكون تشديد السياسة النقدية عبر رفع معدلات الفائدة، خطوة منطقية ومعقولة في اقتصاد الوقت الراهن، ولكنها تبدو غريبة في سياق ما أعلنه المجلس من أهداف تتمثل في تقليص معدل البطالة وبلوغ معدل تضخم يصل إلى 2%.
السؤال الأكثر أهمية لدى مجلس الاحتياط الفدرالي الأميركي وفي أوساط مراقبيه حول العالم هو متى سوف يرفع معدلات الفائدة، فطوال أشهر كان ذلك البنك المركزي يشير الى أنه مع بداية زوال تأثيرات الأزمة المالية العالمية سيعمد في وقت قريب – ربما في سبتمبر المقبل – إلى اتخاذ مثل تلك الخطوة، ويقول نائب رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي السابق آلان بلايندر إن كل شخص يهتم بقدر كبير بمسألة التوقيت.ولذلك يتعين علينا أن نركز بعض ذلك الاهتمام على قضيتين اخريين يجب طرحهما أمام مجلس الاحتياط الفدرالي، الأولى تتعلق بإطار عمل السياسة ضمن الخطوات التي يتخذها ازاء معدلات الفائدة، والثانية هي طريقة إعلانه عنها وتواصله معها.إن تشديد السياسة النقدية من خلال رفع معدلات الفائدة يمكن أن يكون خطوة منطقية ومعقولة في اقتصاد الوقت الراهن، وفقاً للأهداف الاجمالية لمجلس الاحتياط الفدرالي، ولكنها تظل خطوة غريبة، على أي حال، في سياق ما أعلنه المجلس من أهداف تتمثل في تقليص معدل البطالة وبلوغ معدل تضخم يصل الى 2 في المئة. وتجدر الاشارة الى أن معدل التضخم يبلغ الآن أقل من 2 في المئة، وبحسب بلايندر فإن مجلس الاحتياط الفدرالي لا يتوقع له أن يرتفع الى 2 في المئة حتى سنة 2017.ويظن بعض الجمهوريين أنه يتعين على الكونغرس تقديم اطار عمل الى مجلس الاحتياط الفدرالي، وثمة رؤية تقول بأن على مجلس الاحتياط الفدرالي أن يتبع " قانون تايلر" (نسبة الى جون تايلر الاقتصادي في ستانفورد) والذي يقول إن معدلات الأموال الفدرالية يجب أن تتحدد وفقاً لصيغة تشمل التضخم ومعدلات الفائدة الحقيقية في الأجل الطويل والفجوة بين الانتاج الفعلي للاقتصاد والانتاج المحتمل، ويمكن أن يصبح تصرف مجلس الاحتياط الفدرالي عندئذ قابلاً للتكهن بقدر أكبر، ومن الممكن في تلك الحالة رفع أو خفض معدل الأموال الفدرالية وفقاً لتلك الصيغة.يذكر أن مجلة الإيكونوميست البريطانية انتقدت في الآونة الأخيرة فكرة اتباع الصيغة السالفة الذكر، وجادلت في أن قانون تايلر يفضي الى عوائق، وقالت المجلة إن على مجلس الاحتياط الفدرالي أن يستمر في ممارسة التعقل والحذر ازاء السياسة النقدية. ولكن القول بأن البنك المركزي، الذي يتصرف على هواه، يمكن ان يحقق أداء أفضل من أداء من يعمل وفقاً لقانون تايلر لا يعني أنه سيتمكن من تحقيق ذلك الهدف، ثم إن قانون تايلر ليس القانون الوحيد الممكن، ويمكن لمجلس الاحتياط الفدرالي أن يعمد بدلاً من ذلك الى إبقاء النمو ضمن انفاق اسمي – أي مبالغ الدولارات الاجمالية التي تنفق في كل سنة على الاستهلاك والاستثمار – عند نسبة مئوية محددة سنوياً. ولن يضطر ذلك الأسلوب الى جعل المجلس يقدم تقديرات خاصة حول فجوة الانتاج أو معدلات الفائدة في الأجل الطويل، كما أنه يمكّن من تحقيق درجة أعلى من التوقع، وتشير دراسة حديثة الى أنه سيحقق أداء أفضل من استهداف التضخم أو قانون تايلر، وخاصة في ضوء عدم اليقين إزاء تلك القيم.وسواء اعتمد مجلس الاحتياط الفدرالي، أم لم يعتمد قانون الانفاق الاسمي – أو أي قانون آخر – فإنه يستطيع أيضاً جعل منطقه أكثر وضوحاً. وسيتعين عليه بصورة منتظمة تقديم ومشاطرة تقديراته حول معدلات الفائدة في الأجل القصير.وعندما يريد مجلس الاحتياط الفدرالي تحفيز الاقتصاد، فإنه يحاول خفض معدلات الفائدة الى أقل من مستوى التوازن أو المعدل الطبيعي، وعندما يريد كبح الاقتصاد فإنه يحاول رفعها فوق ذلك المستوى... ولكنه لا يحدد هذا المستوى على أي حال.إن مشاطرة التقدير، حتى عندما تغطي مدى معيناً، يمكن أن تجعل عمل مجلس الاحتياط الفدرالي اكثر سهولة بشكل فعلي، وخلال السنوات القليلة الماضية –على سبيل المثال – اتهم مجلس الاحتياط الفدرالي بمعاقبة الموفرين والقيام بعمليات "قمع مالي" عن طريق ابقاء معدلات الفائدة منخفضة، ولكن تصرفاته كانت مبنية بجلاء على فكرة أن معدلات الفائدة الطبيعية عند النقطة الدنيا من الركود كانت سلبية، ويعني هذا القول إعطاء منظور حول ما إذا كانت سياسة مجلس الاحتياط الفدرالي فضفاضة، كما كان الاعتقاد بصورة عامة، وكما جادل خبير الاقتصاد ديفيد بيكورث.كما أن من شأن ذلك أن يوضح كون حالة الاقتصاد – وليس سياسة مجلس الاحتياط الفدرالي – المسؤولة عن العوائد المتدنية للتوفير.ولا يعني ذلك اعفاء مجلس الاحتياط الفدرالي من المسؤولية بصورة تامة، لأن سياسته تؤثر على المعدلات الطبيعية، ولكن نشر مثل تلك التقديرات سوف يساعد على توضيح الجدل حول قرارات الماضي والمستقبل.ومن غير المحتمل أن يقدم مجلس الاحتياط الفدرالي – في الأجل القريب على اعتماد هدف الانفاق الاسمي أو طرح تقديرات حول معدلات الفائدة الطبيعية في الوقت الحقيقي، ولا يتسرع البنك المركزي في عملية التغيير، وهو محصن في وجه الضغوط، ولكن مجلس الاحتياط الفدرالي لا يملك سجلاً جيداً بشكل خاص، سواء بالنسبة الى تاريخه البعيد أو في السنوات الأخيرة، وهذا ما يستدعي احداث تغيير في بعض ممارساته ودفع حكامه إلى قواعد ملائمة بقدر أكبر.